لا يعاقب المجرم على جريمته بل تعاقب الضحية، أمر معتاد طالما أنّ المجرم عدو وحشي كإسرائيل. ربع قرن مرّت على مجزرة الحرم الإبراهيمي، التي ارتكبها المتطرف اليهودي باروخ غولد شتاين في 25 فبراير 1994، وما زالت آثارها ماثلة في الإذلال الذي يمارسه جيش الاحتلال بحق المسجد الإبراهيمي الشريف في الخليل جنوب الضفة المحتلة، وبحق الفلسطينيين في البلدة القديمة. وتظهر وقائع المجزرة، أن الجريمة كانت منظمة وتمت بتخطيط مشترك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يتولى السيطرة على المسجد ومحيطه، لاسيما أنها جرت بعد ساعات على تهديدات قائد المنطقة للمصلين بأن مفاجأة قادمة تنتظرهم. لم يكتف الاحتلال بالمجزرة، بل فرض عقاباً جماعياً على أهالي الخليل، فأصدر قراراً مشدداً بحظر التجول الذي استمر أكثر من 40 يوماً منع خلالها الدخول والخروج من وإلى المدينة، ليفاجأ الفلسطينيون بعد انقضاء المدة بعزل المدينة بكتل إسمنتية وبوابات حديدية ضخمة، وحواجز إلكترونية، وتحويل خط سير المشاة لطرق أخرى. وفي محاولة لاحتواء المشهد بعد ردود الأفعال، قامت سلطات الاحتلال بتشكيل لجنة تحقيق إسرائيلية برئاسة قاض متقاعد متطرف يدعى شمغار وعرفت اللجنة باسمه، وأغلق المسجد لعدة شهور. تقسيم وجاء ما خلصت إليه لجنة شمغار، مترجماً لنية الاحتلال المبيتة منذ البداية إزاء الحرم الإبراهيمي الشريف، فقررت تقسيم الحرم الإبراهيمي الإسلامي زمانياً ومكانياً بين الفلسطينيين والمستوطنين، فعاقب الضحية وكافأ المعتدي، وبذلك استولى المستوطنون بالقوة على 64 في المئة من مساحة الحرم الإبراهيمي. وأكّد جمال أبو عرام، مدير عام مديرية أوقاف الخليل، لـ«البيان»، أنّه ومنذ احتلال المدينة في العام 1967، وسلطات الاحتلال تسعى جاهدة للاستيلاء على المسجد الإبراهيمي وتهويده وتحويله إلى كنيس يهودي. وأضاف أبو عرام: «بعد قرار تقسيم الحرم الإبراهيمي ضاعف جيش الاحتلال من إجراءاته المشددة على دخول المصلين الفلسطينيين إلى الحرم، فأقام حواجز إلكترونية وكاميرات مراقبة ونشر جنود مدججين بالسلاح في محيطه وأغلق عدداً من الطرق المؤدية إلى المسجد، وفرض عدة قيود على الأهالي للحد من وصولهم إليه». استباحة وأوضح أنّ الاحتلال يهدف من وراء استمرار اعتداءاته على الحرم الإبراهيمي، إلى تهجير المصلين منه والسماح للمستوطنين للوصول إليه، بعد أن أصبح مستباحاً لهم في مختلف الأوقات، مردفاً: «بعد تنفيذ قرار التقسيم للمسجد الإبراهيمي شهدت الخليل سلسلة من الإجراءات العنصرية تمثلت بإغلاق عدد من الأسواق التجارية منها سوق الخضار المركزي في البلدة القديمة، ومنعوا الفلسطينيين من الوصول إلى متاجرهم، إضافة إلى إغلاق شارع الشهداء، وإغلاق أكثر من 1500 محل تجاري في شوارع البلدة القديمة». ثكنة عسكرية وتحوّل المسجد الإبراهيمي جراء التقسيم الزماني والمكاني إلى ثكنة عسكرية، وفق أبو عرام، الذي أكد أنّ الاحتلال يسيطر على كافة الساحات المحيطة بالمسجد ولا يسمح للمسلمين بالوصول إليها إلا عشرة أيام طوال العام وهي أيام الأعياد وليلة القدر، يمر المصلون خلالها بحواجز التفتيش قبل أن يصلوا للوقوف بين يدي ربهم، وحول الحرم إلى نقطة تصادم وتوتر دائمة، أفقدت الحرم قدسيته ودنست طهارته، وانتهكت حرمته حين دخلوه بأحذيتهم، لتتوج مساعي التهويد للحرم الإبراهيمي بالإعلان عن ضمه إلى قائمة المواقع الأثرية الإسرائيلية في العام 2010.طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :