كان منظر الدموع وهي تسقط من عيني ذلك العجوز مؤثراً، ربما ليس لكل من شاهدها، فهنالك من هو ناقمٌ عليه، ويحمّله مسؤولية تلك المأساة التي حلت في ملعب الإمارات بالعاصمة الإنكليزية لندن، ولعل دمعة الفرنسي آرسن فينغر كانت أثقل كون أن من تسبب بإخراجها فريق موناكو الفرنسي الذي قضى معه أجمل لحظات حياته التدريبية. أيّاً كانت الظروف، وأيّاً كان شكل الدموع، فلا يمكن لعشاق أرسنال تقبل مشهد فريقهم وهو يسقط ذليلاً بأمر ضيفهم الفرنسي الذي أدمى شباك «الغنرز» بثلاثية قابلها هدف، جعلت من مسألة بلوغهم دور الثمانية من دوري أبطال أوروبا مجرد حلم، لن يتحقق إلا بمعجزة كروية في ملعب «لويس الثاني» في الـ17 من الشهر المقبل. بعد الخسارة الذليلة ذهاباً، اعترف ابن الـ65 عاماً باستحقاق فريقه للخسارة، مبدياً تعجبه من الطريقة السهلة التي أحرز بها موناكو الأهداف، «لم نكن على المستوى المطلوب، يبدو وكأن التوتر أصابنا وفقدنا رشدنا في أرض الملعب. لم نكن حاسمين بما يكفي.. دفعنا ثمن ذلك». أشرف فينغر على فريق الإمارة الفرنسية بين أعوام (1987 - 1994)، وحقق معه بطولة الدوري في عامه الأول مع الفريق، وكان للمباراة حساباتها العاطفية الخاصة، وبعد أن كان غالباً ما يُبرّر خروج «المدفعجية» من دوري الأبطال بأنه بفعل «القرعة»، التي تظلمه وترمي به بين فكّي أعتى الفرق الأوروبية، خصوصاً برشلونة الإسباني وبايرن ميونيخ الألماني، لم يكن يتوقع فينغر أن يخرج بطريقة أذل من رابع الدوري الفرنسي. «لم يتحلّى لاعبو أرسنال بالتركيز، وارتكب دفاعنا أخطاء ساذجة، ولم ننجح في ترجمة الفرص السهلة التي أتيحت لنا إلى أهداف»، كانت تلك مبررات إضافية أسردها فينغر، قبل أن يتدارك: «لم أتفاجأ بأداء موناكو، أكدت قبل المباراة أنهم فريق عنيد ولعبوا بالطريقة التي توقعتها.. ولكن!»، إلا أن المدرب الفرنسي رفض رفع الراية البيضاء، وأكد أن الأمل موجود على رغم صعوبة المهمة، آملاً في أن تخبئ لهم الـ90 دقيقة الأخرى أخباراً مفرحة. بعيداً عن هذا وقريباً من ذاك، فلم يعد لوجود فينغر بالقرب من «مدفعجية لندن» ترحيباً كما في السابق، فالمدرب الذي قضى 18 عاماً مع أرسنال لم يعد يحظى بالقبول ذاته الذي كان عليه في السابق، خصوصاً بعد غياب الفريق عن البطولات الكبرى منذ أعوام، وربما تكون الضربة القاضية التي تنهي مسيرة فينغر مع فريقه الحالي بـ«عصى» موناكو. المهندس الكهربائي والحاصل على ماجستير العلوم الاقتصادية تعامل مع المواجهة ببذخ في بدايتها، إذ أشرك ثلاثة مهاجمين ولاعبي وسط ذو نزعة هجومية، الأمر الذي أثّر على فريقه في المناطق الخلفية، ومكّن موناكو من معاقبته بثلاث مرتدات دامية، أبكت مدرب أرسنال، والجماهير أيضاً، التي لن يخفف من صدمتها سوى نبأ رحيل «العجوز».
مشاركة :