هيئة الاستعلامات المصرية تمدّ الجسور مع إفريقيا

  • 3/3/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خلال السنوات الأخيرة، حظيت قارة إفريقيا بمقدار وافر من اهتمام الدولة المصرية ومؤسساتها، ومنها هيئة الاستعلامات المصرية، أحد أجهزة الإعلام الرسمي في مصر والتي تخضع مباشرة إلى رئاسة الجمهورية، وهي المعنية بالإعلام الأجنبي والدولي والصحافيين والمراسلين الأجانب. وعادت لها حيويتها مجدداً، منذ تقلد رئاستها ضياء رشوان في العام 2017. وتولي الهيئة اهتماماً بالغاً بدول القارة، إذ أطلقت بوابة إلكترونية شاملة تتضمن ستة مواقع على شبكة الإنترنت بالعربية والإنكليزية والفرنسية الى جانب اللغات المحلية وهي السواحيلية والهوسا والأمهرية. وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان إن "هذه البوابة جزء من نشاط إعلامي واسع تقوم به الهيئة من أجل تحقيق أهداف الدولة في تعزيز علاقات مصر مع الشعوب الإفريقية بخاصة مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الإفريقي"، مؤكداً أن هذا النشاط الإعلامي تجاه القارة الأفريقية قد بدأ الآن، لكنه سيستمر ويتطور ولن يقتصر على فترة تولي مصر الرئاسة الإفريقية. وتتوجه البوابة إلى كل الشعوب الإفريقية بلغاتها عبر عرض تقارير إخبارية عن العلاقات المصرية ودول القارة والعمل المشترك بين بلدانها، كما تتاح كل هذه الأخبار والتقارير والمعلومات أمام مستخدمي الإنترنت في أنحاء العالم بست لغات. وتشكل هذه البوابة جسراً للتواصل مع الدول الإفريقية بلغاتها المحلية بعد عقود من قطيعة مصر الرسمية مع عمقها الإفريقي، اذ لعبت مصر دوراً مهماً وبارزاً في إفريقيا، خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، واحتضنت حركات التحرر الوطني، ومجابهة نظم الفصل العنصري، وعملت على تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية العام 1963، لكن العلاقات المصرية الإفريقية شهدت تراجعاً في سبعينات القرن العشرين، فاتسمت بالفتور لتصل حد القطيعة عقب محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، فأدار لها ظهره بلا عودة، ما سمح بتنامي نفوذ وتدخل قوى معادية إقليمية بينها إسرائيل، وما لبث أن توترت العلاقة مع دول حوض النيل، ما عرّض الأمن القومي المصري لضرر بالغ. وتبنى بعض القوى الإقليمية استراتيجية تعميق الهوة بين مصر وقارتها الأم، بخاصة مع إعلان إثيوبيا إنشاء "سد النهضة" الذي هدد مصالح مصر المائية. وبلغت ذورة التوتر مع دول حوض النيل خلال فترة حكم جماعة "الإخوان المسلمين"، اذ جُمدت عضوية مصر في "الاتحاد الإفريقي" عقب اندلاع ثورة حزيران (يونيو) في العام 2013، إذ لم يدرك المجتمع الدولي طبيعة الوضع في مصر آنذاك، وسرعان ما استأنفت عضويتها بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في العام 2014، الذي أولى وجهه شطر إفريقيا، إدراكاً لكونها واحدة من أهم الدوائر السياسية ولارتباطها بالأمن القومي المصري. وحول هذه المنصة الشاملة ومدى مساهمتها في تعزيز التقارب مع الشعوب الأفريقية، أوضحت خبير الشؤون الإفريقية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بالأهرام الدكتورة أماني الطويل لـ"الحياة" أن "ثمة حاجزاً لغوياً بيينا وبين الأفارقة، ومن ثم فإن توفير تواصل باللغات الإفريقية هي خطوة إيجابية تجعلهم يعرفون ويقتربون من مصر عبر أقلام ورؤى مصرية، وليس عن طريق آخرين أجانب، وهو ما كان يحدث خلال الفترات الماضية، بخاصة وأن الأفارقة لا يعرفون إلى حد كبير شيئاً عن الأوضاع الراهنة في مصر الحديثة. في المقابل تتمتع مصر بمقدار كبير وملهم لديهم خصوصاً مع التطورات الإيجابية بها وقيام ثورتي 25 كانون الثاني (يناير) و30 حزيران (يونيو) اللتين تعدان من الثورات الملهمة في الدول الإفريقية وخصوصاً في جنوب إفريقيا. وكان للثورة على الإخوان المسلمين والإطاحة بهم أبلغ الأثر في نفوسهم وذلك على مستوى النخب غير الحاكمة والباحثين ورجل الشارع إذ تعد الجماعة مرادفاً وسبباً للعمليات الإرهابية بالنسبة إليهم". وتضم المنصة الإلكترونية "باب مصر" الذي يقدم معلومات أساسية عن مصر مثل الموقع والمساحة واللغة وعدد السكان والعملة المتداولة والعيد القومي ومعلومات عن العلم والنشيد القومي والعاصمة وأهم المدن وأهم المعالم السياحية، كما يعرض الباب أيضاً نبذة عن تاريخ مصر والنظام السياسي وسياسة مصر الخارجية وغيرها مع تحديث يومي للأخبار في كل المجالات. وهناك "باب إفريقيا اليوم" الذي تُنشر به أهم الأخبار المتعلقة بإفريقيا ككل وبكل دولة من الدول الإفريقية. ولا تكتفي البوابة بالتواصل مع الشعوب الإفريقية فحسب بل تمتد لمخاطبة الشعب المصري وتعريفه بإفريقيا وشعوبها وعلاقاتها مع مصر، وعرض للصحافة اليومية والدوريات الإفريقية وكذلك أهم المقالات والتقارير في الصحف. وأشارت الطويل إلى أن "توفير مادة معلوماتية حول حالة وقدرات مصر، من شأنه أن يفتح مزيداً من الأبواب للتعاون وخصوصاً أن هذه الأنواع من المنصات الإلكترونية يمكن أن تصل إلى دوائر صناعة القرار والتشريع، كما تكون متاحة للدارسين ومراكز الفكر والجامعات، كما ان بثها باللغة السواحيلية سيجعلها أوسع انتشاراً بالنسبة الى رجل الشارع العادي". كما تضم أبواب الموقع "باب المكتبة" الذي يعرض أهم الدراسات والدوريات المتعلقة بإفريقيا ويشمل عرض أهم الأبحاث العلمية والرسائل الصادرة في الشأن الإفريقي في مصر وخارجها. فضلاً عن الأجندة التي تشمل أهم الأحداث في القارة الإفريقية طبقاً للتاريخ. وفي باب شخصيات إفريقية، تُعرض سيرة الشخصيات الإفريقية البارزة ويُعرّف بكل شخصية والسيرة الذاتية لها سواء كانت سياسية أو أدبية أو ثقافية أو رياضية. وتشمل الرموز الإفريقية الخالدة في مجال السياسة مثل الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر ونيلسون مانديلا والآباء المؤسسين لنهضة إفريقيا. وفي مجال الأدب مثل الأديب العالمي يول سونيكا ونجيب محفوظ، وكذلك في الرياضة مثل جورج وايا ومحمود الخطيب ومحمد صلاح وغيرهم. وتصف الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية هذه الخطوة بـ"الرائعة"، لكونها تدعم معرفة المصريين بالأفارقة وشرحت بقولها: "تسببت فترة الانقطاع عن القارة السمراء في انحصار معرفة إفريقيا وأوضاعها بين المتخصصين، بينما تشهد إفريقيا الحديثة توسعاً للطبقة الوسطى والأسواق وتضم قدرات اقتصادية ساهمت في أن يتجه بعض بلدانها إلى نمو اقتصادي، وهو ما لا يعلم عنه المصريون شيئاً، إذ ما زال تصورهم عن إفريقيا أنها غابات وصراعات مسلحة". وشددت الطويل أن تلك البوابة الإلكترونية ستكون ذات تأثير إيجابي بالغ، لكنها تحتاج إلى أدوات الدولة الناعمة في المؤسسات المختلفة وبينها دبلجة الأفلام المصرية إلى السواحيلية لأنها اللغة المنتشرة في إقليم حوض النيل، وهي المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة إلى مصر، ما سيحدث نوعاً من التبادل الثقافي من خلال "سينماتيك أفريقي"، وكل ذلك جنباً إلى جنب الأدوات الصلبة المرتبطة بسياسات الدولة والجهات التنفيذية".

مشاركة :