الرجال قوَّامُون على النساء .. ولكن!

  • 2/28/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من آثار عقد الزواج الصحيح أنه يُرتب كل آثاره الشرعية، وتتمثل هذه الآثار في الحقوق المترتبة على هذا العقد، ولكلِ من الزوج والزوجة حقوق تجاه الطرف الأخر، ومن حقوق الزوج على زوجته حق (القوامة) وهي من أعظم حقوق الرجل؛ فهورب الأسرة الأول والمسؤول عن تدبير شؤونها، واستناداً إلى قوله تعالى ” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض” (النساء،34) ، ففي هذه الآية إثبات قوامة الرجل على المرأة، وولايته على تأديبها إذا خاف نشوزها، وتعني أن الرجل قيّم على المرأة وهو رئيسها وكبيرها، والحاكم عليها ومؤدبها إذا عوجّت. ولكن يخطئ الكثير من الرجال في مجتمعنا في تطبيق مفهوم القوامة؛ لسوء فهم معنى القوامة الصحيح ووظيفتها الشرعية، ويتعسفون ضد المرأة في استعمال هذا الحق، فالقوامة للرجل على المرأة كونه راعياً لها ومسؤولاً عنها وبأن له الكلمة العليا في المنزل؛ لأنه رب الأسرة وقائدها ، لكن لا تعني أبداً سلطة الرجل وتجبره على زوجته، حيث أمر الله سبحانه وتعالى بمعاملة النساء معاملةً حسنة، حيث قال في كتابه العزيز ” وعاشروهن بالمعروف” . (النساء،19)، فالواجب على الزوج أن يتقي الله، وأن يعاشر زوجته بالمعروف وبالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لا يضرب ولا يقبّح، وأن يكون كلامه طيباً وفعله طيباً. فبموجب حق القوامة يجب على الزوجة طاعة زوجها وألا تعصية وتنشز عنه، ولكن ليس معنى الطاعة هي السيطرة والتحكم والتسلط، بل إن للمرأة أن يشاورها زوجها في أمور تخص الأسرة وعليه أن يسمعها ويحاورها ولعل قدوتنا في ذلك رسولنا الكريم، حيث كان هذا نهجه يتبعه مع زوجاته، كما أوصى عليه السلام بالنساء، وأمر بالرفق في التعامل معهن، فقال “استوصوا بالنساء خيراً”( رواه مسلم)، وكان يقدر المرأة تقديراً فائقاَ، حيث كان خير قدوة للمسلمين في الأخلاق الراقية مع نسائهم. ومن مظاهر حق القوامة أن يأمرها بعدم الخروج من المنزل إلا بإذنه، ولكن ليس له منعها عن والديها ، خاصة إذا كان ذلك لتمريضهم أو السؤال عنهم، كما أنه يحق له منعها من الخروج للعمل لسبب معتبر في الشرع، ولكن يجب عليه ألا يكون متعسفاً في استعمال هذا الحق، ولا يحق له منعها طالما كان العمل غير مُشين ويخدم المجتمع ولا تتعرض معه للأذى وكانت قادرة معه على القيام بحقوقه على أكمل وجه وتستطيع التوفيق والموازنة بين العمل والمنزل . كما أنه من مظاهر القوامة التأديب، ولكن لا يجوز للرجل أن يتعسف في التأديب والضرب المبرح لغير سبب ولأسباب لا تستدعي الضرب، وإنما يجب عليه إتباع المنهج القرآني والتدرج من الوعظ إلى الهجر ثم الضرب الغير مبرح، كما يكون الضرب بحدود وبضوابط شرعية . وبهذا يتبين أن القوامة تكليف للزوج وتشريف للزوجة، حيث أوجب الشارع عليه رعاية هذه الزوجة التي ارتبط بها برباط الشرع، وجعلها تحت قيّم يقوم على شؤونها وينظر في مصالحها، ويبذل الأسباب المحققة لسعادتها وطمأنينتها، ولعل هذا يصحح المفهوم الخاطئ لدى الكثير من أن القوامة تعنت وقهر للمرأة وإلغاء شخصيتها، بل هي عكس ذلك فهي تحافظ على طبيعة المرأة الرقيقة، فهي الأم الحنون والأخت الكريمة والزوجة الحبيبة والأخت اللطيفة، وتكفل لها الراحة والطمأنينة، لأن من واجبات الرجل إدارة شؤون أسرته إلى أن يصل بها إلى بر الأمان، ولا تعنى تسلط الرجل على المرأة ولا تحرم المرأة من حقها في التملك ولا تلغي شخصيتها بل تزيدها رفعة ومكانة.

مشاركة :