تونس: المنجي السعيداني كشفت المؤسسة العسكرية والأمنية في تونس عن انتهاجها تنسيقا إقليميا ودوليا مع عدة دول مجاورة، وعلى مستوى دولي، في حربها ضد المجموعات الإرهابية المتشددة. وأقرت قيادات حكومية بصعوبة مواجهة آفة الإرهاب بصفة منفردة، ودعت معظم الدول المجاورة إلى اعتماد استراتيجية إقليمية ودولية لمواجهة هذه الظاهرة، وتبادل المعلومات بشأن التحركات المشبوهة للمجموعات الإرهابية. وقال رفيق الشلي، كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالملف الأمني، في تصريح لوسائل الإعلام أمس إن تونس لا تزال في حاجة إلى تجهيزات أمنية أكثر تطورا في حربها ضد الإرهاب. وأضاف لدى تفقده مجموعة من الوحدات الأمنية في منطقة الكاف (160 كلم شمال غربي تونس) أن «التجهيزات الأمنية تطورت خلال السنوات الماضية، ولكن تونس ما زالت في حاجة لتجهيزات أكثر تطورا حتى تؤمن مناطقها الحدودية بشكل جيد». وأكدت مصادر أمنية وعسكرية تونسية لـ«الشرق الأوسط» أن تنسيقا قويا على مستوى الاستعلامات والاستخبارات يجري مع الجانب الجزائري للوقوف على تحركات المجموعات الإرهابية، وكذلك مع دول الحوض الغربي للبحر المتوسط، خصوصا مجموعة «5+5». وفي هذا الشأن، قال بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، لـ«الشرق الأوسط» إن «تونس ستتلقى خلال النصف الثاني من السنة الحالية 8 طائرات هليكوبتر (يو إتش - إم بلاك هوك) أميركية الصنع، في نطاق خطة محلية لتدعيم قدرات المؤسسة العسكرية في تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية». وأضاف أن تونس كانت تعتزم اقتناء 12 طائرة هليكوبتر من نوع «بلاك هوك» بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 700 مليون دولار، إلا أن المواصفات التي طلبتها جعلت أسعار البيع مرتفعة، وهو ما فرض عليها التخفيض في العدد الإجمالي لتلك الطائرات. وأوضح الوسلاتي سرعة استجابة الجانب الأميركي للطلبات التونسية، وقال إن الولايات المتحدة الأميركية ستوفر الطلب التونسي في أقل من سنة واحدة وبمواصفات جد دقيقة وبتقنيات عالية تتماشى مع الواقع التونسي ومع تدريبات الجيش التونسي. وبشأن التعاون العسكري سواء منه الإقليمي أو الدولي، قال المصدر ذاته إن تونس منضمة إلى المجهود الدولي في محاربة آفة الإرهاب، وهي تنسق بشكل متواصل مع الجانب الجزائري في تصديها للمجموعات الإرهابية، وتتبادل مع عدة أطراف دولية معلومات استخباراتية بشأن تحركات الإرهابيين ومخططاتهم الإجرامية على، حد تعبيره. وتابع أن تونس تتعاون في هذا الأمر مع الجزائر وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى دول «5+5» الواقعة على ضفتي المتوسط. وعرفت موازنة وزارتي الدفاع والداخلية في تونس خلال السنة الحالية ارتفاعا بنحو 15 في المائة ضمن ميزانية الدولة، مقابل ارتفاع بنحو 3 في المائة فقط في الموازنة العامة للدولة للسنة الماضية، وستخصص هذه الزيادات بالأساس لتوفير وسائل العمل لقوات الأمن والجيش فضلا عن تخصيص الجزء الأكبر للتوظيف لهاتين الوزارتين وذلك بنحو 11 ألف انتداب، وهو ما يمثل أكثر من 50 في المائة من الانتدابات الحكومية خلال سنة 2015. وقدمت الولايات المتحدة الأميركية نهاية شهر أغسطس (آب) 2014 مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 60 مليون دولار أميركي لدعم قدرات الجيش التونسي في مواجهة المجموعات المتشددة الذين تهدد الأمن والاستقرار في البلاد. وقال الجنرال ديفيد رودريغيز، قائد قوات الولايات المتحدة في أفريقيا (أفريكوم) في مؤتمر صحافي سابق إثر زيارته إلى تونس، إن واشنطن ستخصص مساعدات بقيمة 60 مليون دولار لتونس، وهي عبارة عن أجهزة كاشفة للألغام والمتفجرات يدوية الصنع، وقوارب جديدة، إضافة لتوفير الرعاية الطبية الطارئة للجنود المصابين، ومجموعة من الدورات التدريبية موجهة للجيش التونسي. وفي سياق منفصل، رفضت تونس بشكل قطعي الحل العسكري للأزمة في ليبيا المجاورة، وقال الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي في مؤتمر صحافي عقده في تونس أمس مع نظيرة الإيطالي باولو جانتلوني، إن التدخل العسكري في ليبيا مرفوض، مناقضا في ذلك الموقف الإيطالي الذي أبدى استعداده للمشاركة في التدخل العسكري في ليبيا. وأكد البكوش على أهمية الحل السياسي في ليبيا وضرورة تجنب الحل العسكري ورفضه قطعيا. واعتبر البكوش أن الحل العسكري سيزيد من تعقيد الأزمة في ليبيا. ودافع البكوش عن قرار تخصيص تونس قنصليتين في بنغازي وطرابلس، وقال إنه قرار يراعي بالأساس المصالح التونسية. وأرجع هذا القرار إلى وجود عدد كبير من التونسيين موزعين على شرقي ليبيا وغربها. وأغلقت تونس سفارتها في طرابلس ومقر القنصلية في بنغازي منذ شهر يوليو (تموز) الماضي على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية هناك. وتتجه تونس نحو إرسال تمثيل قنصلي في العاصمة الليبية طرابلس حيث مقر المؤتمر الوطني العام وحكومة عمر الحاسي المدعومة من قوات «فجر ليبيا». كما تنوي في الوقت ذاته إرسال بعثة أخرى إلى طبرق شرقي ليبيا حيث مقر البرلمان المنحل بقرار من المحكمة الدستورية إلى جانب حكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه والمعترف بها دوليا. ويقوم وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي باولو جانتلوني الذي تدعم بلاده الحل العسكري في ليبيا، بزيارة إلى تونس لمدة يوم واحد هي الأولى من نوعها منذ 2011، وقد أجرى محادثات مع الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية، ومحمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب، والحبيب الصيد رئيس الحكومة، والطيب البكوش وزير الشؤون الخارجية، وياسين إبراهيم وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي. وأكد باولو جانتلوني على ضرورة بذل دول الاتحاد الأوروبي مجهودات استثنائية لمساندة تونس في رفع تحدياتها الاقتصادية والاجتماعية. وفي ما يتعلق بالشبان التونسيين المفقودين في إيطاليا، وهو أحد الملفات التونسية المهمة المطروحة خلال الزيارة، وعد الضيف الإيطالي بتقديم كل المعلومات المتوفرة لديه حول هذا الملف. يذكر أن 1500 تونسي مفقود منذ 2011 وتطالب عائلات وأمهات الشبان المفقودين بالكشف عن مصيرهم. وطالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في مؤتمر صحافي عقد بتونس العاصمة أول من أمس، بتشكيل لجنة تحقيق لمتابعة ملف المفقودين الذين شاركوا في رحلات الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا ولا تتوفر معلومات حول مصيرهم حتى الآن.
مشاركة :