استهلاك البلاستيك يتحكم في الطلب على النفط الخام

  • 3/5/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كريستوفر راول*تتوقع وكالة الطاقة الدولية مساهمة صناعة البتروكيماويات في نمو إجمالي الطلب على النفط بنسبة تزيد على 2.5 مرة حتى عام 2040 مقارنة مع مساهمتها في نمو الطلب خلال الفترة ما بين عامي 2000-2017. كانت صناعة النفط ومازالت حاضرة في الجدل والمناقشات المتعلقة بالبيئة. وتركزت توقعات القطاع بعيدة المدى ولسنوات عديدة، على الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها ارتفاع درجة حرارة الأرض وانتشار المركبات الكهربائية إلى خفض شهية العالم للنفط الخام. وهذا يعني أن تركيز القطاع على تغيير آخر سيكون له تأثير أكبر مقارنة مع السيارات الكهربائية، وهو الحرب على البلاستيك، كان أقل بكثير. ومع اتساع نطاق الحملة التي تبنتها الشركات للتخلص تدريجياً من الأكياس البلاستيكية وما شابهها، وسعي الحكومات الحثيث لتقليص انتشار العبوات البلاستيكية دعماً للبيئة، فإن ذلك سيكون له آثار لا يمكن تجاهلها لأن البلاستيك مصنوع في النهاية من النفط الخام. وتستهلك وسائل المواصلات حالياً أكثر من نصف النفط العالمي، بينما تستهلك صناعة البتروكيماويات - التي تأخذ النفط الخام كمادة وسيطة وتحولها إلى مواد كيميائية يصنع منها البلاستيك - أقل من 15 في المئة. لكن التوقعات تشير إلى أنها سوف تستهلك نصف إنتاج العالم من النفط الخام بحلول عام 2040. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية مساهمة صناعة البتروكيماويات في نمو إجمالي الطلب على النفط بنسبة تزيد على 2.5 مرة حتى عام 2040 مقارنة مع مساهمتها في نمو الطلب خلال الفترة ما بين عامي 2000-2017. وهذا يعني أنها ستكون القطاع الرئيسي من حيث تسارع النمو في الطلب على الخام. وتوحي هذه التوقعات بأن الطلب الثابت والمتزايد على البلاستيك سوف يترجم إلى زيادة استهلاك المواد الأولية. وهكذا تصبح صناعة البلاستيك باعث التفاؤل المفقود في قطاع النفط وسط بيئة التشاؤم حول ضعف مصادر الطلب الأخرى عليه. إلا أن هذه الفرضيات لا تخلو من مشكلة لأن التوقعات تستند إلى فرضية أن الطلب على البلاستيك قد ازداد بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة النمو في الاقتصاد العالمي خلال السنوات الماضية، وأنه سيستمر كذلك على الرغم من أن الفجوة بين وتيرتي النمو قد تتقلص. كما تفترض أن الأسواق الناشئة لن تغير أنماط الاستهلاك السابقة. ويزعم بعض المحللين أن البلاستيك «غير المرئي» أي مكونات البنية التحتية الرقمية، والأدوات الإلكترونية والهواتف الذكية، سوف يصبح مصدراً جديداً للطلب لا يمكن إغفاله في المعادلة. والحقيقة أن هذه البيانات والتوقعات لا تصمد للتحليل العلمي. فنسبة 45 في المئة من إنتاج البلاستيك مخصصة لمواد التغليف وحصة الإلكترونيات منها 7 في المئة فقط. و إذا كان الاتحاد الأوروبي يفخر بتحقيق أعلى معدلات إعادة التدوير في العالم عند 30 في المئة من النفايات المجمعة، وتمكن من زيادة استخدامه للبلاستيك المعاد تدويره، وقد حظرت كينيا استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، فلماذا لا تتبنى الأسواق الناشئة الأخرى هذا التوجه الحضاري مثلما فعلت مع خطوط الهواتف الأرضية. وعلى أرض الواقع يتم تحويل 90٪ من النفط المستخدم في قطاع البتروكيماويات إلى مواد كيميائية عالية القيمة، تحول نسبة كبيرة منها إلى البلاستيك. وهذا يعني أن حوالي ثلثي الطلب على النفط الخام من قطاع البتروكيماويات مخصص لإنتاج المواد البلاستيكية. من المرجح أن تركز الحكومات والمستهلكون على المواد البلاستيكية التي تتسرب إلى البيئة الطبيعية. وما لم يتم تطوير تقنيات جديدة، فسوف يكون التوجه المنطقي دعم الجهود المبذولة لتقليص الطلب، بما في ذلك الاستبدال وزيادة عمليات إعادة التدوير. ويفترض في الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية وتباطؤ نمو الطلب على أصناف البلاستيك الأخرى أن يؤدي إلى خفض النمو المفترض القياسي في الطلب على البلاستيك بنسبة 3 في المئة سنوياً بين عام 2017 إلى 2040. وإذا ارتفعت حصة المنتجات البلاستيكية المعاد تدويرها على حساب البلاستيك البكر من 5 في المئة إلى 25 في المئة بحلول عام 2040، فإن ذلك سيقلص الحاجة إلى النفط الخام. واستناداً لتوقعات وكالة الطاقة الدولية، فإن هذين التعديلين يضمنان تقليص طلب قطاع البتروكيماويات على النفط عام 2040 بنسبة تزيد على 20 في المئة. كما يمكن أن يغير معادلة احتساب ذروة الطلب العالمي لتنخفض حوالي عشر سنوات ويقلص الطلب على البتروكيماويات النفطية المنشأ بنسبة 20 في المئة أيضاً. هذا مجرد مثال عن خلل اعتماد معطيات الحياة الواقعية في التخطيط على المدى الطويل. فإذا ما استمرت الشركات في الاستثمار لتوسيع عمليات إنتاج البتروكيماويات استناداً إلى التوقعات القياسية الراهنة، فربما تستنفد معظم أصولها. من جانب آخر لا بد أن تتسع مبادرات واستراتيجيات إعادة التدوير قبل أن تصبح كافة الدعوات لحماية البيئة بلا معنى. * رئيس قسم الأبحاث في «أديا»، والمقال منشور في الفاينانشال تايمز

مشاركة :