فيما بدا تجسيدا جديدا لحالة التخبط التي يعيشها نظام الملالي ومشروعه الفوضوي، اعلن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف استقالته من منصبه، ما يؤكد قوة التصدعات التي تضرب نظام ولاية الفقيه الحاكم بطهران، وعمق الصراعات بين اطرافه وفصائله. وتأتي استقالة ظريف مع تزايد الضغوط على إيران، بعد إعلان مسؤول بالاتحاد الأوروبي، إنهم بدأوا إجراءات إدارية لتمديد العقوبات المفروضة على طهران بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدًا أن العقوبات الحالية تنتهي يوم 13 أبريل المقبل وسيتم تمديدها بشكل قانوني. فظريف ليس إلا واجهة لمافيا دينية فاسدة، حسبما علق وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على استقالة نظيره الإيراني التي أتت كنتيجة لما وصفه الرجل نفسه بـ”سم الانقسامات السياسية” في أضابير دبلوماسية الملالي، ما أثار الكثير من الجدل منذ إعلانه عن ترجله بشكل مقتضب عبر تطبيق أنستقرام. واعتبر بومبيو في تغريدة عبر موقع تويتر أن المرشد الإيراني علي خامنئي هو من يتحكم بالقرارات النهائية، في الوقت الذي لا تزال استقالة ظريف نفسها رهن الانتظار حتى الآن بل ربما يتراجع عنها كما حدث في استقالة سابقة عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو الماضي. وينعت نشطاء إيرانيون ظريف بـ”الكاذب” عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ فيما كان من المرتقب أن يقابل بمظاهرة حاشدة لمعارضين إيرانيين، أمام أبواب منظمة الأمم المتحدة احتجاجا على حضوره اجتماع أممي حقوقي. ويعد معارضون إيرانيون أن وزير خارجية طهران المستقيل له دور واضح في تبييض وجه نظام ولاية الفقيه المتورط في حملات قمع واسعة النطاق لنشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان على مدار سنوات، فضلا عن دعمه الوجود العسكري الإيراني لتنفيذ خطط تخريبية خارج الحدود. وجاءت استقالة ظريف على نحو مفاجئ للغاية وسط حديث متواتر في الأوساط الإيرانية أنها ناجمة عن خلافات داخلية في حكومة حسن روحاني، حيث اعتذر وزير الخارجية المستقيل للإيرانيين عما وصفه بأوجه قصور في ملفات السياسة الخارجية الإيرانية. ويعد جواد ظريف (59 عاما) أحد أبرز وزراء حكومة طهران، حيث تولى حقيبة الخارجية في مطلع الولاية الأولى لحكم الرئيس الإيراني حسن روحاني (2013 – 2017)، قبل أن يعاد تعيينه في منصبه بعد فوز روحاني بولاية ثانية. ولعب ظريف المعروف بدفاعه المتواصل عن سياسات عدائية تمارسها مليشيات إيران إقليميا ودوليا، دورا حاسما في الحفاظ على مكاسب تلك المليشيات المتمركزة في بلدان مجاورة وذلك على هامش مباحثات دولية حول البرنامج النووي المثير للجدل، في يوليو عام 2015، باعتباره كبير مفاوضي بلاده حينها. وواجه محمد جواد ظريف الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في عمر 17 عاما للحصول على تعليم راقٍ هناك، انتقادات حادة من معارضين إيرانيين في المهجر بسبب انخراطه لاحقا في الدعاية لأجندة نظام المرشد الإيراني من حيث نهجه المعادي للغرب طوال عقود. وخدم وزير الخارجية المستقيل من منصبه في موقع مبعوث طهران لدى الأمم المتحدة خلال الفترة بين عامي 2002 إلى 2007، في الوقت الذي تعرض قبل أيام لهجوم من مغردين ومشاهير إيرانيين أبرزهم فوريا غفوري لاعب المنتخب الإيراني لكرة القدم. ثمة انتقادات شعبية حادة واجهها ظريف على خلفية تفاخره بتعرض بلاده لضغوط خارجية نتيجة تواجدها عسكريا خارج الحدود، حيث اعتبر نشطاء أن هذه السياسات التخريبية سبب مباشر في أزمات الاقتصاد المتدهور داخليا. وذكرت وسائل إعلام إيرانية محلية أن أسباب استقالة ظريف تأتي تزامنا مع تغييبه عن حضور زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى طهران للقاء المرشد خامنئي والرئيس روحاني، حيث من المعروف عن ظريف دعمه العلني للتدخل العسكري في دمشق. ويرى مراقبون أن لظريف خلافات شديدة مع جنرالات مليشيا الحرس الثوري الإيراني حول كيفية إدارة نفوذ طهران في دول المنطقة التي تتموضع بها مليشيات عسكرية مدعومة رأسا من نظام الملالي. ويشتهر ظريف بين مناصريه بـ”جندي الدبلوماسية الإيرانية” حيث عمل طوال سنوات على تحقيق إنجازات لخدمة أجندة طهران العدائية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي أبرزها الاتفاق النووي مع دول 5+1 قبل 4 سنوات. وبرز دوره الأساسي في تحريك أنشطة لوبيات موالية لطهران في الغرب، للترويج دعائيا لصالح سجلها الدموي والتخريبي في دول سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان وغيرها. ويعد “المجلس القومي للإيرانيين في أمريكا” المعروف اختصارا بـ (ناياك) أحد أشهر اللوبيات الإيرانية التي ساهم في تأسيسها ظريف بواشنطن خلال توليه منصبا دبلوماسيا رفيعا بالأمم المتحدة لـ 5 سنوات. وانحصر دور هذا اللوبي في مد علاقات مع سياسيين وكذلك غرف فكرية موالية لسياسات إيران منذ سنوات حكم الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد (2005 – 2013)، وذلك بغية تسويق طهران إعلاميا كشريك في الحرب على الإرهاب والقبول بدورها العدائي في المنطقة. وأدى وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم في عام 2017، إلى تغييرات واسعة في معادلة اتخاذ القرار داخل الولايات المتحدة، انتهت بالانسحاب من الاتفاق النووي، وفرض حزمتي عقوبات ضد نظام طهران هي الأقسى تاريخيا، إلى جانب تصنيف العديد من الكيانات والمؤسسات الإيرانية على القوائم السوداء إرهابيا. وقال علي نجفي خوشرودي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان إنه وقع الخطاب ويجمع توقيعات إضافية. من جانبها، أوردت وكالة أنباء فارس نقلا عن مصادر مطلعة أن دبلوماسيين إيرانيين هددوا بالاستقالة جماعيا من مناصبهم احتجاجا على استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، والأخير يطالبهم بعدم الإقدام على تلك الخطوة. وأظهر تقرير نشرته الوكالة امس “الثلاثاء” اعتزام عدد من كبار مسؤولي وزارة الخارجية في إيران تقديم استقالة جماعية بعد ساعات من إعلان ظريف استقالته من منصب وزير الخارجية. وفي السياق، كشف رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أن اللجنة سوف تعقد جلسة طارئة لبحث استقالة ظريف من منصبه، مؤكدًا وجود خلافات بين ظريف وعدد من مسؤولي الدولة. حسب ما نقلت وكالة تسنيم الإيرانية. وفى سياق متصل هبطت سوق الأسهم الإيرانية ألفي نقطة بعد أنباء استقالة ظريف، واستأنف الريال الإيراني رحلة الهبوط مجدداً بعد مرحلة من الاستقرار أمام العملات الأجنبية. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بهبوط الريال مجددا مقابل الدولار وسائر العملات الأجنبية، كما أن سعر سبائك الذهب في سوق الصرف الإيرانية شهد ارتفاعاً ملحوظا هو الآخر، وبلغ سعر الدولار الأميركي 140 ألف ريال مقابل الدولار الواحد مقارنة بـ120 ألفا في الأسبوع الماضي. كما وصلت قيمة السبيكة الذهبية حوالي 50 مليون ريال، وهي أعلى نسبة تسجل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. يذكر أن العملة الإيرانية شهدت موجة هبوط جديدة منذ الأسبوع الماضي بعد ما كان سعر الدولار يتراوح ما بين 120 ألفا و125 ألف ريال، لكنه هبط فجأة الخميس الماضي إلى 130 ألفا. مرتبط بومبيو
مشاركة :