طاردت انتقادات حادة مشروع القانون المقدم من قِبَل وزير العدل الألمانية، كاترينا بارلي، لنزع جنسية مواطني بلادها ممن ينخرطون حاليًا في صفوف داعش، أو غيره من التنظيمات الإرهابية. ووصفت مجلة «دير شبيجل»، الألمانية، القانون المزمع إقراره في الفترة المقبلة، بأنه «أداة لا تتوافق والديمقراطية، ووسيلة تقليدية في يد النُظم الديكتاتورية». وأضافت المجلة، أن النازيين استخدموا «نزع الجنسية» ضد عشرات المعارضين، أو المغضوب عليهم كالمقاومين لحكم الفوهرر أدولف هتلر، وهو ما تكرر أيضًا في زمن جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) ضد المعارضين السياسيين. وتوصلت بارلي إلى اتفاق مع وزير الداخلية الألماني، هورست زيهوفر، لسحب الجنسية وجواز السفر من مقاتلي داعش الألمان، بشرط تمتع أي منهم بجنسية بلد آخر، على ألا يطبق القانون بأثر رجعي، فيما لا يشمل الأطفال والقصر والواقعين تحت الوصاية. وتقدر السلطات الأمنية في ألمانيا، أن نحو 1050 متطرفًا يحملون جنسية البلاد (منفردة أو بشكل مزدوج مع جنسية أخرى)، قد سافروا إلى سوريا والعراق منذ 2013؛ حيث عاد ثلثهم، وقُتل الثلث الآخر، بينما لا يزال نحو 300 من بين الناشطين ضمن فلول داعش وغيرهم من التنظيمات الإرهابية، وذلك في بؤر عدة ملتهبة في المنطقة العربية. ما يعني أن القانون سيستهدف فقط مزدوجي الجنسية من الـ300 الباقين في صفوف داعش وغيره من التنظيمات المسلحة. وأشارت «دير شبيجل»- في مقال لمحللها السياسي الشهير كريستوف سيدوف-، إلى أنه «ينبغي على جمهورية ألمانيا الاتحادية أن تدرس بعناية ما إذا كانت تريد حقًا اللجوء إلى هذه الوسائل في الحرب ضد أعداء ديمقراطيتنا». وتابعت المجلة «قانون التجريد من الجنسية سيؤدي إلى نتائج عكسية سياسيًا نظرًا لأنه لا يسري بأثر رجعي، فلن يؤدي إلا إلى ضرب المقاتلين الحاليين، وبما أن داعش قد هزم تقريبًا، فالأعداد المشمولة بذلك ستكون قليلة للغاية»، أضف إلى ذلك أن تعريف القانون لمفهوم الميليشيا الإرهابية قد بدا «مطاطًا»، فيصفها بأنها «عصابة مسلحة منظمة شبه عسكرية تريد القضاء على الدولة، في انتهاك للقانون الدولي». وتسخر المجلة من أنه وفقًا لذلك القانون، فإن تعريف التنظيمات الإرهابية ينطبق مثلًا على ميليشيات حماية الشعب الكردية في سوريا، التي سحقت داعش في السنوات الأخيرة، فيما ينتظم بين صفوفها العشرات من الألمان من مناهضي التطرف الديني، وممن تصدوا للقتال بضراوة ضد عناصر التنظيم الإرهابي، فهل ستتم ملاحقتهم أم أن اشتراكهم في المعارك سيكون في تلك الحالة مبررًا؟. وشددت المجلة على أن هناك مسؤولية أخلاقية يهدرها القانون ببساطة «فمقاتلو داعش الذين يحملون جوازات سفر ألمانية، والذين تم أسرهم في سوريا، هم نتاج مجتمعنا الوطني، سواء أحببنا ذلك أم لا. تم تجنيدهم من قبل المتشددين في بلادنا، ولم تمنعهم السلطات الأمنية من المغادرة لأجل القتال في الخارج». وفي الأخير، أشارت المجلة إلى أن مهمة القانون، ومن ثمَّ سلطات التحقيق والقضاء في بلادنا، تقديم هؤلاء المتطرفين إلى العدالة في ألمانيا وإدانتهم، ومعاقبتهم بالأدوات المناسبة.
مشاركة :