في الوقت الذي تتوارد فيه أنباء عن اقتراب وصول الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق، لوقف النزاع التجاري بين الاقتصادين الأكبر في العالم، تكشف وزارة التجارة الأميركية غداً النقاب عن بيانات التجارة الدولية للعام المنتهي 2018، التي يتوقع أن تشمل الإعلان عن تحقيق أكبر عجز تجاري في تاريخ الولايات المتحدة. وسيتم الإفراج عن بيانات الصادرات والواردات الأميركية لشهر ديسمبر من العام الماضي، بعد أن تسبب الإغلاق الحكومي الذي بدأ في 22 ديسمبر، وامتد 35 يوماً، في تأخر الإعلان عن موعده. وانخفضت واردات الولايات المتحدة في نوفمبر الماضي بنسبة 2.9%، كما انخفضت صادراتها بنسبة 0.6%. وفي 2017، عانت الولايات المتحدة عجزاً في الميزان التجاري يقدر بنحو 567 مليار دولار، تسببت الصين في ثلثيها، ولو أضفنا الخدمات، يصل العجز في ميزان السلع والخدمات الأميركي، أي الحساب الجاري، لأكثر من 850 مليار دولار. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أكثر من مناسبة أن تقليص العجز التجاري لبلاده هو الهدف الرئيس من النزاع التجاري مع الصين، كونها المسؤول الأول عنه خلال السنوات الأخيرة. ورغم إصرار ترامب على فرض تعريفات جمركية إضافية على واردات بلاده من الصين، لإجبارها على زيادة وارداتها من الولايات المتحدة، لوضع حد للعجز التجاري الأميركي المتزايد، كأحد أهم وعوده خلال حملة الانتخابات الرئاسية، إلا أنه من الواضح أن سياسة فرض التعريفات لم تحقق الهدف المنشود. وفي أول مارس 2018، قرر ترامب فرض تعريفات على واردات بلاده من الحديد والألمنيوم، وقبل نهاية الشهر، بدأ إجراءات فرض تعريفات على ما قيمته 50 مليار دولار من واردات بلاده من الصين، ومع نهاية الربع الثالث من العام المنتهي، كانت التعريفات قد طالت نحو 300 مليار دولار، أو نحو 12% من إجمالي الواردات الأميركية، منها 250 مليار دولار من المنتجات الصينية. ورغم نجاح التعريفات في إجبار كندا والمكسيك على إعادة كتابة اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية، المعروفة اختصاراً بنافتا NAFTA، وإجبار كوريا الجنوبية على مراجعة شروط اتفاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة، وإحضار الصين إلى مائدة المفاوضات، كما تعهدها بزيادة وارداتها من الولايات المتحدة، فإن عجز الميزان التجاري مازال حتى الآن مستعصياً على النقصان. وتشير أغلب التقديرات إلى وصول العجز في الحساب الجاري الأميركي بنهاية 2018 إلى 914 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة. وأرجع الاقتصاديون استمرار اتساع العجز التجاري للولايات المتحدة، رغم فرض التعريفات، إلى قانون الإصلاح الضريبي الذي أقره ترامب مطلع العام الماضي، وسياسات البنك الفيدرالي التي ساعدت على تقوية الدولار، الأمر الذي سمح لمئات الشركات، وملايين الأفراد من المستهلكين بزيادة مشترياتهم من البضائع المستوردة. ويقول شيرمان روبينسون، كبير الزملاء بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي: «القضية أن العجز التجاري لا يتحدد بناءً على تجارة السلع فقط، وإنما يتأثر بكل مكونات الاقتصاد الكلي».
مشاركة :