جراحات التجميل.. ثورة طبية بدأت بضحايا الحروب

  • 3/7/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: «الخليج» فطرت الطبيعة البشرية على محبة الجمال والبحث عنه، وتعددت مظاهر ذلك بين الشغف بالملامح الفتانة والقوام المتناسق، مروراً بالطبيعة الساحرة، وصولاً إلى الجمال كقيمة فلسفية تتجلى في الأخلاق والخصال. وتجاوز اهتمام الإنسان الأول بالجمال، مجرد ارتداء الجلود الناعمة، وإضافة قطع الزينة إليها، أو استخدام المساحيق الملونة، لكنه عرف منذ الماضي القديم إجراء جراحات خاصة للحصول على الإطلالة المثالية. وتحتفظ ذاكرة التاريخ باسم الطبيب الهندي سوشروتا، كأول جراح تجميل نجح في إجراء عملية ترقيع الجلد في القرن السادس قبل الميلاد، حيث ابتكر تقنية مذهلة سبقت عصره بمئات القرون لتعديل الأنف الذي كان رمزاً للفخر والشرف في الحضارة الهندية القديمة. ولايعتبر سوشروتا أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ عمليات التجميل فقط، لكونه أول شخص يجري جراحة تجميلية في التاريخ الإنساني؛ وإنما لأن التقنيات التي ابتكرها واستخدمها اعتُمد عليها لفترة طويلة بعد ذلك، ومن خلاله انتشرت عمليات التجميل في آسيا الوسطى. وبعد ذلك كانت عمليات التجميل البدائية من الإجراءات الطبية الشائعة في آسيا الوسطى. وكان الإمبراطور البيزنطي جوستنيان الثاني، أشهر من أجريت له عملية تجميل للأنف بعدما تم بتر أنفه وعزل في العام 695، وبعد 10 أعوام نجح اتباعه في إعادته إلى العرش، لكنه ظل مكتئباً لكنيته التي اشتهر بها، وهي «صاحب الأنف المجدوع»، حتى أجريت له الجراحة على الطريقة الهندية. وأسهم تطور علوم الطب في الحضارة الفرعونية، في إضافة العديد من الأدوات الجراحية المهمة التي نجحت في تحقيق نتائج باهرة في عمليات ترميم الكسور، وتجميل عظم الأنف. وفي مطلع القرن الأول الميلادي، ارتفع الطلب على الجراحات التجميلية بسبب انتشار الحروب؛ إذ عانى كثير من الفرسان إصابات وتشوهات دفعت الأطباء الإغريق إلى تطوير العديد من الجراحات، فاشتهروا بعمليات تجميل الأنف والأذن، وذاع حينها صيت الطبيب اليوناني بيير دوسو، مبتكر نمط جديد لعدة عمليات تأهيلية لمعالجة تشوهات الوجه. وفي العام 1818، برزت الدراسات المتطورة للجراح الألماني كارل جريف، التي ظهر من خلالها للمرة الأولى مصطلح Plastic، والذي استخدم بعدها للإشارة إلى هذه العمليات بشقيها الترميمي والتجميلي. وشهدت مرحلة الحربين العالميتين الأولى والثانية، ثورة هائلة في الجراحات التجميلية لعلاج التشوهات التي أصيب بها عشرات الآلاف من الجنود، وكان الطيار الإنجليزي والتر يو، أول من أجريت له جراحة ترقيع جلد بنجاح في مستشفى كوين ماري في لندن، بعد إصابته بتشوه كامل في الوجه خلال معركة جوتلاند 1917. أما زميله الملازم وليام سيكالي، فكان أول من خضع لإعادة هيكلة للأنف في العصر الحديث، وبقي نزيل المستشفى 3 سنوات حتى تم شفاؤه. وتطورت بعد ذلك جراحات التجميل على نحو متسارع لتشمل شطف الدهون، وحقن الجفون، وغيرها كثير، حتى تجاوز سوقها مليارات الدولارات سنوياً حول العالم، وصولاً إلى الجراحات الصعبة لزراعة الوجه، التي خضع لها عدد محدود من المصابين الذين تعرضوا للإصابات بطلقات نارية، ويُجريها عادة طاقم طبي متكامل يشمل جراحين من مختلف التخصصات، إلى جانب اختصاصي التجميل.

مشاركة :