دار حديث شيّق بيني وبين أحد الشباب - المشارك في تنظيم معرض الكويت للترفيه والسياحة، الذي أقيم قبل اسبوعين في معرض الكويت الدولي - فقد جذبني في كلامه بُعدان متداخلان يستحقان تسليط الضوء عليهما: الأول مرتبط برؤية الكويت لعام 2035، والثاني متعلّق بجودة التعليم التطبيقي والتدريب.في البعد الأول، نجد ركيزتين تنمويتين مرتبطتين بتنظيم المعرض، وهما: اقتصاد متنوع مستدام، ورأسمال بشري إبداعي. وتتمحور الركيزة الأولى حول تطوير اقتصاد مزدهر ومتنوع للحد من اعتماد الدولة الرئيسي على العائدات من صادرات النفط. وتتضمن هذه الركيزة أهدافا عدة، من بينها تطوير السياحة الوطنية. كما تشتمل هذه الركيزة على العديد من المشروعات التنموية، ثلاثة منها تخدم تطوير السياحة الوطنية، وهي: إنشاء المركز الخدمي الترفيهي بالعقيلة، وتطوير خليج الصليبيخات، وتطوير كورنيش الجهراء.رغم كون المشروعات الثلاثة طموحة، ونسبة انجاز كل منها تزيد على 15 في المئة وتصل إلى 63 في المئة بالنسبة لمشروع العقيلة، إلا أن العديد من الجهات الحكومية والنقابية المعنية بالسياحة الوطنية ما زالت غير مؤهلة للمشاركة في تطويرها، بل إن بعضها تعرقل التطوير المنشود، وفق ما ذكره لي الشاب حول المعوقات التي واجهوها أثناء تنظيمهم المعرض. حيث اشتكى من سلبية عدد من الجهات المعنية بصناعة السياحة، بعد أن أثنى على إيجابية قطاع السياحة في وزارة الاعلام ومتحف السيارات التاريخية والهيئة العامة للرياضة. وبينما كان الشاب يوضح لي أسباب استيائه من الجهات المقصّرة، تساءلت في نفسي، هل فعلاً كان عليها المشاركة في المعرض؟وبعد أيام قليلة وصلتني الإجابة عن تساؤلي من مسؤول مختص، هو الوكيل المساعد لقطاع السياحة في وزارة الإعلام السيد يوسف مصطفى، الذي كان ضيفا في برنامج «حوار المساء» في قناة سكاي نيوز العربية، وكان عنوان اللقاء «الكويت... رهان على السياحة كرافد للاقتصاد الوطني». حيث أكد السيد مصطفى أن الكويت مقبلة على نقْلة نوعية وطفْرة في صناعة السياحة. وأن استراتيجيتها الجديدة مبنية على جعل الكويت الوجهة المفضلة لمن يبحث عن السياحة العائلية في الخليج. وأنها إلى جانب استهدافها السائحين الخليجيين، تسعى إلى استقطاب السائحين الكويتيين وتشجيعهم على قضاء نسبة من إجازاتهم في الكويت. في نظري هذه الأهداف السياحية لن تتحقق ما لم تدرك الجهات المعنية بصناعة السياحة في الكويت اهتمامات السائح الخليجي والكويتي. وهنا تأتي أهمية تواجد تلك الجهات في معارض السياحة والترفيه التي تنظم في الخليج. فهي من جانب تسمح لهم الاطلاع على أحدث المشروعات والإمكانات السياحية المتوافرة والمنظورة في الوجهات المنافسة، ومن جانب آخر تمكنها من استقراء وفهم اهتمامات السائح الكويتي، بل يمكنها أيضا التأثير على ثقافته السياحية وتوجيهها. فالسياحة ثقافة وصناعتها ثقافة أيضا كما صرّح سعادة الوكيل المساعد في اللقاء التلفزيوني.وأما بالنسبة للركيزة التنموية الثانية، وهي ركيزة «رأسمال بشري إبداعي»، فهي متمحورة حول إصلاح نظام التعليم لإعداد الشباب بصورة أفضل ليصبحوا أعضاء يتمتعون بقدرات تنافسية وإنتاجية لقوة العمل الوطنية. وهي بذلك متداخلة مع البعد الثاني لقضية المعرض (جودة التعليم التطبيقي والتدريب). الشاهد أن هذه الركيزة تشتمل على «رعاية وتمكين الشباب ودعم مبادراتهم». ولكن وفق ما أبلغني الشاب، عدد من الجهات المعنية بصناعة السياحة رفضت دعم معرضهم، بل إن بعضها رفض دعوتهم للمشاركة المجانية، رغم أن منظمو المعرض مجموعة من الشباب والشابات، جلّهم كان متطوعاً. لذلك أدعو الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية إلى إعداد خطة وطنية لنشر ثقافة صناعة السياحة في الجهات المعنية، ورصد مؤشرات كفاءة تلك الجهات في خدمة الأهداف التنموية لتلك الصناعة.وأما البعد الثاني في قضية المعرض، المرتبط بجودة التعليم التطبيقي والتدريب، فيكمن في أن منسّق المجموعة المنظمة للمعرض متخصص في السياحة ومنتسب إلى قسم السياحة «بالتطبيقي». لا شك أن مشاركته في تنظيم المعرض ضاعفت قدرته على جسر الهوة بين مخرجات التعليم التطبيقي والتدريب من جانب وبين حاجة سوق العمل والرؤية التنموية الوطنية من جانب آخر. لذلك أتمنى أن تتكرر تجربة هذا المنسّق مع جميع أعضاء هيئتي التدريس والتدريب، كل حسب تخصصه، خصوصاً مع هؤلاء الذين ليس لديهم خبرة مهنية حقيقية. وأسأل الله أن تكون تجربة المنسّق انطلاقة لاسترجاع الطابع التطبيقي إلى «التطبيقي»... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».abdnakhi@yahoo.com
مشاركة :