استعصاء الحوار السياسي بين الفلسطينيين

  • 3/4/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ماجد كيالي لم تنجح الفصائل الفلسطينية، ولاسيما حركتا فتح وحماس، في إنهاء حالة الانقسام في السلطة، وفي منظمة التحرير، رغم مرور 12 عاما على الانقسام، ورغم آثاره السلبية على قضية فلسطين وشعب فلسطين وحركته الوطنية، رغم العديد من الاتفاقيات التي تم عقدها في القاهرة والدوحة ومكة وصنعاء وغزة ومؤخرا في موسكو.ثمة العديد من الملاحظات تكتنف تلك الاتفاقات أو الحوارات التي نشأت على هامشها، والتي تفسر أسباب فشلها، أهمها:أولا غياب الإرادة الحقيقية اللازمة لطي صفحة الانقسام، عند فتح وحماس، إذ أن كل واحدة منهما باتت بمثابة سلطة في الإقليم الذي تسيطر عليه، أكثر من كونهما حركتي تحرر وطني، إذ باتت لكل منهما مصادرها المالية، وأجهزتها الأمنية والإدارية، التي يستحيل تصور إمكان تنازلها عنها، طالما أن كلا منهما ترى أن أي تنازل سيؤدي إلى خدمة الطرف الآخر.ثانيا، الانقسام والاختلاف باتا يعيدان إنتاج نفسيهما في علاقات وموازين قوى، ما يفسر أن الطرفين المعنيين، بات كل منهما منشغلا بالتصارع مع الطرف الآخر، أكثر من تصارعه مع إسرائيل، على نحو ما شهدنا في التصعيد المتبادل بين الطرفين مؤخرا، والذي وصل إلى حد تنظيم مظاهرات في غزة، تحت شعار “ارحل” للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مقابل تنظيم مظاهرات في مدن الضفة تحت شعار “فوضناك” (أو اخترناك)، وكلا الادعاءين لا علاقة لهما بالسياسة، ولا يفيدان شيئا، بقدر ما يضران بالعمل الفلسطيني، ويفاقمان الخلاف وينقلانه إلى مستوى التحريض الشعبوي.ثالثا، الحوارات تجري في عواصم مختلفة، بدلا من أن تجري بين الفصائل الفلسطينية في فلسطين ذاتها، وهذه الحوارات تجري خارج الأطر الوطنية الشرعية الفلسطينية، بدلا من أن تجري في إطار المجلس الوطني أو المجلس المركزي أو المجلس التشريعي، أو داخل أي إطارات وهيئات يجري التوافق عليها.رابعا، لا يمكن التوافق على إنهاء الاختلاف والانقسام، دون توفر عناصر ثلاثة أساسية، أولها يتعلق بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، على أسس وطنية تشاركية وتمثيلية وديمقراطية، وبواسطة الانتخابات، لحسم الجدل حول أحجام الفصائل الفلسطينية، أي أن الأمر لا يقتصر على إنهاء الخلاف والانقسام في كيان السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع.وثانيهما يتعلق بتوفر الإرادة لاعتماد الوسائل الديمقراطية، ووسائل الحوار، لحل الخلافات الفصائلية، بدلا من اعتماد القوة العسكرية والأجهزة الأمنية في حسم الخلافات الفصائلية وفي ضبط الحراكات الشعبية المناهضة لذلك. وثالثهما التوافق على رؤية وطنية جمعية جديدة، بعد إخفاق الخيارات التي تم اعتمادها طوال المرحلة الماضية، سواء تعلقت بالمفاوضة أو بالمقاومة، بالشكل الذي تم انتهاجهما به على ضوء التجربة الماضية.خامسا، لا يمكن البحث عن خيارات وطنية فلسطينية في ظل تمحور هذا الفصيل أو ذاك لصالح أجندات عربية أو إقليمية معينة، لأن التجاذبات الخارجية لها أجندة وتوظيفات أخرى، لا تصب حكما في إطار المصلحة الفلسطينية، أو لا تضع في أولوياتها حال الفلسطينيين وظروفهم الخاصة. والحديث هنا يتركز أساسا على سعي إيران لتركيز جهودها في غزة، ومحاولة تعزيز مكانة حركة الجهاد الإسلامي التي تدور في فلكها، إلى جانب دفعها حركة حماس لتوظيف كل ذلك في أوضاع تستهدف ركوب القضية الفلسطينية مجددا، بعد أن استنزفت كثيرا من مواردها في الصراع السوري، وذلك لاستخدامذلك كورقة لتخفيف الضغوط الموجهة ضدها.الفكرة هنا أن أي اجتماع للمصالحة وإنهاء الانقسام بين الفلسطينيين، أو بين فتح وحماس، سيفشل كما فشل اجتماع موسكو، وكما فشلت الاجتماعات والاتفاقيات السابقة، طالما لم يتم التوافق على الأسس المذكورة.ثمة هنا مقترحات، ناقشها فلسطينيون، من “ملتقى فلسطـين”، من خارج الفصائل، من فلسطين التاريخية ومن تجمعات اللاجئـين، في اجتماع جرى مؤخـرا، للخـروج من دوامة الانقسام ولاستنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية، تمثلت في الآتي:1- بلورة رؤية سياسية جامعة، تنطلق من أن الفلسطينيين شعب واحد، وأن قضيتهم واحدة، في مقاومتهم لإسرائيل، وأن أي حل يفترض أن يتأسس على التطابق بين شعب فلسطين وأرض فلسطين وقضية فلسطين، وأن يتمثل عنصرا الحقيقة والعدالة، وقيم الحرية والمواطنة والمساواة والديمقراطية.2- ضرورة فك الارتباط الوظيفي والإداري بين منظمة التحرير الفلسطينية ككيان سياسي جامع لكل الفلسطينيين، وبين السلطة التي تعتبر بمثابة كيان سياسي لفلسطينيي الضفة والقطاع، مهمته تعزيز صمودهم في أرضهم وتنمية مؤسساتهم وإدارة أحوالهم، ما يفيد باستعادة الحركة الوطنية الفلسطينية لطابعها كحركة تحرر وطني.3- إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، بوصفها الكيان السياسي للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم وقائد كفاحهم من أجل حقوقهم الوطنية، وذلك على قواعد وطنية مؤسسية وتمثيلية، وباعتماد الانتخابات أساسا لتحديد التوازنات في الإطار الوطني.4- التوافق على النقاط الثلاث السابقة يمهد للشروع في انتخابات رئاسية وتشريعية لكيان السلطة، ولعضوية المجلس الوطني لمنظمة التحرير حيث أمكن، أما حيث يتعذر ذلك فيمكن اعتماد وسائل الاتصالات والكود الوطني، خاصة أن تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية باتت تتيح ذلك.

مشاركة :