لاري كولب، الرئيس التنفيذي السابق لشركة داناهير الذي تولى زمام الإدارة في شركة جنرال إلكتريك في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، باع قسم الصيدلة الحيوية في المجموعة إلى شركته السابقة بسعر يتجاوز التقديرات السابقة، ما أدى إلى حدوث ارتفاع حاد في أسهم شركة جنرال إلكتريك، في الوقت الذي يراهن فيه المستثمرون على أنه سيكون أكثر قدرة على إدارة عبء الديون الذي يثقل كاهل الشركة. اتخذ الرئيس التنفيذي الجديد لشركة جنرال إلكتريك أكبر خطوة له نحو تقسيم التكتل الكبير، من خلال الموافقة على إبرام صفقة نقدية بالكامل بقيمة 21 مليار دولار، لبيع جزء كبير من قسم علوم الحياة في الشركة، والتنويه إلى أن هنالك مزيدا من عمليات البيع الأخرى في طور الإعداد. في مقابلة أجريت معه، قال كولب "إن تأمين ثمن عال لوحدة الصيدلة الحيوية، التي توفر أدوات للأبحاث الطبية وتطوير علاجات متقدمة، سيمكن الشركة من أن تصبح أكثر صبرا في بيعها فروع الأعمال الأخرى". وقال في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، "تتغير ديناميكية العمل قليلا. في السابق، كان يبدو الأمر كما لو أننا كنا مستميتين نوعا ما. أما اليوم، فقد أصبح وضعنا أفضل بكثير". كما أشار كولب أيضا إلى أن عملية الاكتتاب العام الأولي المزمعة لوحدة الرعاية الصحية في شركة جنرال إلكتريك لن تتم هذا العام، بل لربما يتم الاستغناء عنها كليا. قال كولب "وضعنا اليوم ليس أقل إلحاحا، لكن لدينا بالتأكيد مزيد من المرونة نوعا ما. والديناميكيات تتغير لمصلحة المساهمين في شركة جنرال إلكتريك". تولى كولب مهامه رئيسا تنفيذيا للشركة بعد ولاية جون فلانيري قصيرة الأجل التي استمرت 15 شهرا، متعهدا بإجراء إصلاحات أسرع لهذه الشركة الصناعية العملاقة المتعثرة. في العام الماضي، أعلنت شركة جنرال إلكتريك عن خطة للتركيز على قطاعين: وحدة الطيران وصناعة الطاقة، وكانت تعمل من قبل نحو التخلص من قسم الرعاية الصحية، الذي يشمل علوم الحياة. إضافة إلى عملية البيع التي أعلن عنها إلى شركة داناهر، عمل كولب الشهر الماضي على تسوية تحقيق استمر لفترة طويلة تجريه وزارة العدل الأمريكية حول دور شركة جنرال إلكتريك في الأزمة المالية التي حصلت في 2008، ما أدى إلى اقتناع كثير من المستثمرين بأنه سيكون حاسما أكثر من أسلافه السابقين، في إنهاء واحدة من أحلك الفترات التي مرت بها هذه الشركة خلال تاريخها الطويل. ارتفعت أسهم شركة جنرال إلكتريك بأكثر من الثلثين منذ أن وصلت إلى أدنى مستوياتها خلال عقد من الزمن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وحققت ارتفاعا آخر بنسبة 15 في المائة صباح الإثنين بعد أن تم الإعلان عن الصفقة. عملت الأسهم في وقت لاحق على تقليص بعض المكاسب وارتفعت بنسبة 9 في المائة في تعاملات ما بعد الظهر. يحقق قسم الصيدلة الحيوية في الشركة إيرادات سنوية في حدود ثلاثة مليارات دولار، أي نحو ثلثي إجمالي المبيعات للعمليات التشغيلية في قسم علوم الحياة. بلغت القيمة الإجمالية لعملية البيع إلى شركة داناهر 21.4 مليار دولار، مع تقديم 21 مليار دولار نقدا. هذا السعر، الذي يعادل سبعة أضعاف الإيرادات السنوية، يبين المستوى العالي من الاهتمام في أعمال التكنولوجيا الطبية. وقد أشار المحللون إلى أن قيمة قسم علوم الحياة بأكمله قد تراوح بين 20 و25 مليار دولار. قال رينيه ليبش، المحلل الأول المختص في شركة جنرال إلكتريك في وكالة موديز للتصنيف الائتماني، "إن العائدات المترتبة على عملية البيع من شأنها أن تكون أكثر من كافية لتغطية دفعات سداد الديون البالغة 14 مليار دولار، التي توقعت الحصول عليها على مدى العامين المقبلين، والإسهام بمبلغ أربعة مليارات دولار أخرى من الأسهم، وتقديمه لوحدة جنرال إلكتريك كابيتال، قسم الخدمات المالية في الشركة". في الوقت نفسه، أضاف ليبش أن "الشركة تبدو الآن كأنها من المرجح أن تستعيد إمكانية الحصول على الأرباح، والتدفقات النقدية المتأتية من أقسام الرعاية الصحية التجارية المتبقية لفترة زمنية أطول مما كان متوقعا، فيما لو كانت قد مضت قدما في تنفيذ عملية الاكتتاب العام الأولي هذا العام". ستحتفظ شركة جنرال إلكتريك بقسم علوم الحياة الرئيس الآخر الموجود لديها، قسم التشخيصات الصيدلانية، الذي تعده القسم الأفضل الذي يتناسب مع معداتها الطبية مثل الماسحات الضوئية. قال كولب الشهر الماضي "إن الشركة تستهدف جمع أكثر من 30 مليار دولار من خلال بيع الأسهم في قسم الرعاية الصحية، وفي مجموعة بيكر هيوز لخدمات حقول النفط وفي شركة وابتيك لمعدات النقل. صفقة داناهر وحدها تأخذ شركة جنرال إلكتريك إلى ثلثي الطريق المؤدي إلى ذلك الهدف". حدد كولب هدفا يتمثل في خفض صافي الديون المترتبة على الشركة، مستثنيا عملياتها التشغيلية في قسم الخدمات المالية والعجز في صندوق المعاشات التقاعدية، ليصل إلى 2.5 مرة من إيراداتها الصناعية قبل خصم الفائدة والضرائب والاستهلاك والإطفاء. قال كولب "إن عملية الاكتتاب العام الأولي المخطط لها لما تبقى من أعمال الرعاية الصحية، الذي يحقق إيرادات سنوية بنحو 17 مليار دولار، لم تعد من ضمن جدول أعمالها لهذا العام، وقد لا تحدث على الإطلاق". كما قال "المسار الذي كنا نسلكه صوب تحقيق عملية اكتتاب عام أولي للنصف الثاني مسار لن نسلكه مجددا. هل يمكن لهذا أن يحدث؟ بالتأكيد. هل هو الخيار الوحيد المطروح؟ لا". تضاءلت القيمة السوقية للشركة لتصل إلى أقل من النصف على مدى العامين الماضيين، بعد أن شعر المستثمرون والمحللون بالقلق إزاء مستويات الديون المرتفعة في الشركة، والتزامات التأمين القديمة المترتبة على العمليات التشغيلية التي تخلت عنها الشركة، في منتصف العقد الأول من القرن الحالي. قال محللون في وكالة موديز في أواخر الأسبوع الماضي "إن مبيعات الأصول ستساعد الشركة على التعامل مع "احتمالية الحاجة إلى مواصلة زيادة احتياطيات التأمين القانونية في شركة جنرال إلكتريك كابيتال لتغطية بوالص الرعاية طويلة الأجل". قال كولب "إن شركة جنرال إلكتريك تحقق تقدما في معالجتها المشكلات المتعلقة بالعمليات التشغيلية، التي شملت سنوات من الخسائر الكبرى في قسم تصنيع التوربينات التي تعمل بالغاز، وغيرها من معدات صناعة الكهرباء". كما قال "إن الشركة ستقدم مزيدا من التفاصيل حول وجهة نظرها المتعلقة بآفاق عام 2019، في المحادثات المقرر إجراؤها في 14 من آذار (مارس) المقبل". كما ستنشر شركة جنرال إلكتريك هذا الأسبوع أيضا تقريرها السنوي، وتقدم ملفات الإيداع إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات، التي قال كولب "إنها ستكشف عن تحسينات في كيفية عرض الشركة معلوماتها المالية". وقال "إنها أفضل وأكثر بساطة وأكثر وضوحا. وهي بالتأكيد ليست مثالية، لكننا نأمل أن يرد ذلك على بعض الشواغل التي تراود المساهمين". قالت شركة داناهر "إنها ستمول عملية الاستحواذ من خلال إصدار أسهم جديدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى الأموال النقدية الموجودة في ميزانيتها العمومية، وديون وتسهيلات ائتمانية جديدة. تتوقع الشركتان إنهاء الصفقة خلال الربع الرابع. قدم كل من مصارف بي جيه تي وجيه بي مورجان تشيس وسيتي جروب وجولدمان ساكس المشورة المالية لشركة جنرال إلكتريك، في حين قدمت لها شركة بول وايس الاستشارة القانونية، فيما قدم كل من مصرفي باركليز وكيركلاند آند إيليس المشورة لشركة داناهر.
مشاركة :