أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن جمهورية روسيا الاتحادية تعد شريكاً اقتصادياً وسياسياً فاعلاً ومهماً لدولة الإمارات، مشيراً إلى حرص قيادة البلدين على تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك وتنميتها على كافة المستويات والأصعدة، بما يخدم الأهداف الرامية إلى بناء شراكة حقيقية تخدم مصالح الجانبين. جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده سموه، مساء أمس، في مقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي بأبوظبي، ونظيره معالي سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي خلال زيارته للدولة ضمن جولة شرق أوسطية. وقال سموه: «إن البلدين يرتبطان بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، إذ شهدت الفترة الماضية التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي أسهمت في تعزيز وتوطيد العلاقات، مما ساهم في ارتفاع حجم التبادل التجاري بنهاية عام 2018 بنسبة بلغت 21% بالمقارنة مع العامين السابقين، ليصل حجم التبادل إلى نحو 3 مليارات دولار. وأضاف سموه«اقتصادياً، بلغ عدد الشركات الروسية المسجلة والعاملة في دولة الإمارات نحو 3 آلاف شركة، في الوقت الذي يصل فيه عدد المواطنين الروس المقيمين في دولة الإمارات إلى نحو 16 ألفاً، ما يُظهر مدى الترابط بين البلدين، ومدى حرص المؤسسات والشركات الروسية على الاستثمار والعمل في الدولة». وعلى المستوى الثقافي، أشار سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى أن أبوظبي استضافت في شهر ديسمبر الماضي مهرجان الموسيقى الشعبية الروسية، تضمن 14 برنامجاً موسيقياً على مدار 8 أيام في مناطق مختلفة من العاصمة أبوظبي، حيث شارك أكثر من 30 فناناً روسياً في هذه العروض. أول رائد فضاء إماراتي وقال سموه: «تحدثنا بكثير من الفخر مع وزير الخارجية الروسي، حول التعاون في مجال الفضاء، ونحن سعداء وفخورون بهذا التعاون المشترك بين روسيا والإمارات، والذي سيثمر في سبتمبر المقبل انطلاق أول رحلة لرائد فضاء إماراتي إلى المحطة الفضائية الدولية». وأضاف سموه: « نتطلع أن يتم خلال الفترة القصيرة القادمة، الانتهاء من مجموعة من المذكرات التي ستعزز هذه العلاقة بشكل أفضل»، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد توقيع مذكرة لإنشاء لجنة قنصلية، ومذكرة أخرى بشأن الاعتراف برخص القيادة بين البلدين. وأشاد سموه بحرص القيادة الروسية والمؤسسات العسكرية التابعة لها في المشاركة في فعاليات معرض «آيدكس 2019» الذي استضافته العاصمة أبوظبي خلال الشهر الماضي، موضحاً بأن روسيا تعد شريكاً قوياً لدولة الإمارات في كافة المجالات المتعلقة بالأمن والصناعات العسكرية. وقال سموه : «تقوم دولة الإمارات مع روسيا بجهود كبيرة في مكافحة التحديات الحديثة والتقليدية، سواء تلك المتعلقة بمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة وغسيل الأموال وفي مجال مكافحة التطرف، لافتاً إلى أن الإمارات ستستمر بالتزامن مع إعلان عام 2019 «عام التسامح» في ترسيخ مفاهيم التعايش والتسامح مع روسيا الاتحادية وكافة الدول الصديقة حول العالم. وأضاف سموه: «شهدت أعداد السياح بين البلدين ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تجاوز عدد السياح الروس للدولة 850 ألف سائح العام الماضي، كما ارتفعت رحلات الطيران بين البلدين إلى 150 رحلة، ونرى فرصاً عديدة لتنمية قطاع السفر والسياحة بين البلدين». سباق التسلح الجديد ومن جانبه، قال معالي سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي: «إن الموقف الروسي تجاه التهديدات المستمرة على الأمن الوطني الروسي تم التعبير عنه من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فهو يشير مراراً وتكراراً بأن روسيا لن تنجر نحو سباق التسلح الجديد وأن البرنامج الحكومي للتسليح الذي تم تنفيذه في السنوات الأخيرة قد أمّن تحديث جميع أنواع القوات المسلحة الروسية. عملية «أستانة» وأضاف معاليه: «إن موقف وجود القوات الأجنبية من وجهة نظر الشرعية الدولية التي لا تقبل ذلك إلا بناء على موافقة حكومات الدولة المعنية، ونحن ندرك مخاوف تركية حول أمنها باعتبار بعض الظروف التاريخية وغيرها، إلا أننا «براجماتيون» ويهمنا البحث عن سبل محددة للخروج من الأزمة السورية، ولأننا نهدف إلى استعادة سيادة سوريا لسلامة أراضيها أطلقنا عملية «أستانة»، وهي العملية الوحيدة التي أدت إلى نتائج واضحة، سواء فيما يتعلق بتقليص عمليات الأعمال العدائية وتوسيع توريد المساعدات الإنسانية وزيادة الثقة وتبادل الأسرى والبحث المشترك عن المفقودين، وأخيراً وليس آخراً خلق ظروف مواتية لبداية العملية السياسية الواضحة وفق قرار مجلس الأمن 2254 وضمنه يحدد السوريون بأنفسهم مصير بلدهم والحكومة السورية». وتابع: «أيد عمليتنا ممثلو حكومة الجمهورية السورية كما تشارك المعارضة المسلحة فيها، وأول مرة نستطيع أن يجلس الطرفان على طاولة مفاوضات واحدة بين الحكومة السورية والمعارضة. والشيء نفسه ما تم إطلاقه في مؤتمر الحوار السوري في سوتشي الذي أكد على المبادئ الاثني عشر للتسوية السياسية وإنشاء اللجنة الدستورية. ونعمل حاليا مع الحكومة السورية والمعارضة وإيران والأمم المتحدة ليسمح للسوريين الابتداء بعملها في جنيف كما هو مفروض وفق الاتفاقات والهدف النهائي. وأكد زملاؤنا الأتراك الشيء نفسه، وهو عودة سيادة الجمهورية العربية السورية بالكامل». وعن مناقشة موضوع الفصل بين المعارضة المسلحة عن جبهة النصرة في إدلب، قال لافروف: «لم نناقش هذا السؤال وضمن تعاملنا مع الحكومة السورية والجمهورية التركية التي التزمت أو أخذت على عاتقها الالتزام بمثل هذا الفصل، ونعمل مع زملائنا السوريين والأتراك حول الخطوات التي تسمح بنسج هذا الحل». مشاريع مشتركة وقال لافروف: « أجريت محادثات مهمة مع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، كما تمت مناقشة سبل التعاون بين صندوق مبادلة الإماراتي وصندوق الاستثمارات المباشرة لروسيا الاتحادية، حيث تم الاتفاق على مشاريع في إطار هذا التعامل بقيمة أكثر من ملياري دولار أميركي»، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة لزيادة وتكثيف تلك المشاريع من خلال اللجنة المشتركة التي يترأسها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى جانب وزير التجارة والصناعة الروسي. وأضاف بأن العلاقات العسكرية تشهد تطورا حيث شاركت روسيا الشهر الماضي في معرض آيدكس في أبوظبي، وتمت مناقشة مشاريع مشتركة ونأمل أن يتم تحقيقها في هذا الجانب، مشيرا إلى أنه جدد الدعوة لدولة الإمارات للحضور والمشاركة في معرض أرابيا إكسبو وجيسيت مجموعة الأعمال بين روسيا والدول العربية التي ستجري في شهر أبريل القادم في موسكو، مؤكدا أن بلاده مازالت مهتمة بالتطورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنها تقف إلى جانبها للقضاء على التطرف والإرهاب. وقال وزير الخارجية الروسي: «لدينا أفكار مشتركة نحو تثقيف الشعوب لتسوية جميع الأزمات في المنطقة»، لافتا إلى إصرار بلاده على وجود حل سلمي وسياسي ودبلوماسي لهذه القضايا والنزاعات خصوصا في ليبيا التي تلعب دولة الإمارات في شأنها دورا إيجابيا لتجاوز الخلافات داخلها. التسوية في الشرق الأوسط وأكد أن التسوية في الشرق الأوسط وصلت لطريق مسدود وأن علينا مواصلة الجهود وبذل مجهود أكبر من أجل تجاوز هذه المشكلة عبر المباحثات الأممية، مؤكدا اهتمام روسيا بتقوية العلاقات بينها وبين منطقة الخليج العربي، والتي ينجم عنها ضمان الرؤية الاستراتيجية لهذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية لجميع الدول. غياب الدور العربي في سوريا غير مقبول عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد: «لا شك أنه من المهم لتحليل الوضع في سوريا أن ننظر كيف تطور الوضع في سوريا في السنوات الماضية، وكيف أثرت القرارات التي اتخذت على الوضع السوري. ونحن في الإمارات حريصون أن يكون هناك دور عربي مع سوريا إن كان هذا الدور سياسياً أو أمنياً، ولا شك في اختلافنا مع الحكومة السورية في أي من الخطوات التي اتخذتها داخليا، لكننا الآن أمام تطور نشهده بزيادة النفوذ التركي والإيراني وغياب الدور العربي، وهذا الغياب غير مطلوب وغير مقبول، ونحن في تعاوننا مع زملائنا الروس وآخرين في بحث احتواء الأزمة واحتواء سوريا بحيث تكون جزءاً من المنطقة العربية والدور العربي، ومن الأسف أن نجد سوريا بعيدة عن ذلك في الوقت الذي قررت فيه الإمارات فتح سفارتها بدمشق لبدء هذه المسيرة، ونعتقد أننا مازلنا في بداية المسيرة وهذا يحتاج إلى دور من الأطراف العربية ودمشق للعمل سوياً ليكون هناك دور سوري - عربي.
مشاركة :