تنشر "البوابة نيوز" كلمة الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بمناسبة الدورة 36 بتونس.وجاء فيها: "يشرفني ونحن نجتمع مرة أخرى في تونس العزيزة، قبلة التعاون الأمني العربي، أن أرفع إلى مقام سيادة الرئيس محمد الباجي قايد السبسي، حفظه الله ورعاه، أخلص مشاعر المودة والاحترام، مقدرًا كل التقدير تكرم سيادته بشمول هذه الدورة برعايته السامية، ومجددًا الإعراب عن امتناننا لدعمه الموصول للعمل العربي المشترك، وللعناية الكريمة التي يوليها لمجلس وزراء الداخلية العرب وأمانته العامة.ويسعدني أيضًا أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى صاحب المعالي السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة على الرعاية الكريمة التي يحيط بها هذا المجلس وعلى الدعم البناء الذي تحيط به الحكومة التونسية الرشيدة الأمانة العامة وأنشطتها المختلفة.والشكر لكم معالي الوزير وإلى مساعديكم كافة على توفير كل مقومات النجاح لهذا اللقاء الأمني العربي الكبير، وتأمين أسباب الراحة والطمأنينة للوفود المشاركة.ويشرفني كذلك أن أتوجه بأخلص معاني التقدير والعرفان إلى الرئيس الفخري لمجلسنا الموقر، صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، وإلى سائر إخوانه أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب على دعمهم الدائم للأمانة العامة وللعمل الأمني العربي المشترك.ويسعدني أن أرحب بسائر ممثلي المنظمات العربية والدولية الذين يشكل حضورهم معنا اليوم دليلا على وعي المجلس بتجاوز التحديات الأمنية للحدود الوطنية وسعيه إلى مواجهتها بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.ينعقد هذا المجلس اليوم وما يزال الوطن العربي يواجه تحديات مختلفة تلقي بظلالها القاتمة على مناخ الأمن والاستقرار وتكبح مسارات التنمية والازدهار، وتأتي في مقدمة هذه التحديات تلك المرتبطة بالجريمة المنظمة وما ينتج عنها من الاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية وعمليات التهريب المختلفة التي تنخر اقتصاديات الدول وتعرض الصحة العامة للخطر، وهي تحديات تسهم في استشرائها بعض القوى الإقليمية التي لا تفوت أي فرصة لتعريض الأمة العربية للخطر وإثارة النعرات المذهبية والطائفية وتفتيت اللحمة بين أبناء الوطن الواحد.أصحاب السمو والمعالي...في هذا الوضع الحرج يبرز مجلسكم الموقر حصنا منيعا تتكسر عليه أطماع عصابات الإجرام المنظم ومنارة مشعة تنير درب التعاون الأمني العربي.وتكفي لمحة سريعة على ما تحقق خلال العام الماضي من إنجازات في مواجهة الإرهاب في نطاق هذا المجلس لإدراك مدى النجاح الذي يتميز به، ولنأخذ على سبيل المثال ما تم بشأن التعامل مع ما يمكن اعتباره أخطر تحد أمني يواجه دولنا اليوم ألا وهو عودة المقاتلين الإرهابيين من مناطق الصراع وبؤر التوتر بعد أن منيت التنظيمات الإرهابية بهزائم نكراء بفضل جهود الدول العربية وتعاونها مع المجتمع الدولي. فالتحديات المتعلقة بهذه العودة لا تنحصر فقط في مواجهة تسلل هؤلاء المقاتلين وإنما تتعلق كذلك بسبل التعامل مع المقبوض عليهم وطرق تأهيلهم.ولقد عمل المجلس خلال السنوات الأخيرة على مواجهة هذه الظاهرة بخطوات استباقية تمثلت في عدة إجراءات منها إنشاء قاعدة بيانات للمقاتلين الإرهابيين تمت تغذيتها من الدول الأعضاء حتى باتت تحتوي على معطيات كبيرة حول هؤلاء المقاتلين. وأغتنم هذه المناسبة لأدعو الدول العربية إلى الاستمرار في تغذية هذه القاعدة بكل ما يتاح لها من معلومات.وبعد إقرار المجلس الموقر لآلية للحيلولة دون انتقال المقاتلين الى مناطق الصراع وبؤر التوتر استفادت منها الدول العربية في تقليص هذا الانتقال، يجري الآن إعداد آلية للتعامل مع العائدين من مناطق الصراع وبؤر التوتر.وقد كانت عودة المقاتلين الإرهابيين الموضوع الرئيس في عدة اجتماعات في نطاق الأمانة العامة مثل اجتماع اللجنة المتخصصة بالجرائم المستجدة والمؤتمر السنوي للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب، كما كان تأمين الحدود للحيلولة دون تسلل المقاتلين وطرق تبادل المعلومات بشأن العائدين محل اهتمام عدة ورش عمل عقدتها الأمانة العامة العام الماضي بالتعاون مع مشروع مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجهاز الشرطة الأوروبية والوكالة الأوروبية لحرس الحدود وخفر السواحل. ونعد العدة الآن بالتعاون مع هؤلاء الشركاء لعقد مؤتمر كبير حول ظاهرة المقاتلين العائدين يجمع المختصين من العالم العربي والاتحاد الأوروبي، وذلك انسجامًا مع توجهات المجلس لتعزيز التعاون مع الهيئات الإقليمية والدولية النظيرة.ولا شك أن فريق العمل المعني برصد التهديدات الإرهابية والتحليل الفوري للأعمال الإرهابية الذي يتم الآن النظر في إنشائه سيمكِّن من تعزيز التعاون العربي الإجرائي في مجال مكافحة الإرهاب، إذ سيشكل شبكة لتبادل المعلومات بصورة آنية، كما سيكون قطبا تتجمع فيه كل المعطيات المتعلقة بالعمليات الإرهابية وبوتقة تنصهر فيها خبرات الدول العربية في هذا المجال.وإن الوحدة المعنية بالأمن السيبراني التي تقرر إنشاؤها في نطاق المكتب العربي لمكافحة التطرف والإرهاب ستشكل عاملا مهما في مواجهة الإرهاب إذ سيكون من أولوياتها رصد خطاب التطرف على شبكة الإنترنت واستخدام هذه الشبكة في الإرهاب تجنيدا وتواصلًا وتمويلا.رغم خطورة الإرهاب وفداحة المآسي التي تنجم عنه، فقد كان المجلس دائمًا حريصًا على أن تتم مواجهته – على غرار مواجهة كل أنماط الجريمة - في إطار احترام حقوق الإنسان وكرامته، وهذا ما جعل احترام حقوق الإنسان يحظى دائما باهتمام بالغ من لدنه أفضى الى تنظيم مؤتمر سنوي للمسؤولين عن حقوق الإنسان في وزارات الداخلية العربية ومؤتمر دوري يجمع هؤلاء المسؤولين باللجان الوطنية لحقوق الإنسان في الدول العربية. وفي هذا السياق يتم الآن وضع اللمسات الأخيرة على مشروع استراتيجية عربية لتعزيز حقوق الإنسان في العمل الأمني سيكون بحول الله تتويجا للجهود القيمة التي سبق أن اتخذها المجلس وإطارا يرسم آفاق التعاون العربي في هذا المجال.يسعدني في الختام، أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى معالي نور الدين بدوي رئيس الدورة المنصرمة للمجلس، على رعايته الكريمة للأمانة العامة ومتابعته الحثيثة لأعمالها، واثقًا من أن رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود للدورة السادسة والثلاثين ستعطي دفعًا قويًا لمسيرة العمل الأمني العربي المشترك. كما يسرني أن أرحب بأصحاب المعالي الوزراء الذين يشاركون في أعمال المجلس للمرة الأولى، متمنيًا لهم كل التوفيق والنجاح في أداء مهامهم النبيلة، وواثقًا من أننا سنلقى منهم كل الدعم والمساندة.
مشاركة :