سمير عطا الله: «كاتب لبناني مخضرم»

  • 10/6/2013
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اكتشفت – والكلمة هنا بمعناها التام – أنه يعرِّف بي في العدد الإلكتروني من الجريدة بكوني «كاتبا لبنانيا مخضرما». وقبل أشهر أشرت إلى نفسي بالكهل، فإذا بمسؤول التحرير يصححها إلى «العجوز»، استنادا إلى تاريخ الولادة وسنوات المهنة. وكنت أعتقد أن كلمة كهل في حد ذاتها حكم قاس، فإذا بالمسؤول يستأنف الحكم، ويطلب لي الإدانة بالعجز! أي تسمية ملطفة سوف تكون مضحكة. فالأعمار حكمه تعالى وحده، وليس لمسؤول التحرير أكثر من أن يدقق في الفئة العمرية، فيستأنف عن قاضي الدقة، ويرفعني من كهل إلى عجوز. وهو أيضا من يضيف إلى «ثورة 17 أكتوبر» التي عُرف بها الرفيق الممجد فلاديمير ايليتش لينين، ترجمتها العربية «ثورة 17 تشرين الأول»... شكرا. ذات مرة التقينا في عشاء لتكريم الدكتور عبد الرحمن اليوسفي، فتقدم منه رفيق النضال القديم الأستاذ محمد كشلي وقال: «هل تتذكر أيام...؟». تدخلت مقاطعا، وقلت حرام عليك يا رجل، لقد مضى عليه سنوات في رئاسة الوزراء وهو يحاول أن ينسى تلك الأيام، وانفجر الرئيس اليوسفي ضحكا. «كاتب لبناني مخضرم» تعريف أتمنى أن يحذف منه كلمتان والإبقاء على صفة كاتب، أجمل نعت حملته في حياتي، وصفة وحيدة سعيت إليها: لكنني أمضيت العمر أتمنى أن أوصف بكاتب عربي، برغم الهوية التي ولدت عليها. وهذا لا يعني أنني أريد أن أستبدل صومالي بلبناني، إلا أنني، كأي مخضرم آخر، أو عجوز آخر، أفضل أن أنسب إلى سنوات الصحافة العربية وليس إلى مواليد المستشفى الفرنسي في بيروت، أيام الانتداب. الصفة الأخرى، مخضرم، من خضرم، من خضرمة، من كان أخضر وجفت خضرته، من عاش في عصر ودخل في آخر، لا دلالة فيها إلا دلالة السن. يمكنك القول أيضا إن عبد الرحمن الحلاب (وأولاده) بائع حلويات مخضرم. وكذلك البحصلي. كذلك السيد سعد الدين الذي تحمل حلوياته الاسم نفسه. لكن الثلاثة يقدمون للناس حلويات طازجة لا مخضرمة. ويحاولون (ثلاثتهم) التجديد في صناعة البقلاوة وإدخال الرهافة الغربية على السمن الحموي، حتى أن البحصلي يسمي آخر مخترعاته «بحصلينو». بمعنى عراقة بيروتية وحداثة من نابولي، مدينة صوفيا لورين، أشهر حلوياتها حتى اللحظة. يا لك من حلوى مخضرمة يا عزيزتنا صوفيا. أما أنا فمجرد مخضرم وكاتب لبناني. وقد أمضيت سحابة من هذا العمر أنتقد «اللغا اللبنانيي» التي طلع بها سعيد عقل، بديلا للغة الأرض والسماء. ولم ينفعني ذلك في شيء. لعل الهدف من تحديد الهوية هو ضرورة في هذا البستان العربي الفسيح مثل حدائق بغداد أيام الرشيد. وهي مناسبة لإرسال التحية إليهم جميعا، وتهنئة علي سالم بالسلامة. في غيابك نفتقد متعة السيناريو.

مشاركة :