البابا فرنسيس: الحياة المسيحية تقوم على إعادة اكتشافنا بأننا محبوبون من الله

  • 3/5/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، بان الحياة المسيحية تقوم على إعادة اكتشافنا بأننا محبوبون من الله الآب بشكل غير مشروط ومجاني. هذه هي بشرى الإنجيل السارة التي أعلنها يسوع وشهد لها إلى أقصى الحدود، والتي أصبحت حقيقة لكل فرد منا يوم العنصرة عندما أفيض الروح القدس، محبة الآب اللامتناهية لابنه، في قلوبنا. نحن محبوبون بالفعل كالابن يسوع، ونحن أبناء الآب الحقيقيين وإخوة وأخوات لبعضنا البعض.وأضاف البابا فرنسيس خلال بعض الاقتباسات من الكتاب التي من المقرر ان يصدر عن الكرسي الرسولي غدا الارعاء الموافق 6 مارس، والتي نشره موقع الفاتيكان، اليوم الثلاثاء، إن قبول هذه العطية المجانية يغيّر الحياة ويحوّل بشكل خاص نظرتنا للحياة ولذواتنا والآخرين، للحاضر والماضي ولاسيما للمستقبل: إن المحبّة التي أحبّنا الله بها (راجع أفسس ٢، ٤) تظهر كذلك النور الدافئ والقوي الذي يغمر الحياة والواقع والعلاقات. تمامًا كما تصبح الطبيعة ومدننا أكثر جمالًا خلال يوم مشمس هكذا أيضًا يكشف الإيمان وقبول محبة الله كم هو ثمين وفريد كلُّ تفصيل من تفاصيل حياتنا بالرغم من المشاكل والصعوبات ونواقصنا. ولذلك أضاف الاب الأقدس يقول بدأت الإرشاد الرسولي حول القداسة بهذه الدعوة من إنجيل القديس متى: "Gaudete et exultate"، "اِفَرحوا وابْتَهِجوا" (متى ٥، ١٢). إن الفرح، والذي يختلف بالتأكيد عن النشوة، هو شعور قلب تغمره المحبّة – حتى وسط تجارب الحياة – وهو أحد مميزات القداسة الحقيقية وقداسة الأشخاص الذي يعيشون بقربنا أيضًا.تابع بابا الفاتيكان، إنّه فرح حقيقي وبسيط يسمح بأن نتذوّق فرص الخير التي تقدّمها لنا الحياة والتي تظهر أيضًا في وجبة نتشاركها أو في نظرة تفهّم ومساندة و- لم لا؟ - في نخب لمناسبة ما أو لنجاح صديق ما... أعني بذلك الفرح الذي يُعاش في شركة ويُتقاسم مع الآخرين ونتشاركه معهم لأنّ "السَّعادَةُ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخذ" (أعمال ٢٠، ٣٥). إن المحبّة الأخويّة تضاعف قدرتنا على الفرح لأنها تجعلنا قادرين على أن نفرح لخير الآخرين.وأستطرد "فرنسيس" قائلًا: لكن أحيانًا وحتى نحن المسيحيون نظهر أننا لا نعرف كيف نفرح حقًّا بأمور الحياة إما لأننا نركض خلف الملذات العرضيّة والعابرة وإما لأننا نجد أنفسنا ضحيّة لنوع من التشدّد ولكننا نفضل أن نترك الأمور على حالها ونختار الجمود ونمنع هكذا عمل الروح القدس الذي يحمل لنا حداثة الفرح. إن الفرح هو ثمرة التمييز في الروح القدس والذي يقوم في الفنّ المستمر لتفضيل الـ "نحن" على الـ "أنا"، والأشخاص على الأشياء بالرغم من آلاف الأشراك التي ينصبها لنا الشر وأنانيّتنا.وأشار البابا فرنسيس بان هذا الفرح هو نعمة حقيقية وينبغي علينا أن نحرسه ونحميه تمامًا كما هي الحال مع الإيمان والصداقات والعلاقات: بمعنى آخر كجميع الأمور المهمّة في الحياة. إنّه موقف حكيم وعفوي نملكه جميعًا: عندما يكون لدينا شيئًا ثمينًا ويحمل أيضًا قيمة عاطفية نهتمُّ به بطريقة خاصة وهذا ما ينبغي أن يحصل.وكشف البابا فرنسيس بأن فرح محبة الله التي أفاضها الروح القدس في قلوبنا يحرس ويحفظ بواسطة الرزانة والاتزان وهما القدرة على إخضاع الرغبة بالملذات والمتعة الشخصيّة لمعيار الصحيح والعلاقات الشخصية. في الواقع لا أحد يخلُص وحده أي كفرد منعزل ولكنَّ الله يجذبنا آخذًا بعين الاعتبار الحبكة المعقّدة للعلاقات الشخصية التي تنشأ في الجماعة البشريّة.أضاف البابا يقول يحتوي هذا الكتاب على عظة قصيرة للقديس يوحنا فم الذهب، أحد آباء الكنيسة من القرن الرابع، والذي يعرف بقدرته على الصلاة والمدفون في بازيليك القديس بطرس هنا في الفاتيكان، وفي هذه العظة يعلّق القديس على مقطع من الرسالة الأولى للقديس بولس إلى تلميذه تيموتاوس والذي يدعوه فيه لتَناوَل القليل مِنَ الخَمرِ مِن أَجلِ مَعِدَتِه وأَمراضِه المُلازِمَة. بهذا الشكل يستفيد القديس يوحنا فم الذهب من المناسبة ليعلّم المؤمنين أن الخلق صالح ولكن ينبغي علينا أن نعرف كيف نتذوّقه لنكتشف بأنّه قد صُنع من أجلنا ولخيرنا كعطية ثمينة لكي نكتشف بأننا محبوبون ونتمكّن من أن نفرح معًا.تابع الأب الأقدس يقول الاتزان والفرح إذًا هما موقفان أعتقد أنّه بإمكانهما أن يساعداننا لكي نعيش زمن الصوم في ضوء الفصح الذي هو الاحتفال بقيامتنا مع المسيح حياتنا الجديدة التي نحتفل بها لمرة واحدة وإلى الابد في المعمودية ونجددها في كل عشيّة فصحية. إنَّ حياة المسيح فينا في الواقع ليست إلا انتصار المحبة على مخاوفنا وقلقنا الذي يسمح لنا أن نكون بدورنا في الأمور الصغيرة عطيّة بسيطة ويوميّة للرب والإخوة. "إن الجماعة التي تُحافظ على التفاصيل الصغيرة للمحبّة، وحيث يعتني أعضاؤها بعضهم ببعض، ويكوِّنون فسحة مفتوحة ومبشّرة، هي مكان حضور الربّ القائم من الموت الذي يقدّسها وفقًا لتدبير الآب". هذا ما أكتبه في الإرشاد الرسولي "اِفَرحوا وابْتَهِجوا" عندما أذكِّر بمقطع من كتابات القديسة تريزيا الطفل يسوع:"في إحدى الأمسيات الشتويّة، كنت أقوم بخدمتي الصغيرة كالمُعتاد فسمعتُ لفترة من الوقت، مِن بعيد، صوتَ آلة موسيقيّة متناغم: فتخيّلت نفسي في صالون مُنَار بشكل جيّد وكلّ شيء يلمع فيه من الذهب، وفتيات يرتدين ملابس أنيقة، تقدّمن المجاملات والتحيّات الدنيويّة بعضهن لبعض؛ ثم وقع نظري على المريضة المسكينة التي كنت أساعدها؛ وبدل النغمات كنت أسمع أحيانًا تنهداتها الحزينة. لا أستطيع أن أعبّر عمّا حدث في نفسي، ما أعرفه هو أن الربّ أنارها بأشعّة الحقيقة التي تفوق للغاية الروعة المظلمة لأعياد الأرض، ولم أستطع أن أصدّق سعادتي"

مشاركة :