يرى المرء قطع أراض واسعة تقع في وسط العمران وإذا أبدى أحد عجباً قيل له إن تلك الأرض عليها نزاع، إما بين ورثة أو يسبب شرعية أوراقها وانتقالها من مالك إلى آخر دون اكتمال مسوغات النقل. الضحية في إشكاليات كهذه ليس المالك القديم ولا الجديد ولا الوارث، الضحية هو البلد برمته. وتمتاز مدننا عن بقية مدن العالم بكثرة المتروك من العقار، سواء أكان أراضي أم ابنية قديمة حولها إشكالات . والواضح لي أن لا مرجعية معروفة ومقررة لأمور كهذه. فلا البلديات تعطي جوابا ولا المحاكم، وهل العقار مرهون وهل هو وقف أو حرّ. لن تجد جوابا. أرض متروكة أو مبنى فقط. في العراق وبلدان الشام ومصر، وأغلب بلاد الله الواسعة يوجد نظام اسمه إزالة الشيوع. ويخص العقار الذي يقوم حوله نزاع بين شركاء حول وارداته، أو حول إدارته، أو حول طرق استثماره، وتوصي المحكمة بوضع ذلك العقار في مزاد علني عدلي يجري بإشراف المحكمة التي يقع العقار ضمن نطاق اختصاصها. وتقوم المحكمة ببيعه لصاحب أعلى عرض ويوزع الثمن بين المتخاصمين الذين يملكون السندات الشرعية اللازمة. كل حسب نسبته. والذي نشاهده الآن في كثير من شوارع مدننا الرئيسة أن هناك عقارات قديمة وأراضي متروكة وسط العمران بسبب نزاع من يملكونها، لا حول أحقيتهم بالملكية بل عن مسائل طرفية عادية أو عناد أو عقاب. وعندنا طريقة ظريفة للعناد. فالحاكم عندنا هو علبة "البخاخ" بأن يأتي أحد أصحاب الحق و"يبخ" عبارات تنفر الناس من الإقبال على شرائها، كأن يأتي بجملة "الأرض عليها نزاع.. نحذّر من شرائها" ونُجمع أن مثل تلك الأساليب طرق بدائية لم نعهدها ولا تليق بعواصم حضرية. ورأيي أن تعمد البلدية الفرعية بردع أصحاب تلك العقارات بالبحث عنهم وتوجيههم إلى الطرق الشرعية..
مشاركة :