«جزء من الفانية»، هي الشمعة التي اختارها المخرج عبدالعزيز النصار لتكون بديلاً مسرحياً عن حياة الإنسان، إذ يمكن للإنسان في ثانية أن يدرك أنه جزء من الفانية.قدمت المسرحية فرقة المسرح الكويتي على مسرح الدسمة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان أيام المسرح للشباب بدورته الثانية عشرة، وأطلقت الكاتبة مريم نصير العنان لقلمها لتقول كلمتها في هذا العمل المختلف تماماً، إذ ركزت على العمق النفسي للشخصيات التي راحت وراء رغباتها الخاصة على حساب الآخرين، وأشارت إلى مشانق للبيع بأرخص الأثمان.تدور قصة المسرحية حول سفاح كان يعمل ماسح أحذية وتحوّل إلى قاتل وأطفأ نور حياته بيده، بسبب نرجسيته وحبه لنفسه فقط. وهو قاس ومتجبر مع الجميع، حتى مع زوجته التي تشعر بالحصار واليأس لأفعاله المتوحشة، وتندم لأنها تزوجت رجلاً مثله، وتتذكر طفولتها البريئة وألعابها البلاستيكية، وعندما كبرت أصبحت هي اللعبة في يد زوجها المتوحش. ويتهم المحقق هذا السفاح بجرائم القتل التي كانت تحدث بشكل متكرر، فينكر الأخير ويقول «عندما يأتي الموت لا يمكن الفرار منه»، فيستغرب المحقق منه لأنه يطفئ نور حياته بأفعاله، لتنتهي القصة باغتيال هذا السفاح لزوجته ليعيش في ظلمة أبدية.الأداء التمثيلي كان متقناً، إذ لعب كل ممثل دوره باحترافية تحت قيادة المخرج النصار، الذي يعتبر من الشباب المبدعين وله باع طويل في المسرح الأكاديمي، فأبدع في رسم صور إنسانية مختلفة على خشبة المسرح من نرجسية وحب وخوف وقسوة.وكانت الإضاءة لاعباً أساسياً في العرض، وساهمت بشكل كبير في نجاحه. وكذلك خدم الديكور المسرحية، لا سيما الطاولة المتحركة التي كانت ملائمة لسير الأحداث، أضف إلى ذلك الأزياء والموسيقى التي لاقت استحسان الحضور.«جزء من الفانية» من تأليف مريم نصير، سينوغرافيا وإعداد وإخراج عبدالعزيز النصار وبطولة كل من كفاح الرجيب، حصة النبهان، عبدالله بهمن، عبدالعزيز بهبهاني وعبدالله البلوشي. أما الأزياء، فصممتها حصة العبادي، وتولى الإضاءة عبدالله النصار، الديكور حسين الحسن، التأليف الموسيقي آلاء الهندي، الماكياج عبدالعزيز جريل، ومساعد المخرج موسى كاظم.ندوة تطبيقيةبعد انتهاء عرض المسرحية، عقدت ندوة في قاعة الندوات بمسرح الدسمة، أدارها الفنان عبدالله التركماني وشاركت فيها عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية وأستاذة مادة النقد والأدب المسرحي الدكتورة منى العميري كمعقبة رئيسية على العرض، إضافة إلى المخرج عبدالله النصار والكاتبة مريم نصير وبحضور رئيس المهرجان عبدالله عبد الرسول وعدد من النقاد والضيوف.في البداية، قالت العميري إن الرؤية الإخراجية للعرض المسرحي تتفق مع النص المؤلف في عناصر عدة، كشخصيات الأموات التي استعاض عنها المخرج بالشموع، وكأن حياة الشمعة كحياة الإنسان قد تشتعل في لحظة وتنطفئ في لحظة أخرى.وانتقدت في مكان آخر حوار الشخصيات، حيث كانت تتحدث أكثر من شخصية في الوقت نفسه، واعتبرته نقطة ضعف للمسرحية. كما انتقدت قطعة الطاولة التي اعتبرتها كعائق للممثلين أثناء حركتهم وأضعفت أداءهم، مشيرة إلى أنها استخدمت في لقطات عدة (طاولة طعام ومكتب تحقيقات ومنبر وكسرير).وأضافت أن جلوس إحدى الممثلات على الأخرى هو دمج موقعين، ولكنها حيلة درامية غير مناسبة، خصوصاً أنها لا تتناسب مع مجتمع إسلامي يحترم جسد المرأة، موضحة أن هناك مشاهد عدة تحتاج إلى إعادة حبكة، خصوصاً أن النص انتهى نهاية بأن الشر سوف يستمر.ومن ثم فتح عريف الندوة عبد الله التركماني المجال للحضور، وكان اول المتحدثين الناقد المصري محمد الروبي الذي اعرب عن سعادته بشباب المسرح القادمين، موضحاً أن هناك ولادة لمؤلفة جديدة وهي مريم نصير وأشاد بالمخرج النصار وكل من شارك في العرض المسرحي.ومن جهته، قال الكاتب المسرحي السيد حافظ إن المخرج كان مشاكساً مع النص ومع الواقع المرير التي تعيشه الأمة العربية، وأشاد بالمشهد الأخير.وأعربت الناقدة ليلى أحمد عن سعادتها بالعرض قائلة: «نادراً ما أكون سعيدة بعرض مسرحي، ولكن استمتعت اليوم».وشكرت الكاتبة مريم نصير المسرح الكويتي على منحها المشاركة في المهرجان، موضحة أنها المشاركة الثالثة لها في كتابة النصوص المسرحية.وقال المخرج النصار إنه يوجد ثلاثة أشخاص حالياً لهم الفضل في حياته المهنية ودعمهم المستمر له، وهم الدكتور يحيى عبدالتواب الذي علمه فن الإيقاع والدكتور عبدالله العابر الذي تأثر به على مستوى التمثيل والإخراج، والدكتور أيمن الخشاب الذي علمه معنى التلوين في الفن.
مشاركة :