كرة القدم الحقيقية

  • 2/28/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ليس مطلوب من النصر والأهلي تقديم مستويات مميزة في دور المجموعات من دوري الأبطال الآسيوي، قدر مطالبتهما ببلوغ الغاية والعبور إلى دور الإقصائيات. ويرتبط هذا بأولوياتهما في الموسم الجاري، التي يتصدرها لقب الدوري المحلي، ثم بطاقة العبور، وأخيرا كأس الملك. الحال مختلفة في الهلال والشباب، يحتاج العاصميان إلى مصالحة جماهيرهما بمستويات فنية مقرونة بالنتائج تثبت أن ما مرا به في الأسابيع الماضية ليس إلا وعكة عابرة مضت. في الجولة الأولى من الدوري القاري، لعب الشباب بتكتيك عال أمام العين، تحلى باتشيكو بالواقعية، حمى مرماه بإتقان، ونجح في العودة بنقطة من أمام أهم المنافسين في المجموعة، بلوغ الهدف المحدد كان له متعة خاصة لا شك. باتشيكو قدم لنا وجه فريقه الدفاعي في أجمل صورة عندما يلعب خارج الديار، من المؤكد أنه سيستمر على هذا النهج، ونحتاج إلى الانتظار لمعرفة ماذا سيفعل الرجل عندما يلعب على أرضه، وهل تساعده قدرات مجموعته الهجومية في التحول من حماية الشباك إلى هز الأخرى المقابلة. مشجعو كرة القدم، لا يفضلون هذا النوع من المدربين، يعتبرونه جبانا، بل إن بعضهم يفهم الطرق الدفاعية المحكمة جبنا وخوفا، وأن من يفعل ذلك أشبه ما يكون برجل يضع يديه على رأسه وهو يتلقى ضربات خصمه، وهذا كلام غير صحيح، ينطلق من موروثات اجتماعية شب عليها غالبية أفراد المجتمع، فالذكاء لديهم لم يكن يوما طريقا للهدف بل القوة. .. كرة القدم، معركة صغرى، النصر فيها لمن يهز الشباك فقط، ما يتلو النزال ويرافقه من أحاديث، وإحصائيات السيطرة على الكرة، أشبه ما تكون بقصائد الشعراء بعد المعارك، تلك كلمات مضمدة، محاولة لجبر كسر الذات، والشعراء غالبا لم يكونوا يشاركون في المعارك، بل في جلسات السمر التي تتلوها، ويتداول فيها ما يطيب الخواطر بعد الهزيمة، أو ما يصعد بالفخر حد الفجور. تأسيس المشجع الرياضي السعودي، برازيلي بحت، نسبة إلى تعلقه بمنتخب السامبا، في فترات لم يكن له فيها ند، ومحبته نجومه وإلى النجاحات العالية التي حققها المدربون البرازيليون في الأندية السعودية خلال الثمانينيات. آنذاك، كانت الكرة البرازيلية تتسيد المشهد تماما، لا أحد ينافسها، تصدر المتعة بامتياز، حتى تحولت الكرة إلى صناعة، فاستولى عليها الناجحون في الصناعة من الأوروبيين، لم يكونوا يملكون المهارة البرازيلية لينافسوهم في تصدير المتعة، اختاروا طريقا آخر وهو العلم. حولوا اللعبة الشعبية الأولى في العالم إلى علم، يعتمد على الأرقام والتحليل قبل النزال، ولا يشترط نتيجة واحدة في كل الأحوال. كرة القدم الحالية، لم تعد تعتمد على المهارة الفردية، هي القوة البدنية بكل تفرعاتها، ثم التكتيك، وأخيرا المهارة الفردية، هذا يعني بوضوح، أن كل شيء تغير، هل معنى ذلك أن الكرة لم تعد متعة؟ لا، هذا غير دقيق، كرة القدم ما تزال متعة وترفيها وأصبحت صناعة، الذي يجب أن يتغير هو مفهوم المتعة في كرة القدم، لم يعد هو ترقيص المدافعين، التسحيب والكعوب، بل التحدي، قوة التحمل البدني الهائلة، التركيز الذهني، وتحقيق الهدف. وجمال كرة القدم الحقيقي هو أن تحدد هدفك بدقة وتبلغه بحرفية.

مشاركة :