توازنات جديدة بالمنطقة بعد الحصار قائمة على خيارات الاقتصاد والطاقةتنويع قطاع الطاقة وإدخال إصلاحات هيكلية على النموذج الاقتصاديدول الحصار فشلت في تقديم أي أدلة بعد 20 شهراً من حصار قطرالدبلوماسية القطرية المرنة حافظت على الفاعلية والقدرة على التحركقطر والكويت وسلطنة عمان ترفض التخلي عن سيادتها لصالح السعودية الدوحة - وكالات: أظهرت ورقة بحثية أعدها معهد الدراسات السياسية والدولية الإيطالي «ISPI» نجاح دولة قطر عبر استراتيجية إدارية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية شاملة في تجاوز تداعيات الحصار الجائر المفروض عليها من السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ 5 يونيو 2017. وأكدت الورقة التي أعدها الباحث الإيطالي جوزيبي دينتيتشي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمستشار في وزارة الخارجية، أن قطر شرعت بعد الحصار في إعادة تنظيم كل هياكل السلطة بما في ذلك الوزارات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، بهدف تجنيب البلد الانعكاسات السلبية للحصار وتعزيز صورة الدولة في الخارج وهو ما يبرز من خلال تجدد النشاط الدبلوماسي وأدوار الوساطة في عدة قضايا إقليمية. قرارات استراتيجية وصنفت الورقة التي حملت عنوان «قطر.. التوازن الصعب للدوحة ضمن المنافسة الخليجية « قراري خروج قطر من الأوبك، وعدم مشاركتها في أعمال القمة الخليجية في الرياض كقرارين «مهمين جداً واستراتيجيين». وأشار الكاتب إلى أن قطر لم تشهد أي ارتدادات داخلية، موضحاً أن الحكومة عملت على صياغة جديدة لسياساتها واستراتيجياتها ضمن مسار متواصل منذ بدء الحصار. ولفت إلى أن الدوحة ذهبت نحو زيادة الإنفاق الحكومي لتخطي أي صعوبات محتملة لتباطؤ في النمو أو الاستثمارات الخارجية بفعل الحصار. وحسب الورقة البحثية التي نشرها موقع « الخليج أونلاين» فإن قرار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإجراء تعديل وزاري في 4 نوفمبر 2018، يندرج ضمن منظور لحاجة البلاد لقرارات سياسية تمكنها من مواجهة التحديات المقبلة سياسياً واقتصادياً. وقال الكاتب: « التعديل شمل أيضاً رئاسة أهم الشركات القابضة في الدولة «قطر للبترول»، و»جهاز قطر للاستثمار»، اللذين يمثلان القوة الناعمة القطرية دولياً. تطوير هيكلي واستعرض إجراءات أخرى على غرار إنشاء مجلس وطني للسياحة، هيئة للتخطيط والإحصائيات، وتسمية مجلس لإدارة أسواق المال في قطر، والإصلاحات في القطاع البنكي ضمن سلسلة مبادرات متواصلة تهدف أساساً إلى تنويع الاقتصاد وقطاع الطاقة في قطر،لافتاً إلى أنها تمثل إجراءات لها مردود عالٍ إذا طبقت على مدى طويل في إطار مسار كامل لتحديث وتطوير هيكلي انطلق فعلاً منذ أكثر من عشر سنوات. ونوّه بأن القانون الجديد للاستثمار يزيل أغلب العوائق القانونية والبيروقراطية أمام المستثمر الأجنبي، ويشجع على التنافسية ضمن اقتصاد لا يعتمد فقط على قطاعي الغاز والنفط، إنما يهدف إلى تشجيع الاستثمار الخارجي على مستوى عالمي. رؤية قطر ويشير الباحث إلى أن كل الإجراءات السابقة تنضوي تحت مظلتي «رؤية قطر الوطنية 2030» و«استراتيجية التنمية الوطنية الثانية لدولة قطر 2022- 2018»، اللتين تستجيبان إلى ضرورة تنويع قطاع الطاقة وإدخال إصلاحات هيكلية على النموذج الاقتصادي السابق الذي كان يعتمد كثيراً على المحروقات. العلاقات الخارجية وعلى صعيد العلاقات الخارجية، تمكنت قطر حسب الورقة البحثية، من بناء سياسة خارجية متوازنة إقليمياً ودولياً في العقد الأخير، بفضل عوامل هامة شكلت عماد القوة الناعمة القطرية كدبلوماسيتها النشطة، وشبكة الجزيرة الإعلامية واسعة التأثير، إضافة إلى الثروة الاقتصادية والطاقة. وأكد أن كل مزاعم دول الحصار لاتخاذها إجراءات تعسفية وانتهاكات صارخة ضد قطر وأهلها لم يثبت أي منها، لافتاً إلى أن دول الحصار لم تقدم أي أدلة للمجتمع الدولي على مزاعمها ضد قطر بعد أكثر من 20 شهراً من فرض الحصار الجائر. الشراكة الإقليمية وأشار إلى أن الحصار الجائر المفروض على قطر قضى على مشاريع الشراكة الإقليمية على غرار «درع الجزيرة»، «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي Mesa» و»الناتو العربي» المناهض لإيران. ويخلص الكاتب إلى أن حالة الجمود التكتيكي والاستراتيجي ستتواصل في منطقة الخليج بين قطر من ناحية ودول الحصار من الناحية الأخرى، إذ لا أفق لحل قريب للأزمة الخليجية برغم الوساطات الإقليمية والدولية. وقال: هذا الأمر الذي دعا قطر إلى تعزيز علاقاتها بعُمان باعتبارها غير مشتركة في تحالف دول الحصار، وتقوية التعاون مع تركيا الدولة السنية المؤثرة إقليمياً«. وأضاف: كما دفعت الأزمة الخليجية قطر إلى التسلح في إطار الاستعداد للدفاع عن النفس في حال هجوم عسكري مفاجئ، وأبرمت سلسلة صفقات مع عدة دول مثل فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة. وقال: أمام هذا المشهد، أظهرت الدبلوماسية القطرية مرونة في الحفاظ على الفاعلية والقدرة على التحرك، كما حافظت قطر على قدرتها على القيام بدور الوساطة الدبلوماسية أيضاً، في المفاوضات الحالية الجارية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية. حضور دبلوماسي وأكد الكاتب أن قطر عززت حضورها الدبلوماسي في شرق إفريقيا والحوض الغربي للمحيط الهندي، إلى جانب لبنان عندما شاركت في القمة الاقتصادية للجامعة العربية في بيروت في يناير الماضي، في تحدٍ للدبلوماسية السعودية ذات الحضور التقليدي هناك. الانسحاب من أوبك وأشادت الورقة البحثية بقرار قطر الانسحاب من منظمة الأوبك في ديسمبر الماضي، معتبرة أنه شكل خطوة تاريخية بكونها أول دولة شرق أوسطية تغادر المنظمة. وقالت: القرار بررته قطر حينها برغبتها في التركيز على إنتاج الغاز الطبيعي الذي تعتبر المصدر الأول له عالمياً، بإنتاج سنوي يقدر بـ 77 مليون طن وتطمح إلى رفعه إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول 2024. وأضافت: حدث آخر لا يقل أهمية وأثبت الانقسام داخل مجلس التعاون الخليجي بفعل الأزمة، كان قرار قطر مقاطعة القمة الخليجية السنوية في الرياض. وقالت الورقة البحثية: ظهر جلياً أن المجلس انقسم إلى محورين: السعودية والبحرين والإمارات من جهة، وقطر والكويت وعمان في الجهة المقابلة، وترفض الدول الثلاث الأخيرة التخلي عن سيادتها لصالح النفوذ الإقليمي للسعودية، بتحويل مجلس التعاون الخليجي إلى ما يشبه الاتحاد الأوروبي. خيارات جديدة المنافسة بين دول الخليج إذن شرسة- تختم الورقة - وتتمحور أولاً حول الزعامة الإقليمية في عالم عربي وسني متنوع، وثانياً حول إنتاج توازنات جديدة قائمة على خيارات جديدة في الاقتصاد والطاقة، بعد الثورة التكنولوجية التي أتاحت اكتشاف النفط الصخري والغاز الصخري.
مشاركة :