الوصف المناسب للشخصية الروائية

  • 3/2/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

"كانت تهواه، وتنشد العزلة لتسعد بطيفه في طمأنينة، وكانت رؤية شخصه تعكر عليها متعة نجواها. كانت تهتز طرباً لوقع خطواته، ثم يخمد الانفعال في حضوره". هذا الوصف الروائي الدقيق لشخصية إيما بوفاري وهي تهجس بعشيقها "ليون" لا يمكن أن يناسب أي شخصية روائية نسائية عاشقة أخرى. إنه مصمم على مقاس إيما بوفاري، وبراعة فلوبير، هنا، تتمثل في كونه قد كتب عن الحب الذي يناسب إيما بوفاري فقط وبطريقة تفكيرها وماذا تريد من الحب. إنه وصف لا يمكن أن يناسب شخصية مثل شخصية "آنا" في رواية آنا كارينينا مثلاً، كما لا يمكن أن يتطابق مع نموذج "كوني" في رواية عشيق الليدي تشاترلي، لذا فكتابة الحب ترتبط بفهم نفسية بطلة الرواية. أيضاً في رواية الليالي البيضاء لدوستويفسكي نجد "ناستينكا" بطلة الرواية تقول مثل هذه العبارات: (أنا أُحِبُّك، لأنَّك لم تقع في حبِّي)، (النساء يحببن الرجال الخجولين). إن براعة دوستويفسكي هي من جعلت بطلة رواية الليالي البيضاء تقول مثل هذه العبارات التي لا تبدو منطقية ولكنها متوافقة مع معطيات شخصيتها، التي تجتمع فيها البراءة والعشق والسذاجة، وقد أنتج مثل هذا المزيج امرأة ماكرة. أما في رواية ساعي بريد نيرودا لأنطونيو سكارميتا، فيقول السارد عن ماريو: (بمجرد تأمل أفيشات السينما، بما فيها صور نساء ورجال يمضغون أطراف السيجار الهافاني، كان يدخل في غيبوبة لا يخرج منها إلا بعد ساعتين). هذا الوصف، مثلاً، مناسب لبطل ساعي بريد نيرودا لكنه ليس وصفاً خاصاً بتلك الشخصية، إذ يمكن أن يتوافق أيضاً مع (فلورينتيو)، بطل الحب في زمن الكوليرا لماركيز، لأن بينهما شيئاً مشتركاً وهو الجزء الحالم، لكن لا يمكن أن ينسجم مع جوناثان، بطل رواية الحمامة لزوسكيند، على سبيل المثال. إن هذه النماذج تمنحنا دلالة على أن الروائي عندما يمتزج مع شخصيته الروائية يصل إلى هذه البراعة في الوصف غوستاف فلوبير

مشاركة :