الشعر بين الصدق والخيال !

  • 10/6/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال الشاعر: وإن أحسن بيت أنت قائله بيت يقال إذا أنشدته صدقا فإذا سلمنا بما قاله ذلك الشاعر جملة وتفصيلا، فإن بإمكاننا نظم بيت شعر مقابل، ولكنه يسير في الاتجاه المعاكس، فنقول على سبيل المثال: وإن أسوأ بيت أنت قائله بيت يقال إذا أنشدته كذبا ولكن الأمر ليس كذلك على إطلاقه ــ على الأقل من وجهة نظري الخاصة، بل إن هناك عبارة تاريخية تقول «أعذب الشعر أكذبه»؛ لأن الشعر مستمد في غالبه من الخيال.. والخيال واسع جدا بصفة عامة، فكيف إذا كان خيال شاعر من الذين يقولون ما لا يفعلون، ولذلك فليس صحيحا أن أحسن بيت يقوله شاعر هو ما يكون كله صدقا، فقد ينطبق ذلك على النظم الموضوعي الذي يتحدث عن أمور ثابتة يقينية مثل قول الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهة تصفر منها الأنامل ففي البيت الأول الممتلئ صدقا ويقينا تقرير حقيقة إيمانية عامة بأن الله هو الحق وأن ما دونه هو الباطل، وأن نعيم هذه الدنيا زائل، وفي البيت الثاني تجسيد لمصائر جميع الأحياء الموجودين على هذا الكوكب، وأن الموت والفناء هو النهاية المحتومة، لذا تجد كل حرف في هذين البيتين يعج بالصدق والحق الذي لا مراء فيه، ويمكن أن يجتمع الحسن والصدق أيضا في أبيات الحكمة لأنها تقدم خلاصة لتجارب البشر؛ مثل قول زهير بن أبي سلمى: ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم وقول المتنبي: وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام وقول أحمد شوقي: صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم ولكن شعر النسيب والوصف والفخار كلها تحتاج إلى خيال واسع غني بالصور البديعة حتى تكتسب الحسن ولا يضرها إن لم تكن صادقة موافقة للواقع، كقول الشاعر مادحا كريما سخيا: ولو لم تكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله! وقول الشاعر واصفا بخيلا شديد البخل: فلو يستطيع لتقتيره تنفس من منخر واحد وقول آخر يصف ما حصل لقلبه من لوعة الفراق: وتلفتت عيني فمذ خفيت عني الطلول تلفت القلب!! وكل ما ذكر في الأبيات الثلاثة ناتج عن خيال واسع ولا يرتبط بالواقع، ومع ذلك تجدها حسنة، بل رائعة مما قد ينفي الارتباط الدائم بين الصدق وحسن الشعر! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة

مشاركة :