أعاد مهرجان الأفلام السعودية الذي اختتم في الدمام الثلاثاء الماضي للمثقفين والمشتغلين في المحاولات السينمائية السعودية الأمل في إحياء حلم متقادم لإيجاد صناعة سينما سعودية حقيقية. وفي الوقت الذي يجمع فيه مراقبون على أن صناعة السينما لا يمكن أن ينهض بها أفراد وهواة يتردد المدير العام للجمعية السعودية للثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل في التعويل الكلي على القاعات الست التي اعتمدتها الجمعية في ستة فروع لها في محافظات المملكة، مشددا في حديثه إلى "الوطن" على أهمية وجود دراسين ومؤهلين أكاديميا لهذا الفن الذي يصفه بالإنساني العظيم الذي تراهن عليه الأمم المتقدمة والمجتمعات المتحضرة، لافتا إلى أنه يصبح أكثر أهمية في ظل تصاعد قوى التطرف والتعصب، موضحا أن المجتمعات تصبح أكثر إنسانية متى ما توجهت إلى اعتماد الفنون، طبقا لمقتضيات حددها وأثبتها التاريخ. وهو ما يتقاطع مع رؤية مدير مهرجان أفلام السعودية الشاعر أحمد الملا الذي عبر عن امتنانه لأمير المنطقة الشرقية لموافقته على تنظيم الدورة الثانية من المهرجان بعد توقفه سنوات، مؤكدا فيها التطلع إلى المزيد، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام، لافتا إلى أن جمعية الثقافة والفنون سيكون إشهار موقعها الإلكتروني "مجتمع الأفلام السعودية" قريبا، وهو الموقع الذي سيكون منصة تعبر عنا جميعا، بحسب تعبير الملا. إلى ذلك، أكدت الكاتبة والمخرجة السعودية عهد كامل أن المهرجانات السينمائية تبني الجسر بين الأدباء والمخرجين وتجمع الأوساط الفنية، منوهة إلى أن تحويل العمل الأدبي إلى صورة يتطلب تجارب من كاتب السيناريست والمخرج المنفذ لمثل هذه القصص، متمنية تنفيذ أعمال الكاتب تركي الحمد كأفلام، لما تحمله من تاريخ، على حد قولها. وتضيف كامل التي ترأست لجنة تحكيم السيناريو في مهرجان أفلام السعودية متحدثة إلى "الوطن" أن تجربتها في الكتابة تنبع من داخلها ومن الموسيقا وكل قصة ترتبط بها عاطفيا، وكل فيلم هو سؤال وليس رسالة مع التركيز على الإخراج والكتابة، وترى أن تمثيلها في أفلامها لن يدفعها للأمام، كما في تمثيلها مع مخرجين آخرين لتكون الخبرة والهدف كبيرين، مشيدة ببعض الأشخاص المؤثرين في المجتمع والذين دعموها في أعمالها واهتمامهم بإبراز السينما السعودية، وأن جوائزها التي حصلت عليها هي لطاقم العمل وردا لكل من قال "كيف للمرأة السعودية أن تكون مخرجة سينمائية!". كامل التي نالت جوائز دولية في الإخراج والتمثيل، وتكتب السيناريو، تنصح المبتدئين في صناعة الأفلام بتجربة كل ما يمكن من كتابة وإخراج وتمثيل، لأن التجربة هي البداية، فالمخرج يكون كاتبا والكاتب يكون مبدعا سينمائيا، مؤكدة أن الشغف والعطش لهؤلاء الصناع موجود، وهذا ما نراه في العشرات من الدارسين المبتعثين للسينما والإخراج، ما يشر إلى مستقبل مزدهر لهذه الصناعة في المملكة ومواكبة العالم، وتقديم قصص الوطن بدلا من تقديم العالم قصصنا بطريقتهم، لافتة إلى أن المحاولات المقدمة داخل وخارج المملكة من أفلام هي اجتهادات محبين، والشغف بهذا الفن هو المحرك لهم، فجميعهم هواة وليسوا متخصصين. كامل ترى أن الفنان جزء من أي تراث وأي ثقافة وليس مدعوما، ذاكرة أن أكبر مشكلة تواجه السعوديين هي الخوف، وهذا ما جعل المجتمع يتعود على أن الترفيه يأتي من الخارج، وأن المجتمع مثالي لا توجد به مشكلات، مؤكدة أن هذه الرؤية ستتغير مع الزمن، لأن الجيل المقبل جيل مرئي بعد أن كان جيلا شفهيا.
مشاركة :