ثمنت الأمم المتحدة خطوات المملكة في مجال تمكين المرأة، وتعاونها مع الآليات الدولية في مجال حقوق المرأة. وقالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المملكة ناتالي فوستيه، خلال مشاركتها اليوم الخميس في ندوة حول تمكين المرأة، إن المُنَظَّمة تقدر الإصلاحات التشريعيَة التي اتّخذَتها المملكة في مَجالِ تَعزيزِ حُقوقِ المَرأة في السَنوات الأخيرة، خُصوصاً السَّماحُ بِإصدارِ رخصِ قِيادة السيارات لِلنِّساء، والاِمتِناع عَن اِشتِراطِ حُصول المَرأة عَلى إذن ولي الأمر الذكر للِاستِفادَةِ مِن الخدماتِ وَالإجراءاتِ، إلّا في الحالات التي يَشتَرِطها القانون، إضافة إلى قانون الحماية مِن الإيذاء الذي يُجَرِّم العُنف، وَتعديل قانون الأحوالِ المدَنية، الذي أعطى المَرأة الحقّ في الحُصول عَلى بطاقَة الهوية الوطنية. وأضافت أن المُنَظَّمة تثمن الجهود التي بَذَلتها المملكة مِن أَجلِ تحسينِ إطارها المُؤسَّساتيّ بُغيةَ الإسراع في القَضاء عَلى التَمييز ضِد المَرأة وَتَعزيز المساواة بين الجِنسين، باعتماد "رُؤية 2030" وخُطة التَّنمية العاشرة التي تستَهدِف تَمكين المرأة وزيادة مُساهَمَتها في التَنمية الاقتصاديّة والاجتماعِية. وقالت فوستيه إنَّ المنظَّمة تُقدر التعاون البناء القائم حالياً وتُجَدِّد استعداداتها لمواصلة التعاون وتقديم الدعم الفني المتعلق في أنشطة وبرامج تمكين المرأة بما بِما يَنسَجِم مَع التوَجّهات الوطِنية وَتَوصِيات هيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة. وافتتحت الدوة في الرياض اليوم، ونظمتها هيئة حقوق الإنسان، ومكتب هيئة الأمم المتحدة في الرياض، بحضور وزير الخدمة المدنية سليمان الحمدان، وأعضاء السلك الديبلوماسي في المملكة وممثلين عن جهات حكومية ومجتمع مدني وأكاديميات، وبمشاركة جهات حكومية، وممثلي المنظمات الدولية، وسفراء دول عدة، ومؤسسات مجتمع مدني، ومختصين، ومهتمين. وأكد رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان في كلمته في حفل الافتتاح، أن المملكة ماضية في مسيرة تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في التنمية، مشيراً إلى مجال حماية حقوق المرأة وتمكينها من أكثر المجالات نصيباً من الإصلاح والتطوير. وبين أن "رؤية المملكة 2030" تنظر إلى المرأة باعتبارها شريكاً هاماً وفاعلاً، وترجمت ذلك عبر برامج ومبادرات وطنية ترفع سقف الطموح حول مشاركتها في التنمية والاقتصاد، في ظل ما حققته من تقدم ونجاحات في جميع المجالات، مفيداً بأن الدولة قامت بحزمة من الإصلاحات ومراجعة الأنظمة واللوائح لدعمها وتمكينها وفق ثوابتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، ومنهجنا الوسطي، بما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات. واستعرضت الندوة التي تأتي ضمن فعاليات الهيئة بمناسبة "اليوم العالمي للمرأة" ما قامت به المملكة من أجل تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها وفقاً لأنظمتها الوطنية والتزاماتها الدولية، والتقدم المحرز في هذا المجال، واستعرضت أيضاً تجارب نجاح للمرأة السعودية في مختلف المجالات. ونوه رئيس هيئة حقوق الإنسان، بالتدابير التي اتخذتها المملكة لحماية حقوق المرأة وتمكينها أبرزها مدونة الأحكام القضائية، وصدور الأمر السامي الذي أكد على جميع الجهات المعنية بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي الأمر عند تقديم الخدمة لها أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها، وتقلدها مناصب مهمة، إضافة إلى تمكينها من الوصول إلى مراكز صنع القرار في القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفيرة لخادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميركية. ولفت إلى التطور المهم فيما يتعلق في الإطار المؤسسي من خلال إنشاء مجلس شؤون الأسرة وتخصيص إحدى لجانه لتتولى شؤون المرأة، وصدور نظام الحماية من الإيذاء ولائحته التنفيذية، وتخصيص مركز لتلقي بلاغات العنف الأسري كضمانة أسهمت في مكافحة العنف ضد المرأة بأشكاله كافة، وفي إطار تعزيز حرية التنقل للمرأة صدر أمر سام قضى باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها اصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء. وأكد أن هيئة حقوق الإنسان رصدت مبادرات رامية إلى تمكين المرأة في جميع مناطق المملكة، ما يؤكد أن المملكة ماضية نحو بلوغ أفضل المستويات في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة، مبيناً أن الهيئة تتطلع من خلال هذه الندوة إلى الخروج بتوصيات عملية يمكن ترجمتها إلى أرض الواقع للإسهام في تحقيق المزيد من التقدم في مجال تمكين المرأة وحماية وتعزيز حقوقها. من جانبه، قال وزير الخدمة المدنية سليمان الحمدان: "في ضوء ما يحظى به القطاع العام من دعم من القيادة، وبحكم اختصاص الوزارة بالإشراف على شؤون الخدمة المدنية في الأجهزة الحكومية كان لزاماً علينا أن نبحث عن كل السبل التي تساعد أجهزة الدولة للوصول لمستهدفات رؤية المملكة 2030 التي من ضمن أهدافها تحسين أداء موظفي الحكومة فقد انبثق عن ذلك ملف تحت مسمى ملف الخدمة المدنية، ليكون أحد ملفات برنامج التحول الوطني الذي يشتمل على مبادرات ومشاريع هامة ومنها مبادرة تمكين المرأة في الخدمة المدنية، إضافة إلى تسكين مبادرة مماثلة أخرى لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تُعنى في تمكين المرأة كذلك في القطاعات الأخرى كافة. وفي ورقة عمل بعنوان "المعايير الدولية لحماية حقوق المرأة وفقاً للاتفاقات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة وأفضل الممارسات في متابعة وتنفيذ التوصيات" أكدت إشراق عبداللطيف الزين، من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنه على رغم تحقيق بعض التقدم في مجال تمكين المرأة، عالمياً إلا أن المرأة ماتزال تكسب أقل من الرجال في سوق العمل على مستوى العالم بنسبة 24 في المئة، مبينة أنه وبتاريخ أب (أغسطس) عام 2015، لم يكن هناك سوى 22 في المئة من جميع البرلمانيين الوطنيين من الإناث في العالم. وأكدت أن لجنة سيداو (اتفاق القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة) رحبت بتعيين نساء في مجلس الشورى، واعتماد نظام المجالس البلدية الذي أعطي المرأة حق التصويت في انتخابات المجالس البلدية والترشح لها. وأشارت إلى أن لجنة "سيداو" قدمت توصيات للمملكة إثر تقديمها التقريرين الثالث والرابع الخاصين باتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتمثلت هذه التوصيات في تعزيز وعي المرأة في حقوقها ووسائل إعمالها، وبناء قدرات موظفي نظام العدالة وتدريبهم في شأن الاتفاق وحقوق المرأة، وضمان الاتساق بين "رؤية 2030" وأهداف التنمية المستدامة بغية التعجيل بإعمال حقوق المرأة وتمكينها. إلى ذلك، استعرضت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان غادة محمد البراهيم، الموائمة بين مواءمة الإطار القانوني الوطني مع أحكام اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، متناولة أبرز الأنظمة الوطنية لتمكين المرأة على ضوء مواد الاتفاق، ومنها حظر التمييز والإتجار في المرأة وحمايتها من العنف، وحقوقها في الحياة السياسية والعامة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والعمل والصحة والتعليم وحقوق المرأة الريفية، وكذلك الحقوق في مجال القضاء والأحوال الشخصية. وأشارت البراهيم إلى أنه على رغم ما تحقق، لاتزال المملكة تتطلع إلى تحقيق أعلى مستويات تعزيز وحماية لحقوق المرأة من خلال سن وتعديل ما يلزم من التشريعات واتخاذ تدابير التنفيذ الفاعلة وغيرها من وسائل تمكين المرأة. وفي الجلسة الثانية للندوة؛ استعرضت وكيلة جامعة الملك سعود لشؤون الطالبات الدكتورة ايناس سليمان العيسى، عبر ورقة بعنوان "تمكين المرأة السعودية في التعليم من النمو إلى المنافسة"، وتناولت مستهدفات "رؤية 2030" ذات الصلة في تعليم المرأة، ومنها رفع مساهمة المرأة في سوق العمل، وخفض معدل البطالة، ورفع ترتيب المملكة في مؤشر التنافسية العالمية، مشيرة إلى ان هناك 31 برنامجاً يتطلب مشاركة المرأة. فيما تناولت الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة الدكتورة هلا مزيد التويجري، عبر ورقة عمل "التدابير والإنجازات الوطنية للنهوض بحقوق المرأة" الأنظمة والتشريعات ذات الصلة بتمكين المرأة، مستعرضةً الخطة الوطنية للمرأة من خلال محاور التعليم، والصحة، وسوق العمل وريادة الأعمال، والحماية الاجتماعية، والهوية والشخصية، مشيرة إلى انه يندرج تحت كل محور مجموعة من القضايا. من جهتها، استعرضت المدير العام للاستقطاب وتمكين التوظيف في وزارة الخدمة المدنية الدكتورة تغريد أحمد الهداب، استراتيجية الوزارة الخاصة في تمكين المرأة وتعزيز دورها القيادي، من خلال تطويرها لمواكبة "رؤية 2030" وبرامجها التنفيذية، إذ تم التركيز على تمكين المرأة في القطاع العام عبر إنشاء وكالة تمكين المرأة والتي تندرج تحتها مبادرة "تمكين المرأة في الخدمة المدنية وتعزيز دورها القيادي"، إذ تتمثل التزامات المبادرة في رفع نسبة السعوديات في الخدمة المدنية وتقليص الفجوة النوعية بين النساء والرجال في وظائف الخدمة المدنية بحسب دليل التصنيف الوظيفي. وفيما يتعلق بمشاريع المبادرة؛ أكدت الهداب أنها تتمثل في مشروع تمكين القيادات النسائية وزيادة تمثيلها في مواقع اتخاذ القرار، ومشروع تحقيق التوازن بين الجنسين في الخدمة المدنية، ومشروع استراتيجية العمل عن بعد في الخدمة المدنية. وبينت الوزارة أن أبرز منجزات التمكين في القطاع العام تمثلت في تطوير لائحة الموارد البشرية لتشمل ساعات الدوام المرن وإمكانية العمل بالدوام الجزئي والتعاقد، وتعديل الاجازات لإيجاد بيئة عمل مرنة ومحفزة، وتعزيز الدور القيادي للمرأة واكتشاف القيادات النسائية الواعدة. وفي الجلسة الثالثة للندوة بعنوان "تجارب ناجحة عن تمكين المرأة في مختلف المجالات"، تطرقت المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة الدكتورة ثريا أحمد عبيد، تمكين المرأة من العمل في المنظمات الدولية، وتناولت تجربتها في العمل حتى بلوغها منصب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة. فيما استعرضت عضو مجلس الشورى الدكتورة لينا خالد المعينا "تجربة ناجحة للمرأة في المجال الرياضي"، وتناولت عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان آمال يحيى المعلمي، عبر ورقة العمل التي قدمتها "المرأة في رؤية المملكة 2030"، في حين استعرضت المدير العام لتطوير كفاءات الاتصالات وتقنية المعلومات في شركة STC الدكتورة موضي محمد الجامع، تجربة المرأة في الأمن السيبراني.
مشاركة :