في توجه جديد لتدريس اللغة الصينية وتوسيع دائرة الانفتاح على مصادر ابتكار التكنولوجيا شرعت بعض إدارات التعليم والجامعات في مختلف مناطق المملكة، لمواكبة هذا التوجه، والبدء في إعداد دورات في أساسيات تعلم اللغة الصينية من خلال مراكز التدريب فيها، وأندية الحي في بعض المدارس . ففي العاصمة الرياض عكفت إدارة التعليم بمنطقة الرياض منذ اللحظات الأولى لتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع خلال زيارته الأخيرة للصين، بإدراج لغتها الرسمية كمقرر على جميع المراحل التعليمية في المدارس والجامعات، بالإعداد لتنفيذ عدد من الدورات من خلال أندية الحي في مختلف الأحياء بمدينة الرياض خلال الفترة من 3 – 28 رجب القادم ، وذلك بواقع يومان في الأسبوع لمدة أربع أسابيع، وتم الإعلان عن روابط للتسجيل بها، ونوهت الإدارة إلى أنه سيكون هناك بث مباشر من خلال مركز الإنتاج بوزارة التعليم لها، لكي يتسنى للوسط التعليمي متابعتها والاستفادة منها .ويأتي ذلك في ظل اهتمام الدولة بالانفتاح على لغات الدول المتقدمة تكنولوجيًّا ومنها الصين التي تمتلك اليوم تكنولوجيا فائقة جعلتها منافسًا قويًّا للولايات المتحدة والدول الغربية وروسيا في مجالات التصنيع وغزو الفضاء والتصنيع العسكري والذكاء الاصطناعي .وشكّل توجه المملكة إلى ذلك، خطوة مهمة باتجاه فتح آفاق دراسية جديدة أمام طلاب المراحل التعليمية المختلفة من خلال توسيع دائرة التنوع الثقافي أمامهم، وربطهم حضارياً وثقافياً بالدول الأكثر إنتاجاً للحضارة، حتى يمكنهم النهل والاستفادة القصوى من خبرات ومعارف وحضارات هذه الدول في جميع المجالات مستقبلاً.وتأتي خطوة إدراج اللغة الصينية إيماناً من سمو ولي العهد بالتقدم العلمي والتقني الهائل الذي تتمتع به الصين، وأن محاكاة ما حققته من إنجازات علمية، ونهضة صناعية جعلتها من أكبر اقتصادات العالم، تحتاج في المقام الأول إلى التعايش معها، ومخاطبة أهلها بلغتهم، للتعرف على تاريخهم وأسلوب حياتهم، الذي جعلهم يصلون إلى ما وصلوا إليه من نهضة وتطور .كما يأتي القرار ترجمة لمدى الحرص الكبير الذي تبديه القيادة الحكيمة في تطوير التعليم والارتقاء ببرامجه وتطوير الطالب الذي يعد إحدى أهم ركائز تطور المجتمعات، حيث لا يأتي إدراج اللغة الصينية من باب الترف، بل هو خطوة استراتيجية نحو المستقبل الذي تطمح إليه المملكة في مجالات العلوم والصناعات التكنولوجية المتطورة .وانطلاقاً من رؤية المملكة الاستشرافية لمستقبل القوى العظمى في العالم، فإنها تحتاج إلى تأهيل الكوادر المطلوبة للتعامل مع الصين باعتبارها القوة القادمة التي ستقود العالم، لذا كان لا بد من التوجه لتعزيز إمكانيات التواصل الحضاري مع الصين وثقافتها وحضارتها، مشكّلة بذلك حلقة وصل بين الشرق والغرب، لاسيما أن اللغة الصينية تمثل الجسر الأساسي للعبور إلى عالم الحضارة الصينية، وفهمه والاستفادة من كل الفرص، التي تعود بالنفع على السعودية وتعزز شراكاتها وتحالفاتها في العالم.الجدير بالذكر، أن اللغة الصينية تحتل حالياً المركز الثاني بعد الإنجليزية عالمياً كأكثر اللغات تحدثاً حسب عدد المتحدثين اليوميين في العالم، أي الذين تعتبر لديهم كلغة يومية معتمدة للتواصل، حيث يتحدث الصينية حوالي 1.2 مليار شخص حول العالم وهو ما يعني تقريبًا واحد من كل ستة أشخاص في العالم يتحدث الصينية .ويعتمد تدريس اللغة الصينية في دول منطقة الشرق الأوسط وكثير من المناطق الأخرى في العالم على المعاهد التي تنشئها الصين عبر المراكز التي تشرف عليها بعثاتها الدبلوماسية، حتى إن هناك 330 معهداً لدراسة هذه اللغة حول العالم طبقاً لوزارة التعليم الصينية.
مشاركة :