متحف في برلين يشارك في إعادة بناء حلب

  • 3/1/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصيبت حلب القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية بدمار هائل جراء الحرب المتواصلة منذ ثماني سنوات في سوريا، لكن مشروعا دوليا يشرف عليه متحف في برلين يعد لإعمار المدينة منذ خمسة أعوام. برلين - حلل فريق من الباحثين الألمان والسوريين في إطار مشروع “سيريان هريتدج أركايف بروجيكت” بعناية فائقة صورا لأبنية متضررة في حلب مقارنا إياها بصور أرشيف ملتقطة قبل اندلاع النزاع السوري في العام 2011. وسمح هذا العمل الدؤوب الذي تموله الدبلوماسية الألمانية جزئيا، بتصنيف رقمي للمباني الأثرية الكثيرة المدمرة وتلك التي صمدت رغم أهوال الحرب والقصف. وشهدت مدينة حلب منذ صيف العام 2012 وحتى نهاية العام 2016 معارك عنيفة، وتعرضت أحياؤها الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة للقصف وحصار خانق، وفي نهاية العام 2016، تمكنت القوات الحكومية بدعم روسي من السيطرة على كامل المدينة. سند ثمين تشكل الصور والخرائط العائدة إلى ما قبل الحرب سندا ثمينا في إطار مشروع إعمار معالم حلب القديمة على ما كانت عليه من قبل، وقد أدرجت حلب القديمة في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو في العام 1986. وتعرض هذه المحفوظات إلى جانب صور حديثة تظهر الدمار اللاحق بالمدينة، أمام الجمهور من 28 فبراير الماضي إلى 26 مايو المقبل في متحف الفن الإسلامي في برلين التابع لمتحف برغامون الشهير. الحفظ والأرشفة في زمن الحرب الحفظ والأرشفة في زمن الحرب ويمكن الإطلاع على معرض “المشهد الثقافي السوري- الحفظ والأرشفة في زمن الحرب” عبر الإنترنت أيضا. ووظف لاجئون سوريون كمرشدين ولجمع شهادات مواطنين لهم لجأوا بمئات الآلاف إلى ألمانيا منذ العام 2015. ويقول مدير المتحف شتيفان فيبر “منذ أكثر من مئة عام نقيم علاقة خاصة مع سوريا”. وتشكل “غرفة حلب”، وهي مائدة طعام كان يملكها تاجر ثري تعود إلى مطلع القرن السادس عشر، قطعة رئيسية في المعرض الدائم للمتحف. ويؤكد فيبر الحائز على شهادة في الأدب العربي الحديث من جامعة دمشق “يهدف هذا المشروع إلى المحافظة على الماضي مع رؤية إلى المستقبل من خلال جمع الأرشيف لتكون عملية إعادة البناء سريعة”. وتتمتع ألمانيا بخبرة في هذا المجال، فهي خرجت محطمة من الحكم النازي ولها باع طويل في مجال الإعمار، وبعد إعادة توحيد البلاد عرفت مدن في ألمانيا الشرقية السابقة ولاسيما برلين الشرقية ودريسدن ورشة ترميم واسعة النطاق. ويدرك شتيفان فيبر أن عودة حلب إلى سابق عهدها تحتاج إلى وقت طويل موضحا أنه على “السوريين أنفسهم أن يقرروا مصير تراثهم الثقافي مع ما نضعه بتصرفهم”. أرشفة تساعد على إعادة الإعمار أرشفة تساعد على إعادة الإعمار وهذا المتحف في برلين ليس المساهم الوحيد في المشروع، فثمة هيئات أخرى تشارك في قاعدة البيانات مثل جامعة كوتبوس التي وضعت خارطة دقيقة لحلب القديمة وشركة ناشئة فرنسية أنجزت مجسمات بالأبعاد الثلاثة لمواقع أثرية سورية مهمة. وتبدو ورشة إعادة البناء ضخمة، فقد خلفت الحرب أكثر من 360 ألف قتيل وقدرت الأمم المتحدة كلفة الدمار بـ400 مليار دولار، ويفيد خبراء أن الاقتصاد السوري تراجع ثلاثة عقود إلى الوراء. جامع حلب الكبير على الأرض وبعد سنتين على استعادة السلطات السورية السيطرة على مدينة حلب، لا تزال الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة مدمرة، وتقتصر جهود إعادة الإعمار فيها على مبادرات شخصية خجولة، بينما تعمل السلطات السورية على تأهيل البنى التحتية وإعادة الخدمات تباعا. وبعض مباني المدينة مهدد بالانهيار، وهذا ما حصل في الثاني من فبراير 2019 مع انهيار مبنى متضرر جراء القصف والمعارك ما أدى إلى مقتل 11 شخصا من بينهم أربعة أطفال، وأتت جهود متحف برلين بنتائج أولى على صعيد الجامع الأموي في حلب أو جامع حلب الكبير. وتوضح المؤرخة كارن بوت المشاركة في المشروع “أرسل المتحف ملفا العام الماضي إلى اليونسكو الذي نقل العناصر الواردة فيه إلى السلطات السورية”، مضيفة أنها لا تجري اتصالات مباشرة “مع الحكم القائم، بل فقط مع علماء”. واستخدمت هذه الوثائق لترميم هذا الجامع وهو من الأقدم في العالم، وبدأت في أغسطس الماضي وبهبة من دولة الشيشان أعمال إعادة بناء المئذنة التي تعتبر من تحف الفن الإسلامي وقد دمرت في أبريل 2013.

مشاركة :