تبادل المغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، مقطعاً للحظة اعتقال الداعية المتطرف "علي بلحاج"، نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ "المنحلة"، من قبل أجهزة الأمن الجزائرية، مما دفع أنصاره والمنصات الداعمة له إلى مهاجمة هذا الإجراء، كان من بينهم الكويتي "حاكم المطيري"، ليظل الاستفهام حول من هو علي بلحاج؟ قاد علي بلحاج، الرجل الثاني في الجبهة الاسلامية للإنقاذ، مع زميله "عباسي مدني"، زعيم الجبهة، الذي يقيم حالياً في قطر، وهما من خلفيات إخوانية متطرفة لإثارة الفتنة الأهلية والتحريض على حمل السلاح، كانت سبباً في نشوء الجماعات الإرهابية بالجزائر ونشوب الحرب البشعة بين الجماعات الإرهابية من طرف وقوات الدولة وبقية المجتمع من طرف آخر. حرب عرفت بالإعلام الجزائري بـ"العشرية السوداء"، نسبة لامتدادها طوال التسعينيات، وهي الحرب التي أدت إلى مقتل وفقدان وهجرة الآلاف من الجزائريين، ومازالت جراحها غائرة إلى اليوم في الضمير الجزائري. جهاد الحكام عُرف عن نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، علي بلحاج، دعواته المستمرة إلى ما وصفه بـ"جهاد الحكام وقتالهم"، لإقامة ما وصفه بـ"الدولة الإسلامية"، مع تأييده المواجهات المسلحة مع قوات الأمن، فبحسب ما جاء في إهداء كتابه "فصل الكلام في مواجهة ظلم الحكام" الصادر في العام 1992: "إلى المجاهدين الذين يحملون المصحف في يد والرشاش في يد، إلى الشعب الجزائري الذي يقدم في كل يوم أعدادا من الشهداء لتكون كلمة الله هي العليا". ووفقاً لما ذكره في معرض تعريفه بنشاط جماعته قال: "عمل إسلامي شرعي من صميم ديننا، وهو كفيل بإذن الله أن يسقط الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية والإسلامية"، داعياً فيه إلى جهاد الحكام واعتبره من أنواع الجهاد "المضاعة". وقال في ذلك: "اعتبر قصر الجهاد على الكفار أو المستعمرين مغالطة كبرى، فضمن ألوان الجهاد المجهولة والمضاعة جهاد الحكام المعطلين لشرع الله .. يجب جهادهم والخروج عليهم". نجل بلحاج والقاعدة تبنى نجل "علي بلحاج"، "عبد القهار" والملقب بـ"معاوية"، معتقدات والده، وذلك بالانضمام إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إلى أن قتل في العام 2011 مع اثنين من شركائه الآخرين بعد تفجير نفسيهما بأحزمة ناسفة لدى لحظة مقاومة إيقافهما عند أحد حواجز أمنية في بلدة الثنية شرق ولاية بومرداس. وبعد رفض بلحاج الاعتراف بمقتل ابنه والاستجابة لإدارة الطب الشرعي باستلام جثته، بث تنظيم القاعدة في بلاد المغرب تسجيلا مرئياً، يرثي فيه مقتل "عبد القهار"، وكما جاء على لسان "صلاح أبي محمد"، المسؤول الإعلامي عن التنظيم: "عبد القهار وأبو نسيبة لم يرضيا إعطاء الدنية في دينهما ولا الاستئسار ففجرا حزامهما الناسفين فقتلا وجرحا 15 من جنود فرعون"، مضيفا: "ورث عبد القهار من أبيه الصلابة في الحق والتضحية في سبيل الله، فطلق الدنيا وقرر حمل السلاح". دافع بلحاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، في خطبة له،عن الداعشي "محمد مراح"، فرنسي من أصول جزائرية، منفذ عمليات «تولوز» و«مونتوبان» بجنوب غربي فرنسا، والتي نجم عنها مقتل سبعة أشخاص منهم ثلاثة أطفال يهود وحاخام، مع جرح ستة آخرين، وذلك في معرض مهاجمته للسلطات الفرنسية على خلفية قتل "مراح" في مارس 2012 في مدينة تولوز الفرنسية، واصفاً بلحاج قتل "مراح" بـ"عملية تصفية مقصودة لإخفاء أسرار العملية مع المقتول". وكان أن بادر شاب فرنسي من أصول جزائرية، وبحضور بلحاج، بتمزيق جواز سفره الأوروبي، بعد فراغه من الصلاة بمسجد "الوفاء بالعهد"، بضواحي الجزائر العاصمة، ليصيح قائلاً: "محمد ليس من الخوارج، بل هو سلفي مسلم.. أنا مسلم فرنسي وجنسية فرنسا تحت قدمي هذه"، متخللاً ذلك تكبيرات من جموع المصلين. واستنكر المتطرف "علي بلحاج"، فتوى المفتي العام للسعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، بشأن تجريم تنظيم "داعش" و"القاعدة"، وانبرى في حلقاته الشرعية التي ظلت مستمرة حتى قبل إيقافه الأخير من قبل قوات الأمن الجزائرية، للدفاع عن مبادئ وأفكار التنظيمين، فبحسبه لا تبطل مبادئ القاعدة وداعش بسبب "بعض الممارسات السيئة على حد وصفه". خروج بلحاج في الإعلام وكان قد خرج علي بلحاج على قناة الجزيرة القطرية في يوليو 2005 ، معلناً عن تأييده لعملية إعدام الزرقاوي وجماعته لاثنين من الدبلوماسيين الجزائريين وذلك بعد ثنائه على من وصفهم بـ"المجاهدين في العراق"، قائلاً: "إن من يرسل سفراء إلى العراق هو حاكم يقر بالاحتلال الأميركي، والمجاهدين في العراق أعلم بما يتصرفون "معتبراً أن هؤلاء هم "سفراء للأنظمة الطاغوتية". وظف علي بلحاج حلقاته لمساندة النظام القطري، بعد قرار الرباعية العربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) بمقاطعة قطر لدعمها الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وبحسب ما قاله في إحدى محاضراته: "القضية ليس المراد منها قطر وإنما إذلال أي دولة تأوي حماة الديار وقادة الجهاد.. لأنكم وقفتم مع المجاهدين والمقاومين الذين أصبح يطلق عليهم مسمى الإرهابيين، هل لأنها آوت وساندت جماعة الإخوان المسلمين ووجدت لهم مكاناً.. إن من يفعل ذلك كريم يستحق الوقوف معها.. وقفت مع من خرج من داره مطروداً فوجد العناية والرعاية"، بالمقابل دعا الجزائريين إلى الامتناع عن أداء العمر وشعيرة الحج مضيفا: "لابد من أن تفتك مكة والمدينة من نظام السعودية". يشار إلى أن "عباسي مدني"، زعيم جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة، يستقر حالياً في قطر مع أفراد أسرته منذ 2004 وفور انتهاء فترة الإقامة الجبرية التي فرضت عليه، منذ العام 1997 بعد أن أمضى حكماً بالسجن لمدة 12 عاماً، إثر دور الجبهة الإسلامية في تفجير حالة العنف بالجزائر والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف قتيل، وتقاضيه راتبا شهريا يقدر بـ 15 ألف دولار كهبة من الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر السابق، بحسب بعض التقارير الإعلامية. الدوحة تحتضن صديق بلحاج ويكشف إيواء قطر رفيق علي بلحاج ومؤسس الجبهة عباسي مدني 88 عاماً، طبيعة الدور والتأثير الذي مارسته الدوحة تجاه مجموعة علي بلحاج ورفاقه منذ وقت مبكر، ولم يكن إيواء الدوحة لشيخ جبهة الإنقاذ مجرد تصرف إنساني، بحيث يقضي بقية أيام حياته بعيداًعن صخب الجزائر ومشكلاتها السياسية، لا بل هو اتخذ من وجوده في قطر منبراً لمواصلة نشاطه وتأثيره بداخل الجزائر بدعم من الدولة المضيفة. يشار إلى احتفاء تيار الصحوة في الدول العربية والخليجية منذ التسعينيات بعلي بلحاج، وكان من بين ذلك ما قاله وكتبه سلمان العودة (الموقوف الأمني) عن الداعية المتطرف "بلحاج"، كان آخره مقالاً له في العام 2010 حمل عنوان "علي بلحاج.. عندما تعجز السلطة في إسكاته!"، مما جاء فيه: "يتعرَّض الشيخ علي بن حاج - نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المجمدة في الجزائر - إلى التوقيف، جرَّاء صلابة الرجل ووقوفه على مبادئه، والتزامه بها، وفي الوقت نفسه حرصه على استمراره في الإقامة ببلد المليون شهيد، عكس غيره من قادة الجبهة، الذين وجدوا خارج الجزائر ملاذًا آمنًا للإقامة في دول عربية وأوروبية". من هو علي بلحاج؟ ولد علي بلحاج في ديسمبر 1956 في تونس، وينحدر من ولاية أدرار في جنوب الجزائر. درس بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في معهد تكوين الأساتذة والمعلمين بالجزائر العاصمة، واختص في فرع اللغة والأدبدأ تحصيله العلمي ونشاطه الدعوي في مسجد أبي حنيفة النعمان بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائرية، وتعرف في 1976 على عمر العرباوي أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين، والذي تلقى منه العلوم الشرعية (التوحيد وأصول الفقه والفقه المقارن). وبحسب ما ورد في موقعه الإلكتروني تأثر بالحاج بأشرطة عبد الحميد كشك، وكتب حسن البنا وسيد قطب، التي كانت من بين ما درسه وألقاه في حلقاته الشرعية. أوقف علي بلحاج في مرات متكررة من قبل قوات الأمن الجزائرية، منها كان في 1988 بعد أحداث أكتوبر 1988 التي اندلعت في الجزائر العاصمة. أسس بلحاج مع عباسي مدني ما يعرف بحزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" في فبراير 1989، وكان الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية ونائبالرئيسها عباسي مدني.
مشاركة :