التوجه لمسرحة الرواية لا يعكس أزمة في النص المسرحي

  • 3/7/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تشارك الكاتبة والناقدة والمخرجة المسرحية الجزائرية ليلى بن عائشة في مختلف فعاليات الحركة المسرحية العربية عامّة والجزائرية خاصّة، ففضلا عن دراساتها النقدية ومقالاتها وعضويتها في لجان تحكيمية عدّة، وأنها أستاذة محاضرة بجامعة محمد لمين دباغين، كتبت وأعدّت جملة من النصوص المسرحية باللغتين الأمازيغية والعربية، أنتج منها “محاكمة نسوية” و”السوق نتسذنان” و”أمغار تامنوكالت” وغيرها. المسرح الجزائري بداية تؤكد بن عائشة أن المسرح الجزائري له خصوصياته التي تميّزه عن المسارح الأخرى، وإن كان يتقاطع مع المسارح المغاربية والعربية على حدّ سواء، ولعل خصوصيته تنبع من كونه يأخذ بعين الاعتبار البيئة التي ينتمي إليها بما تحمله من مخزون حضاري، فكري، وثقافي له امتداده التاريخي، ناهيك عن التزامه بقضايا الأمة والانطلاق من المحلية التي تحرص في مضامينها على الحفاظ على عناصر الهوية الوطنية وثوابتها، ولاسيما اللغتين العربية والأمازيغية والدين الإسلامي بكل ما تحمله هذه الثوابت من حمولات فكرية وغيرها، ليرصد هذا المسرح عبر تجارب فنانيه ومبدعيه أعمالا مسرحية فسيفسائية من حيث الثيمات والتلوينات الشكلية، والبحث في مفردات العرض المسرح، وتقديم أعمال متنوعة تسعى إلى الاستجابة لطموحات الجماهير التواقة إلى فرجة مسرحية تعكس همومها وآمالها وآلامها”. ليلى بن عائشة: المسرح الجزائري عبر تجارب فنانيه ومبدعيه قدم أعمالا فسيفسائية هامة ليلى بن عائشة: المسرح الجزائري عبر تجارب فنانيه ومبدعيه قدم أعمالا فسيفسائية هامة وتضيف المسرحية الجزائرية “إذا حاولنا تقييم المشهد المسرحي فينبغي أن نقول إننا متفائلون بطبيعة الأعمال المقدمة لأن فيها جهودا متميزة لفنانين مثل كاتب ياسين، محمد بورحلة، ومخرجين مثل فوزي بن إبراهيم، محمد شرشال،عزالدين عبار، شوقي بوزيد، احمد رزاق، الربيع قشي، وممثلين مثل محمد الطاهر الزاوي، رمزي قجة، صبرينة قريشي، عصام تعشيت، مصطفى صفراني، لبنى النوي، فايزة أمل، رشيد معمرية، أحسن عزازني، سمير أوجيت وغيرهم كثيرون. وتجارب تشي وتعد بالكثير يكفي أن نذكر منها أعمال على غرار ذكرى من الألزاس، زيدني نزيدلك، الحارس، ما بقات هدرة، الهايشة، كشرودة، طرشاقة، العطب، فندق العالمين، القراب والصالحين، انتحارالرفيقة الميتة، أمنوكال، إيكنكر، يامنة، والأجداد يزدادون ضراوة، أمغار تامنوكالت. حيث تنوعت الرؤى الإخراجية بين العبثية والملحمية والواقعية والكلاسيكية والتجريبية وغيرها، كما جاءت النصوص متنوعة بين ماهو محلي وما هو من الريبرتوار العالمي أو العربي، ما هو تأليف خالص، وما هو إعداد أو اقتباس”. تؤكد بن عائشة أن المسرح الجزائري مرتبط ارتباطا وثيقا بالمسرح العربي، وثمة تواصل وتواشج من خلال تجارب مشتركة، فالمسرح الجزائري منفتح على المسرح العربي كما هو منفتح على المسرح العالمي، لذا فالنص العربي حاضر بقوة في الأعمال الجزائرية، منها ما هو حديث وما هو معاصر على غرار كتابات العراقي علي عبدالنبي الزيدي، ونصوص عبدالكريم برشيد أو من خلال الإخراج على غرار قاسم محمد وجواد الأسدي. وكانت فرص الانفتاح كبيرة في الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 وقسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015 وتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية 2011، والتواصل الذي انقطع أثناء العشرية السوداء بعث من جديد بعودة مهرجان المسرح المحترف مع أقطاب المسرح الجزائري الراحل امحمد بن قطاف في 2006، ومشاركة الفرق والكتّاب والنقاد من مختلف الدول العربية، زيادة على المسرح الدولي بالعاصمة ثم ببجاية والذي كان منفتحا على الشرق والغرب”. وتضيف “في ظل التطور التكنولوجي وسهولة التواصل أصبحت المهرجانات العربية قبلة للفنانين الجزائريين بعد أن كانت أوروبا وجهتهم الأولى، فأسهموا في الحركية المسرحية العربية، وكان لتواجدهم أثر وتميّز، وكثيرا ما يقتنصون الجوائز الكبرى في فعاليات مسرحية عربية ذات شأن ووزن. أما في ما يتعلق بالتأثير والتأثّر فالعلاقة بلا شك جدلية بين المسرح الجزائري والعربي، إذ يحمل المسرح الجزائري سمات تتعلق بالاشتغال على الممثل، وكذا في المجال السينوغرافي، حيث برزت أسماء لها وزنها اشتغلت على السينوغرافيا بروح إبداعية وجمالية تنبع من الاشتغال الدرامي بالدرجة الأساسية”. لكنها تلفت إلى أن التقارب مترسّخ أكثر بين المسارح المغاربية في كل من تونس المغرب والجزائر وحتى ليبيا وموريتانيا بحكم القرب الجغرافي، وتعدد القواسم المشتركة بينها، رغم خصوصية الاشتغال الفني لكل مسرح منها. تطلعات الجمهور المسارح المغاربية تمتلك قواسم مشتركة المسارح المغاربية تمتلك قواسم مشتركة ترى بن عائشة أن للرواية سحرها الذي يقود حتما إلى محاولة استكناه لبّها وتحويلها إلى مسرحية أو بالأحرى مسرحتها، وتقول “عاش المسرح الجزائري المعاصر على وقع تجارب مثمرة في هذا السياق كتب لها القبول والنجاح، لعل أبرز من اشتغل في هذا السياق هو الفنان مراد سنوسي الذي مسرح رواية ‘أنثى السراب‘ لواسيني الأعرج ليطلق عليها عنوان ‘إمرأة من ورق‘؛ حيث تم تقديم العمل من قبل المخرجة والممثلة القديرة صونيا، وقدّمت ذات المسرحية باللغة الأمازيغية من قبل المسرح الجهوي ببجاية ومن إخراج عمر فطموش بعنوان ‘ثامطوثني‘ ولاقت نجاحا كبيرا، كما مسرح أيضا رواية ‘حجر الصبر‘ للكاتب الأفغاني عتيق رحيمي، ومن بين الأسماء التي اشتغلت على المسرحة أيضا الأديب محمد بورحلة حيث مسرح رواية الأديب الجزائري الطاهر وطار ‘الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي‘ لتصبح ‘عودة الولي‘ وغيرها”. وتضيف “أما في ما يتعلق بنقص النصوص المسرحية حتى لا نقول الأزمة. وبرأيي أن التوجه لمسرحة الرواية ليس بالضرورة بسبب أزمة في النص المسرحي، بل لأن بعض الأعمال الروائية أو القصصية جيدة بما يكفي لتغري الكاتب أو الدراماتورج لتحويلها إلى مسرحية حتى يمتع جمهور المسرح، ويجعل من هذا النص السردي عملا حيّا على الخشبة، وقد يطال هذه النصوص الكثير من الإضافات والتعديلات، مما يجعل النص المُمَسْرَح يستجيب لتطلعات المُمَسْرِح”. في ما يتعلق بالحركة النقدية للمسرح، تلفت بن عائشة إلى أن الحركة النقدية حاضرة ولكن بتفاوت، فمتابعة العروض ودراستها في الندوات التطبيقية التي تعقب العروض في المهرجانات العربية باتت مهمة جدا إذ تستقطب الجمهور بشكل ملفت للنظر، لأنها تسمح بالمكاشفة والحديث عن محاسن العروض، مزاياها في مقابل هناتها التي ينبغي أن تتجاوزها، فإذا نُذِر لهذه العروض نقاد مسرحيون فالقاعة فيها من المتخصّصين وغير المتخصّصين أي الجمهور العادي وأسئلة هؤلاء أيضا من الأهمية بمكان، وتفتح باب النقد على مصراعيه، لأن العمل المسرحي موجه للجمهور”.

مشاركة :