الكتاب قوة الأجيال ..الترجمة تعايش مع الآخر

  • 2/28/2015
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

معرض الرياض الدولي للكتاب يقام في الفترة من 13 -23 جمادى الأولى 1436ه الموافق 4- 14 مارس 2015م، بمشاركة 915 دار نشر وتوكيل وهيئة ومؤسسة حكومية وأهلية وخيرية، ويرفع المعرض شعار "الكتاب .. تعايش".. هذا تقرير عن القراءة والقارئ.. إذن، "كل الكتب تجيب على تساؤل كتاب واحد".. هذا ما تأمله إدمون جابيس في كتابه "الهوامش" الذي سيكون من بين كتب أخرى في جناح منشورات ضفاف هذه الأيام، وليس الكتاب الوحيد الذي يعاين مسائل القراءة والكتاب والمكتبة والقارئ. إذا كان قد رأى جابيس أن الكتاب المهجور، المتروك.. هو مسافة القول اتجاه ما يقال في أي مكان، هذا الفضاء الذي يقطع مع الحرف.. خطابه يدهشنا دائماً بفصاحته الصامتة يلتقطها صمت الهوامش والشواطئ الموعودة. مسافة الرمال مع البحر، مسافة السماء مع الأرض".. للكتاب طريق إلى القارئ إما عن طريق المكتبة وإما عن طريق المعرض، كما يمكن للكتاب أن يكون في متناول ضربات الأصابع في الشاشات الإلكترونية، ويمكن أن يكون قريباً عبر خدمات التوصيل المتاحة أسواقها الافتراضية في الفيس بوك وتويتر والانستغرام. يضع دانيال بناك في كتابه "متعة القراءة" (2014) بترجمة يوسف الحمادة عن دار الساقي، قائمة في حقوق القارئ الدائمة، مثل "الحق في عدم القراءة" الذي يحيل إلى أن "حرية الكتابة لايمكنها أن تتلاءم مع واجب القراءة"، والحق في القفز عن الصفحات باعتبار أن الكاتب أطال في هذا الموضع وأنه في الموضع الآخر يغني على ناي لحناً لا داعي له، وأنه في موضع آخر استسلم إلى التكرار وفي موضع آخر إلى البلاهة. ويضيف بناك أيضاً إلى قائمة حقوق القارئ الدائمة، الحق في عدم إنهاء الكتاب، فرغم شعور القارئ بأهمية الكتاب فهو لا يفقه شيئاً منه، وسأحاول نقل تساؤلات بناك إلى الثقافة العربية، فإن القارئ يحق له أن يترك في انتظاره لسنوات روايات كبرى مثل الثلاثية "قصر الشوق، السكرية، زقاق المدق" لنجيب محفوظ، أو "مدن الملح" لعبدالرحمن منيف، أو "مدارات الشرق" لنبيل سليمان. كل الكتب تجيب على تساؤل كتاب واحد ومن المحتمل ألا يعود إليها القارئ فالأجزاء بحد ذاتها تدفعك إلى نصيحة من قارئ سابق أو ناقد أبرز جزءاً على آخر. غير أن الكتب لا تتغير لو تأخر زمن قراءتها فهي تبقى على الرفوف ونحن من نشيخ! فالروايات الكبيرة ذات المجلدات التي لا تطاوعنا ليست بالضرورة أصعب من غيرها. ثمة روايات ذات صفحات محدودة لا تطاوع القارئ والناقد. ويسرد بناك مكملاً تلك القائمة، الحق في إعادة القراءة، والحق في قراءة أي شيء، والحق في القراءة في أي مكان، الحق في أن نقطف من هنا وهناك، والحق في القراءة بصوت عال، والحق في أن نصمت.. في المعرض كل أغاني الأطفال القديمة الترجمة تعايش مع الآخر بات من التقليد القرائي ترقب الكتب المترجمة كل عام من بعض المؤسسات المتخصصة مثل المركز القومي للترجمة، والمنظمة العربية للترجمة، ومشروع كلمة – أبو ظبي. ثمة كتب تستحق القراء. كتب بترجمات متقنة في العلم والفكر والنقد والأدب. وتحاول بعض دور النشر مزاحمتها في ترجمة الأدب كثيراً. روايات وشعر. العلوم الإنسانية والاجتماعية، والسياسية والاقتصادية هي الأقل. تقدم طوى للنشر والإعلام أكثر من رواية مترجمة هناك "جامع الفراشات" لجون فاولز بترجمة عبدالحميد فهمي الجمال، و"أحلام آينشتاين" لآلان لايتمان بترجمة أسامة أسبر، و"قصص الحب والجنون والموت" لهوراسيو كيروغا بترجمة صالح علماني، و"تفتيش ليلي" لباتريك موديانو بترجمة محمود قاسم، و"بابلوا نيرودا" لألبيرتو كونتي بترجمة صالح علماني. كما تقدم أيضاً من إعداد إسكندر حبش "القراءة والنسيان: الخروج من مدن الملح" حوارات مع عبدالرحمن منيف. وتقترب منها دار أثر إذ تقدم "مادونا صاحبة معطف الفرو" للكاتب التركي بترجمة جهاد الأماسي. رموز الثقافة النجدية: المنقور وبورسلي والقصيمي تعزز من نشاطها في إصدار كتب عدة تعنى بدراسات في الفكر الأوروبي من القرن العشرين الذي يكتشفه قراء جدد، وتنافسها دور نشر أخرى مثل منشورات ضفاف والاختلاف، والمركز الثقافي العربي! وتعزز من عنايتها بمجالات ثقافية عدة، هناك كتاب "كتابة التاريخ في المملكة العربية السعودية: العولمة والدولة في الشرق الأوسط" ليورك ماتياس ديترمان بترجمة عبدالله العسكر. والكتاب فريد في بابه، حاول مؤلفه أن يروي قصة تطور كتاب التاريخ في السعودية، وجهود المؤرخين السعوديين منذ القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، وذلك بفحص انتاجهم وتحليله وتقسيمه إلى مدارس منهجية مختلفة، لهذا عمد المؤلف إلى التوسع في التواريخ السلالية والمحلية والعشائرية والشيعية والاجتماعية والاقتصادية. وجمع عبدالله الثبيتي من جريدة القبلة "الشعر العامي"، وأعد الكاتب الكويتي حمد الحمد "فهد راشد بورسلي: شاعر الكويت الشعبي" يسجل الكتاب مرحلة تمرد الشاعر واستخدامه الهجاء وانتقاده لدول استعمارية وأشخاص مهمين، مما أوقعه في معاناة أليمة وحجز من قبل السلطات. هناك عرض إشادات الصحافة وكبار الأدباء بتجربة فهد بورسلي. كما نرى في الكتاب سجلا لقصائد الشاعر الغزلية التي تحولت إلى سامريات تغنّى إلى يومنا هذا، وقصائد وجدانية وانتقادية بعضها يُنشر لأول مرة. وأعد محمد السيف كتاب "ناصر المنقور: أشواك السياسية وغربة السفارة" وقد بذل فيه السيف جهداً طيلة ثلاثة أعوام في إنجاز كتابه الذي دعمه بالصور والوثائق، والتقى خلال فترة البحث بعدد من أصدقاء ورفاق درب الوزير السفير الراحل. وسيحظى بإقبال غير قليل كما هو متوقع. ومثيله كتاب "خمسون عاماً مع عبدالله القصيمي" الذي كتبه صديقه ورفيق دربه المحامي إبراهيم عبدالرحمن، وفي هذا الكتاب يروي قصته الطويلة والمثيرة مع عبدالله القصيمي، منذ أن تعرّف إليه، وهو طالب في المرحلة الثانوية في مدينة حلوان، وإلى أن واراه الثرى، ونشرَ خبر نعيه في صحيفة "الأهرام" القاهرية. تفاصيل مثيرة ومهمة طيلة خمسين عامًا، منذ لحظة اللقاء الأول، مرورًا بأحداث ومواقف في حياة القصيمي ومسيرته لم تروَ من قبل؛ نشاطه الفكري والثقافي في القاهرة ثم في بيروت، وقرارات إبعاده من القاهرة أولًا ثم من بيروت ثانيًا، أسبابها وتداعياتها، ومن هم أبرز ضيوف ندوته الأسبوعية، وكيف كانت تدار تلك الندوة؟ يتتبّع المؤلف تاريخيًّا مسار إصدارات ومؤلفات عبدالله القصيمي في تحولاته الفكرية الثلاث: السلفية ثم التجديدية ثم التحرر والتمرد، وهي مؤلفات بلغت 22 كتابًا، بكل ما شاب تأليفها وطباعتها من ظروف وملابسات وحِيل للتغلّب على نقل بعض مخطوطاتها من القاهرة إلى بيروت، وأخيرًا باريس. لم يغفل المؤلف الإحباط الذي عاشه القصيمي بعد تراجُع توزيع كتبه في الوطن العربي بسبب منعها، وهو إحباط لازمه حتى وفاته. كتب جديدة وطبعات أخرى! بقدر ما تحضر كتب جديدة لمجموعة من الأسماء المرموقة للثقافة في السعودية، في مجال النقد كتاب "ما بعد الصحوة" لعبد الله الغذامي يتم بها جولاته في النقد الثقافي سيكون موجوداً في جناح المركز الثقافي العربي، و"العشق والجنون: دولة العقل وسلطان الهوى في الثقافة العربية" لسعيد السريحي سيكون موجوداً في جناح دار التنوير. وفي الروايات هناك " غريق يتسلى في أرجوحة" ليوسف المحيميد، و"حياة بنصف وجه" لعلوان السهيمي ستكون متوفرة في المركز الثقافي العربي. ورغم تقديم دار أثر ديوان شعري جديد بعنوان "شجرة يسقيها الشاي" لمسفر الغامدي، وللكاتب ضيم "لو للقلوب أبواب" و"مدن" لمحمد آل عبد القادر، إلا أنها تقدم طبعات جديدة لكل من ليلى الجهني في كتابين "40 في معنى أن أكبر " و"جاهلية"، ولهيلدا إسماعيل "دانتيلات. كتب أم الدنيا والعجائب لا زال حضور دور النشر المصرية ذات السنوات البعيدة مستمر، وتتحدى الزمن تلك الكتب بالتزامها ما بين الكتب التراثية مثل مكتبة الآداب وزهراء الشرق ودار الكتب والوثائق القومية، وتنافسها دور نشر لبنانية مثل صادر ودار الكتب العلمية ودار الجيل وإحياء التراث. وتبقى بعض دور النشر تحتل موقعاً عند القراء في تقديم أسماء الثقافة المصرية الفاعلة من مفكرين وأدباء وشعراء مثل دار الشروق ودار العين للنشر ودار ميريت، ومركز المحروسة، العربي، ومصر العربية، وروافد، وآفاق للنشر، ورؤية للنشر، بينما لا زالت بحاجة دور النشر الجديدة من التمكين في المشاركة خارج مصر مثل رواق والربيع العربي واكتب وسواها. تقدم دار الشروق بعض الأعمال الروائية لكتاب عرب مثل رواية "في الهنا" طالب الرفاعي الجديدة. رواية سيرة ذاتية حقيقية. صرخة موحشة، تضج بوجع ووحدة صاحبها طالب الرفاعي، تعري العوالم الخفية لعلاقة المرأة بالرجل في المجتمعات الخليجية. فتاة عزباء تهيم عشقاً برجل دولة متزوج، ويكون طالب الرفاعي، باسمه الصريح، مشاركاً في معايشة منعطفات هذه العلاقة: "أنت صديق بابا الأقرب، ولا أحد لي غيرك" كيف يمكن للحب والشوق والأمل أن يزهر في زمن الإنتفاضات العربية والعنف والدم والموت، لعبة تقطيع الزمن الروائي هي العنصر الأساسي في بناء رواية "في الهنا" فالرواية بأكملها تأتي عبر جملة واحدة موزعة على أربعة مقاطع! طالب الرفاعي في روايته الجديدة، يصّر على السير فى درب المغامرة الحياتية الملغومة، بكتابة رواية "التخييل الذاتي" في مجتمعات لا تطيق سماع الحقيقة. ورواية "من ذكر وأنثى" لبنسالم حميش الجديدة. إنها رواية حول امتحاناتِ الوجود وأفعال الزمان بالخلائق، وذلك في حقل العلائق بين الجنسين. من دون الحب، الحياة قَفْرٌ يَعْدَم الوجهة والبوصلة؛ واللاحبّ مدعاة لمأساة القرانِ والصلة. وفي الحديث عنهما كلُّ نفسٍ وعاءٌ يرشح بما فيه. وهذا حال شخصية السارد في الرواية، (الإعلامي النافر من مهنته والكاتب الجادّ)، إذ نراه يتأرجح بين ذينك الشعورين، مطبوعا بحداد حادّ إثر فقدان زوجته الأولى وبنتهما، باحثا بين النساء عن خليلة (لربما تشبه فقيدته) أو عن حليلة تعينه على تهوين آثار الذاكرة المكلومة والشعور بعبءِ العبثِ والعياءِ من الذات. في خضم البحث الشاقّ (والمرح أحيانا) يغدو الساردُ أمام حيوات ومصائر -أغلبها لجرحى الحبّ والحياة- باتت تغذي شغفه بالرواية وبالتخييل الإبداعي، فعادت نفسه إلى الهدوء والطمأنينة في كنف خليلة قديمة أمست زوجتَهُ الجديدة. ومنذئذ بدا عمره دانيا من عدّه العكسي بل خريفه.. بالإضافة إلى روائي مصري شاب يحضر بشكل لافت عبر رواية "إيقاع" لوجدي الكومي التي يقول عنها كاتبها "في «إيقاع» رصدت التغيرات الاجتماعية التي طرأت على مصر والمصريين بحثاً عن حكاية فنية مثيرة، تحاول أن تجيد اللعب على الموروث الفني للرواية الواقعية، في إطار المشهد الاجتماعي الجديد، هي محاولة لقراءة هذه التطورات، بصياغة حديثة تربط كل خيوط اللعبة، وتقدم الحكاية في ثوب مغاير للتناول التقليدي". كما تقدم دار الشروق كتبا في "أغاني الأطفال" أعدها ورسمها حلمي التوني بعناوين ملفتة "كان فى واحدَة ستّ" و"يحيا أبو الفصاد" و"بابا جاي امتى؟" ويذكر الناشر بأنها سلسلة أغَاني زَمَان وكُلّ زَمَان: أحببناها صغاراً وكبرنا ونحن نغنيها واليوم نُعلمها لأطفالنا. في سلسلة ممتعة يقدم لنا الفنان حلمي التوني أغاني مشهورة في كتاب مرسوم وآخر للتلوين، وذلك ضمن مشروعه لإحياء تراثنا والحفاظ عليه. يذكر ألبرتو مانغويل – التلميذ غير النجيب لبورخيس- في كتابه المترجم حديثاً "فن القراءة (2014) بترجمة عباس المفرجي عن المدى، بأن "لا قسم في المكتبة المثالية هو نهائي . خارطة المكتبة المثالية هي فهرسها .. اصنعوا فهارسكم أيها القراء والقارئات..

مشاركة :