يبني المحللون والسياسيون مواقف للدول العربية تجاه ما ثار اعلاميا حول “صفقة القرن” منذ تولي الرئيس الاميركي دونالد ترمب رئاسة الولايات المتحدة، وتعيين صهره جاريد كوشنر مستشارا وعرابا لتلك “الصفقة”، في الوقت الذي تنفي الدول العربية علمها بوجود مثل هذه الصفقة رسميا وتؤكد عدم تلقيها اية معلومات او حتى حدوث أية مشورات مع الرئاسة الاميركية بهذا الخصوص. التحليلات والمعلومات المتداولة اعلاميا ذهبت الى أبعد من تأكيد وجود هذه الصفقة، حيث تحدثت جهات عن وجود خلافات بين دول عربية حول الصفقة وتفاصيلها، على أن الأحداث على الأرض تنفي هذه المعلومات، ومنها ما تم تداوله خلال الأشهر الماضية مستغلا البعض ما يدور حول الصفقة للإساءة للعلاقات الاردنية السعودية. دارت شائعات حول ضغط المملكة العربية السعودية على الاردن للقبول بصفقة القرن وأن السعودية تقف ضد الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، على أن العلاقات المتميزة بين المملكتين تنفي ما يتردد جملة وتفصيلا من خلال المستوى المتميز من التنسيق في مختلف القضايا العربية والاسلامية والروابط الثنائية. الأردن نفى أكثر من مرة علمه بأية تفاصيل تدور حول “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، الا ما يتردد اعلاميا، كما نفى السفير السعودي الامير خالد بن فيصل بن تركي خلال حديث جمعه مع شخصيات سياسية واكاديمية في الجامعة الأردنية الأسبوع الماضي أن يكون لدى المملكة اية معلومات حول تلك الصفقة رغم تواصله مع دبلوماسيين في أكثر من دولة عربية نفوا أيضاً تلقيهم اية مخاطبات رسمية بهذا الخصوص، مؤكداً أن كل يثار من هذا الباب هدفه الاساءة للعلاقات المتميزة بين الاردن والسعودية. من الواضح أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل منفردة على صفقتها التي لن تجد أي قبول لدى الدول العربية، وانها استبقت الخطوة الأخيرة من سلسلة مؤامرتها التاريخية على القضية الفلسطينية والعربية بحملات اعلامية تشوه مواقف الدول العربية من صفقة لن يقبل بها أحد بل أنها اعتمدت على جهات معينة في اثارة خلافات زائفة بين دول عربية ومنها الاردن والسعودية بصفتهما الدولتان اللتان لا يمكن تجاوزهما عندما يتم الحديث رسمياً عن أي شأن متعلق بالقضية الفلسطينية. حتى الجولة الأخيرة لعراب “الصفقة” جاريد كوشنر لعدد من دول المنطقة، لم يرشح عنها اية معلومات، بل انها تعمق الشعور بان مثل هذه الجولات هدفها اعلاميا وتحديداً لتجديد اثارة الخلافات واللغط لدى الشعب العربي تجاه مواقف دولهم من تلك “الصفقة” للوصول الى أرضية تتمكن معها مستقبلا من الحديث منفردة مع كل دولة، كما هي سياستها التاريخية تجاه القضايا العربية. أجزم بان تعزيز الموقف الرسمي مما يدور حول “صفقة القرن” اعلاميا يحبط مساعي الادارة الاميركية للبدء بتنفيذها على الارض او على الاقل يؤخرها لسنوات، في حين ان استمرار وسائل الاعلام باستباق وتشويه مواقف الدول العربية واستغلال هذه المواقف غير الصحيحة في اثارة الخلافات بين الدول العربية، سيصب في مصلحة نوايا الإدارة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية. القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي للأرض العربية أكبر من مؤامرات ترمب وصهره كوشنر، وذلك يتضح من حجم الرفض الدولي لإعلان القدس العربية المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي، وتقليص التمثيل الاميركي لدى السلطة الفلسطينية بنقل القنصلية الاميركية من مدينة القدس العربية المحتلة الى سفارتها في المدينة المقدسة، على ان جميع هذه العوامل الايجابية لا يمكن أن تخدم القضية العربية طالما أن هناك من يشوه ويزرع الفتنة ويعزز الانقسام بين الدول العربية لتسهيل تمرير المؤامرة الاميركية.
مشاركة :