استقالة ظريف.. زيارة الأسد أم صراع داخلي

  • 2/26/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شكّلت استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مفاجأة كبيرة لأكثر المتابعين للشأن الإيراني، لاسيما لكونه أبرز مهندسي الاتفاق النووي عام 2015، لكنه في المقابل العدو اللدود للجناح المتشدّد في تيّار المحافظين، وما انفكّ يتعرّض لانتقادات متزايدة منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتّفاق في مايو 2018. لكن غموض الأسباب حول الاستقالة فتح المجال لقراءات عديدة بين ما هو متعلق بالشأن الداخلي الإيراني، وما هو ملتصق بالتداخل بين العسكري والسياسي في السياسة الخارجية الإيرانية. ورجحت وسائل إعلام إيرانية أن يكون الصراع الحزبي هو السبب، في حين ذهبت أخرى إلى الاعتقاد بأن زيارة الرئيس السوري لطهران هي السبب. مراقبون محليون أعربوا عن دهشتهم إزاء توقيت الإعلان عن الاستقالة المفاجئة، الذي جاء قبيل منتصف الليل، ما اثار جدلا مكثفاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الأسباب والدوافع في ظل ظروف صعبة تعيشها إيران سياسياً واجتماعياً مع عودة العقوبات الاميركية المشددة، واتفق الجميع على أن استقالته قد تعني نهاية سريعة للاتفاق النووي. ماذا حصل؟ كتب ظريف على انستغرام: «أعتذر لكم عن كل أوجه القصور في السنوات الماضية خلال تولي منصب وزير الخارجية.. أتوجه بالشكر للأمة الإيرانية والمسؤولين». ودعا ظريف الدبلوماسيين في الخارجية الى البقاء في مناصبهم ومواصلة عملهم في الدفاع عن مصالح إيران، وذلك بعد شائعات مفادها أن عددا كبيراً من الدبلوماسيين يستعد للاستقالة دعماً له في حال قبِل الرئيس روحاني استقالته. وأعرب ظريف عن أمله في أن تشكل استقالته «تنبيهاً لعودة وزارة الخارجية الى مكانتها القانونية في العلاقات الخارجية». رفض رئاسي ■ أعلن المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي أن الرئيس حسن روحاني لم يقبل استقالة وزير الخارجية. ■ نقل محمود واعظي، رئيس مكتب رئيس الجمهورية، عن روحاني قوله «إيران ليس لديها سوى سياسة خارجية واحدة فقط ووزير خارجية واحد». ■ قال روحاني إن «نجاح السياسات الإقليمية الإيرانية يتوزع بين الحرس الثوري ووزارة الخارجية وقدرات اقتصاد البلاد»، وتوجه بالشكر لظريف «الذي تحمل كل الضغوط وصمد في الخط الأول للمواجهة»، مشيراً إلى أن «بشار الأسد وجه خلال لقاءاته في طهران شكراً خاصاً لظريف». ■ قال علي رضا رحيمي، عضو الهيئة الرئاسية في البرلمان، «ليس هناك ظريف ثان، فالشخص الذي سيحلّ مكانه إن تأكدت استقالته، إما أن يطيع الإدارة الضارة أو يقضي على بعض المكاسب باسم الثورة». ■ طالب 150 نائباً في البرلمان، الرئيس روحاني، بعدم الموافقة على قرار استقالة ظريف، وقال أغلب النواب انهم يريدون بقاء ظريف على رأس مهامه. ردود خارجية ■ أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنّه «أخذ علماً» باستقالة نظيره الإيراني، معتبراً أن ظريف وروحاني واجهة لـ«مافيا دينية فاسدة». وقال في تغريدة على تويتر: «سنرى ما إذا كانت هذه الاستقالة ستصمد، نحن نعرف أنّ خامنئي هو صاحب كل القرارات النهائية». ■ استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، مثلا عربياً قديماً يُستخدم في الدعاء على «الغائب بعدم الرجوع»، حيث قال: «إلى حيث ألقت». وأضاف في بيان مكتوب «رحل ظريف.. إلى حيث ألقت، ما دمت أنا هنا، فلن تمتلك إيران أسلحة نووية». لماذا استقال؟ ■ استقال ظريف بالتزامن مع زيارة مفاجئة قام بها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران هي الاولى العلنية منذ اندلاع الأزمة في بلاده؛ حيث التقى كلاًّ من المرشد علي خامنئي والرئيس روحاني، من دون حضور وزير الخارجية، في ما بدا لافتا حضور الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري. ■ نقل موقع «انتخاب» المقرب من الحكومة الإيرانية والرئيس حسن روحاني، عن ظريف قوله: «بعد صور اجتماعات اليوم (بين خامنئي وروحاني وسليماني مع بشار الأسد في طهران) لا تبقى مصداقية لجواد ظريف كوزير خارجية إيران في العالم»، في تصريح يشير إلى أنه لم يكن على علم باللقاء. ■ قال الصحافي الإيراني حسين دليران من وكالة «تسنيم»، المقربة من الحرس الثوري، إن «ظريف لم يحضر اجتماعات المسؤولين الإيرانيين اليوم مع بشار الأسد في طهران». ■ وكالة «فارس» الإيرانية المقربة من الحرس الثوري، نقلت عن مصدر داخل وزارة الخارجية، قوله ان سبب الاستقالة يعود إلى عدم التنسيق معه من كبار مسؤولي رئاسة الجمهورية لحضور لقاء الرئيس روحاني مع نظيره السوري». السم القاتل ■ وكالة فارس تحدثت عن خلافات برزت خلال الأشهر الأخيرة في بعض القضايا والقرارات بين ظريف وروحاني، وأن الخلافات في وجهات النظر هذه كانت تنسحب أحيانا إلى جلسات الحكومة. ■ النائب في مجلس الشورى، أحمد علي رضا بيكي، صرح بأن ظريف قدم استقالته منذ أكثر من شهرين، لأكثر من مرة، ولا علاقة لذلك بزيارة الأسد. – تعرض ظريف لهجوم من المحافظين المناهضين للغرب في إيران بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وأعادت فرض العقوبات التي كانت قد رفعت بموجب الاتفاق. ■ قال ظريف في مقابلة مع صحيفة الجمهورية الإسلامية (اجريت قبل اعلان الاستقالة) إن الصراع بين الأحزاب والفصائل في إيران له تأثير «السُّمّ القاتل» على السياسة الخارجية، وأضاف أنه «يتعيّن علينا أولاً أن نبعد سياستنا الخارجية عن قضية صراع الأحزاب والفصائل». ضربة للاتفاق النووي وهدية للقوى المتشددة كتبت صحيفة الغارديان البريطانية ان استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تعني خسارة أحد كبار المؤيدين للمفاوضات الأميركية ـــ الإيرانية، لأنه كان المفاوض الرئيسي لإيران في الاتفاق النووي، وأنه إذا قبلت استقالته فسيكون ذلك بمنزلة مسمار كبير آخر في نعش الاتفاق الذي أوشك على الانغلاق. وقالت الصحيفة إن رحيل هذا الحليف الوثيق لرئيس الجمهورية حسن روحاني، في وقت من الضغوط السياسية المكثفة، سيكون ضربة قوية. وأضافت أن رد فعل المرشد الأعلى علي خامنئي هو الذي سيحدد مصير ظريف، وكان قد هدد بالاستقالة من قبل بعد أن تعرض الاتفاق النووي لانتقادات متواصلة من قبل المتشددين، ولكن لم يحدث ذلك علانية. وذكرت أن السبب المباشر لاستقالته المفاجئة، التي أعلنها عبر موقع انستغرام كانت، كما قال هو، بسبب عدم دعوته إلى لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، عندما زار طهران الاثنين، وحسب بعض الروايات أنه لم يُبلغ مسبقاً عن الزيارة. وألمحت الصحيفة إلى أن ظريف شارك في اجتماعات سابقة مع الأسد، وأن استبعاده من قائمة المدعوين كان بمنزلة زجر واضح، ويبدو أيضا أنه يشير إلى تقليل أهمية وزارة الخارجية ودفاعها عن الانفتاح على العالم ومواصلة الثقة في الاتفاق النووي. ومن جانبه، وصف جمال عبدي، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي ــ وهو مجموعة مناصرة للدبلوماسية ــ استقالة ظريف بأنها «هدية للقوى المتشددة في طهران، التي تعارض خطة العمل المشتركة والمزيد من الارتباط بالغرب». الأسهم تهبط ألفي نقطة دفعت استقالة ظريف إلى تراجع في مؤشر بورصة طهران، ليفقد نحو 2082 نقطة في التعاملات الصباحية. وبحسب شاشة عرض الأسهم وتحركات السوق، تراجعت بورصة طهران بنسبة تجاوزت %1.26 أو 2082 نقطة، إلى 164.711 ألف نقطة.

مشاركة :