هنا نواصل الحديث عن شخصيات فيلم (سارق الفرح ـ 1994) للمخرج داود عبد السيد، فبعد حديثنا عن شخصية بطل الفيلم (عوض) ماجد المصري، وعلاقته بـ (أحلام) لوسي. فالشاب عوض، نراه يعيش حياته بالطول والعرض وحلمه الوحيد هو الزواج من أحلام. فهو يحبها بجنون، ولا يمكن أن يتصور العيش بدونها. ولأن عوض يكسب رزقه اليومي من التسكع في الشوارع والأزقة وبين إشارات المرور كبائع متجول، فهو يلجأ الى طرق ووسائل غير مشروعة وغير شريفه أحياناً لتدبير المبلغ المطلوب. صحيح بأنه مبلغ ليس بالكبير، إلا أنه مبلغ ضخم بالنسبة لفقير مثله. كما أنه يلجأ في أحيان كثيرة الى سيدي أبو العلامات، يستنجد به حتى يهديه الى الطريق الصواب، وذلك في مشاهد ساخرة يصبغها داود عبد السيد بالكوميديا السوداء. فالإنسان البسيط والفقير حين تعترضه مصاعب غير قادر على حلها يلجأ الى الاعتقاد بمثل تلك الخرافات. فمثلاً نراه يسرق ثياب شقيقه مطر (فتحي عبد الوهاب) الذي يعمل كطبال وراء راقصة في شارع الهرم، ويقوم ببيعها ليدخر ثمنها، بعد أن أصيب بخيبة أمل في أن يساعده في الزواج من أحلام. كما أنه يتفق مع نوال (عبلة كامل) على أن تجلب الزبون في مكان خالي ليهجم هو عليه ويسرق فلوسه. وتتكرر العملية أكثر من مرة، الى أن يصادف زبون لاعب كاراتيه، فيضربه ويكسر ذراعه ويسرق فلوسه التي جمعها بطرق صعبة. وتتألق شخصية عوض في خضم الأحداث والمواقف الصعبة التي يمر بها. ففي قمة احتياجه الى صديق قريب منه يفهمه ويفضفض له، يرى نفسه وحيداً في أزمته هذه، بعد وفاة صديقه عم ركبة. وفي قمة احتياجه للمزيد من المال نراه يضطر لصرف الفلوس التي جمعها للزواج على جنازة صديقه الفقير هذا. كما أنه لا يتردد لحظة واحدة في مصارحة حبيبته أحلام ـ وهو في حالة من الإحباط والانكسار ـ بأنه غير قادر على جمع مبلغ الشبكة والمهر ، مما يجعله غير قادر على الزواج منها. في الطرف الآخر، هناك شخصية أحلام، البنت التي تتفجر أنوثة، والتي تنتظر فارسها ليخطفها الى عالم مجهول المستقبل. فهي أيضاً تحب عوض بجنون، وتغار عليه لدرجة التصرف معه بوحشية في أحيان كثيرة. ولا يمكننا أن ننسى ذلك المشهد، وهي تكبله بالحبال، وتقوم بضربه بقسوة، لمجرد أنها شاهدت بنت حلوة يهمها أمره. وهو حقاً مشهد قاسي ووحشي، إلا أنه تعبير واضح عن مدى حبها وغيرتها على حبيبها. كما يوضح أبعاد تلك الشخصية التي تمارس الحب الفطري بطريقتها. فأحلام هذه شخصية تتمتع بتفكير فطري، لا تتردد في فعل أي شيء يوصلها الى مبتغاها. وتحاول جاهدة مقاومة كافة الإغراءات التي تعترض طريقها، خصوصاً من الحلاق زينهم (محمد متولي) الذي يحاول أن يجرها الى سهرات الأغنياء لترقص لهم وتؤانسهم في مقابل مبلغ كبير من المال. صحيح بأنها تضعف وتستجيب لتلك الإغراءات، إلا أن عندها ما يبرر ذلك الضعف والانهزام، وهو مجرد التفكير فقط في أنها ستخسر عوض. وقد استجابت لهذا الإغراء بعد مقاومة قوية. ولولا أن عوض خسر كل فلوسه لما انهزمت. ففي المشهد الختامي يضربها عوض بعد أن صارحته بفعلتها تلك، مع تأكيدها له بأنها ما فعلت ذلك إلا لأنها تحبه، كما فعل هو عندما سرق بسبب حبه لها.
مشاركة :