مليار دولار استثمارات الإمارات في "التغير المناخي والبيئة والطاقة المتجددة"

  • 3/8/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت جلسات «القمة العالمية للمحيطات» التي اختتمت أعمالها أمس بأبوظبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تركيزاً على التحديات التي تواجه البيئة البحرية والمحيطات، مسلطين الضوء على التعدين في قاع البحار، والتغير المناخي وكيفية تنشيط فكرة السياحة الساحلية المستدامة، والتأكيد على أهمية خفض استخدام البلاستيك لتأثيراته الكبيرة على المحيطات. وتشير الأرقام إلى أن حوالي 90% من النفايات البلاستيكية التي تدخل من الأنهار إلى المحيطات حول العالم سنوياً، تأتي عبر 10 نظم أنهار رئيسة في أفريقيا وآسيا. وانعقدت «القمة العالمية للمحيطات 2019» تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، واستضافت حكومة أبوظبي، بدعم من هيئة البيئة بأبوظبي، ودائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، فعاليات هذا الحدث الذي وفر منبراً عالمياً لمشاركة أكثر من 500 شخصية من رؤساء الدول والزعماء السياسيين وصناع القرار، ورؤساء الشركات الكبرى والأكاديميين في أكثر من 26 دولة، لتبادل الأفكار والحوار حول أفضل السبل المتاحة للابتكار، وحوكمة وتعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام، واستكشاف سبل جديدة للحدّ من التأثيرات البشرية الضارة على سلامة المحيطات حول العالم. وفي الجلسة الأولى أمس، التي تناولت موضوع الحوكمة وعمليات اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، قال فهد الحمادي وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة بوزارة التغير المناخي والبيئة: الأولوية لدى دولة الإمارات تتمثل في معالجة العوامل المؤدية إلى ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وتأثير ذلك على مختلف القطاعات، بالمقارنة مع دول أخرى تقع في منطقة الكاريبي والتي يشكل لها ارتفاع منسوب البحر الهاجس الأكبر من التحديات المستقبلية. وأضاف: تنظر دولة الإمارات إلى المتغيرات الراهنة القابلة للاستخدام والتطبيق لخفض التأثيرات السلبية لعوامل التغير المناخي وإمكانية تعزيز الجهود لرفع عدد المبادرات، خاصة مع التداعيات السلبية للتأثيرات المناخية على البنية التحتية والطاقة في منطقة الخليج العربي، والتي انعكست على درجات الحرارة ومنسوب الرطوبة وارتفاع معدل ملوحة المياه والذي له التأثير أيضاً على الكائنات البحرية. وأشار إلى أن الإمارات اتجهت لتنفيذ عدد من الأعمال بهدف التكيف مع التغيرات المناخية، من خلال استزراع أشجار القرم بأعداد كبيرة واكتشاف المناطق المحيطة في أبوظبي وتعزيز السياحة البيئية، والإسهام في تخفيف حدة التغيرات المناخية والتي لم تشكل مشكلة في العقود الماضية، لذلك لم تكن هناك جهود عالمية واضحة في هذا القطاع، بخلاف الجهود والتوجهات العالمية الآن. مواجهة التحديات ورداً على سؤال حول حجم استثمارات الإمارات في قطاع التغير المناخي والبيئة، أوضح الحمادي أن إنفاق دولة الإمارات يصل إلى مليار دولار من خلال الإنفاق بصورة غير مباشرة على أجزاء معينة من البيئة، وتشمل الحفاظ على المناطق ذات الخصوصية الجغرافية، وتعزيز البيئة في المحميات الطبيعية وحماية الموائل الطبيعية، والاستثمار الداعم لأنشطة الطاقة المتجددة. ولفت إلى أنه بعد التوقيع على اتفاقية باريس للمناخ، تعمل الوزارة مع كافة القطاعات للنظر في جميع الجهود الحالية التي تهدف لمواجهة التحديات وتطوير المبادرات، وعلى الرغم من أن دولة الإمارات تعد من أكبر المنتجين للنفط، فإن الطاقة المتجددة والمشاريع المحافظة على البيئة في أولويات القطاع الحكومي. وبين أن جهود الدولة لا تقتصر على الإطار المحلي، بل الكثير من المبادرات التي نفذتها الدولة كانت في مناطق مختلفة من العالم، ومنها تقديم 50 مليون دولار لكل إقليم في منطقة الكاريبي لمساعدة الدول التي هناك، كما تشارك الدولة بفعالية في مختلف المؤتمرات والمنتديات والملتقيات العالمية بهدف تفعيل الدور العالمي الذي تلعبه ضمن القطاع. وأشار إلى أن استراتيجية التغير المناخي الوطنية حددت مجموعة من الأولويات والتي تشمل تنويع الاقتصاد المحلي والانتقال من الوقود الأحفوري إلى حلول أخرى، حيث تحرص القيادة الرشيدة على أهمية البحث عن الحلول للأجيال القادمة وتخفيض الاعتماد على النفط، والاستثمار في الفرص المتاحة القادرة على تنويع الاقتصاد الدولي. وشدد الحمادي على أن الوقود الأحفوري لا يمثل السبب الوحيد في مسألة التغير المناخي، بل هناك أنشطة بشرية وأخرى اقتصادية تتسبب في ذلك، موضحاً أن الإمارات قدمت نموذجاً مشرقاً للنجاح في الطاقة المتجددة من خلال عدة مشاريع، منها مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية وشمس 1 ومدينة مصدر، كما تم إدخال التكنولوجيا في الطاقة المتجددة ووفقاً للأرقام، فإن قطاع الطاقة المتجددة يمثل قطاعاً واعداً وناجحاً. من ناحيته، قال فالديمار كوتس سفير تشيلي في النرويج: يصل طول الشريط الساحلي في تشيلي إلى نحو 60 ألف كيلومتر، بينما يبلغ حجم صادرات السلمون إلى 4 مليارات سنوياً، مما يؤكد أهمية الصيد والاستزراع السمكي باعتباره أحد مصادر الدخل الإجمالي الرئيسية. وأضاف: نحن دولة معرضة للخطر نظراً لوجود المجتمعات السكانية على طول امتداد الشريط الساحلي، وقمنا بتعزيز جهودنا من خلال تقديم إسهامات وطنية لتعزيز القدرة على التكيف مع المتغيرات في البيئة الساحلية، إضافة إلى تطوير القدرات لخفض مستويات الكربون من خلال إبراز دور التشريعات والقوانين في الوصول إلى النسب المستهدفة عالمياً. وأشار إلى أنه من المهم تعزيز المرونة في أنظمة الاستزراع السمكي والاستخدام المكثف للطاقة الشمسية، والتفكير فيما سوف يأتي مستقبلاً، حيث بدأنا في تشيلي ببناء محطات شمسية ضخمة تقوم باستخدام الطاقة الشمسية والتعامل مع مسائل الطاقة المتجددة والمستدامة، وترسيخ التنافسية بين شركات القطاع الخاص في مختلف المشاريع المستقبلية. أهداف 2020 من جهتها، ناقشت الجلسة الثانية محور تطلعات عام 2020، حيث تحدث المشاركون عن أهمية تحقيق 4 أهداف من أهداف التنمية المستدامة في العام المقبل، بما يجعله عاماً هاماً للمحيطات، خاصة الوصول إلى أعلى نسبة ممكنة من حماية المحيطات والأراضي المتأثرة بالبحار، عبر التفكير في الحلول المبتكرة لمواجهة تحديات التغير المناخي وعوامله وآثاره. وقالت معالي آنا باولا فيتورينو وزيرة الشؤون البحرية بالبرتغال: أعتقد أننا سنشهد خلال العام المقبل مرحلة التغير من العمل على المشكلات إلى المرحلة الثانية المتمثلة في تنفيذ الحلول المستدامة، وبدأنا مؤخراً في استراتيجية خاصة تتعلق بالبيئات البحرية، وقمنا بالانتهاء من الاستشارات العامة حولها بهدف إطلاقها، والتي ترتكز على التخطيط لحماية المناطق البحرية ودراسة المؤشرات وتحديد الاحتياجات. وأضافت معاليها: إن الحلول المستدامة التي نأملها تتطلب شراكة عالمية نظراً إلى أن العالم يواجه نفس الموقف باختلاف المناطق والقارات، كما من المهم عدم التوقف عند حلول معينة وتحديدها للنجاح، بل إن يشمل الأمر مزيداً من الابتكارات والتقنيات بشكل متواصل، بحيث ننتقل إلى مرحلة عملية مبتكرة متواصلة نظراً لتسارع التحديات التي نعيشها. من جهته، قال بيتر تومسون المبعوث الخاص لشؤون المحيطات لدى الأمم المتحدة: نسعى خلال العقد المقبل إلى حماية 30% من المحيطات، وهو الأمر المرتبط بمعالجة التغير المناخي والتعامل معه فورياً وفقاً للآليات والرؤى الموحدة بين دول العالم لضمان التنوع البحري، وسنشهد خلال عام قمة المناخ وقمة التنوع البحري والدورة المقبلة من قمة المحيطات والتي ستحدد ملامح العالم. وأضاف: سوف يشهد العام المقبل إطلاق علم المحيطات في الأمم المتحدة، حيث نعرف الآن 5% من المحيطات، وهو الأمر الذي يتطلب رفع المعرفة العامة لنصل في 2030 إلى معرفة كل شيء عن المحيطات، إضافة إلى تعزيز تنسيق الجهود في اتفاقية وقف الصيد غير المشروع والإدارة البيئية للمحيطات والتي وقعت عليها إلى الآن 78 دولة. وحذر من أنه في حال استمرار الأنشطة والتوجهات البشرية الحالية تجاه البيئة، فإنه لن تكون هناك شعاب مرجانية بنهاية القرن الجاري، ما يتطلب إيجاد آليات للحفاظ على الشعاب المرجانية ووجودها واستدامتها، عبر الإرادة الحقيقية للحفاظ عليها والمشاركة الفعالة ضمن منظومة الأمم المتحدة. وأشار إلى أن العام المقبل سيشهد اعتماد قانون قاع البحر وهو قانون خاص بالتعدين في قيعان البحار ويشترط استخراج رخصة عالمية لاستكشاف قيعان المحيطات، كما سيتم إصدار قانون الاختصاص الدولي والذي سيتعامل مع المناطق العلوية في البحار لحماية المناطق البحرية. من ناحيته، قال فيدار هيلسجن المبعوث الخاص لشؤون المحيطات لدى النرويج: هناك مسؤولية على إدارات المدن الساحلية في إدارة المحيطات على أساس بيئي والانفتاح على المحيطات بطريقة مستدامة، بحيث لا نفقد استمرارية الموارد نظراً لوجود استثمارات اقتصادية لا تتماشى مع التغير المناخي والعوامل البيئية المؤثرة والتي سيكون لها الأثر الاقتصادي أيضاً. وأضاف: إن أهداف التنمية المستدامة لا تتعلق فقط بالإنتاج، بل تشمل المبادرات التي يجب تعزيزها كالاستفادة من طاقة الرياح وأشجار القرم، كما يجب تشجيع السفن الكهربائية، حيث يوجد في النرويج نحو 60% من السفن التي تعمل على الطاقة الكهربائية، والذي يرتبط بأن تكون المبادرات سباقة ومتغيرة ومدروسة جيداً ضمن الإطار الدولي. محمية الوثبة من جهته، استعرض إينريك سالا، مستكشف مقيم لناشيونال جيوغرافيك، مراحل تطور محمية الوثبة والتي أصبحت إحدى أبرز مناطق الجذب السياحي نظراً لكونها موطناً لطائر الفلامنغو، وهو الأمر الذي بدأ بعد نمو الأعشاب الطبيعية وتوافر عوامل نجاح التوالد بينهما، معتبراً أن نجاح المحمية يمثل تأكيداً على أن هناك فرصة لإنجاح الجهود العالمية في المحافظة على البيئة. وأشار إلى أنه من المهم تعزيز الجهود للحفاظ على المحيطات، حيث تتعرض 90 % من مناطق الصيد للصيد الجائر أو غير المناسب مع حجم الموارد السمكية، كما أن 15% فقط من المحيطات محمية في الوقت الراهن بالمقارنة مع الحاجة العالمية لحماية 50% لحماية الكائنات البحرية، وبالتالي حماية أنفسنا من أثر قلة الموارد البحرية المتاحة للغذاء والأنشطة. البلاستيك من جهتها قالت إليزابي يي، نائب الرئيس ومسؤولة التمويل المرن بمؤسسة «100 مدينة» ضمن جلسة حول النفايات وأثرها على المحيطات: يقدر حجم نفايات المدن في العالم بنحو 31 ميلاً بحرياً لكل مدينة، حيث تنتج المدن 10 ملايين طن من النفايات يومياً، ومع زيادة الكثافة السكانية للمدن والتي ستصل إلى سكن 70% من سكان العالم في المدن خلال 2050، فإن كمية النفايات المتوقعة سوف تتضاعف. وأضافت: لا يوجد موقع مركزي للتعامل مع النفايات في الكثير من مدن العالم، كما أن المواطنين في تلك الدول ليست لديهم المعلومة الكافية حول تدوير النفايات، مما أدى إلى وجود مشكلات وقضايا لها تداعيات اقتصادية ومالية، نظراً للتكاليف الكبيرة للتخلص من النفايات وإعادة تدويرها. وأشارت إلى أنه من المهم التعامل مع تحديات الاقتصاد الأزرق المتمثل في تحسين مستوى المرونة ومنظومة التعامل مع النفايات، وإيجاد أطر معينة لتحسين الأصول في جمع وإدارة والتعامل معها بما يعزز من الاستثمارات البيئية المتوافقة بيئياً. من ناحيته، طالب فيدريكو دي بنتا، مدير برنامج نظم إدارة النفايات المستدامة بمؤسسة «سي 40»، بإيجاد منهجية أكثر شمولية للتعامل مع النفايات، ووضع سياسات اقتصادية تضمن التعاون البناء بين البلديات من خلال تفعيل دورها باعتبارها الجهة المسؤولة عن إدارة النفايات في العالم. وأضاف: إن تكلفة التخلص من طن واحد من النفايات تصل إلى 100 يورو، وبالتالي تكلفة التخلص من آلاف الأطنان ستكلف خزائن الدول ثروة هائلة، كما أن جمع البلاستيك من المحيط يتطلب الكثير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والتي تأتي عبر صيده أو استخراجه عبر القوارب، لذلك لا بد من التعامل مع خفض مصدر وصول النفايات إلى البحر. وأشار إلى أن كمية النفايات تتضاعف مرة كل 6 سنوات في آسيا، لذلك من المهم وضع رسوم إضافية ترتبط بحجم الاستهلاك الفردي، بحيث يتم دفع مبالغ إضافية لسد النفقات المترتبة على التخلص من النفايات، بما سيؤدي إلى المسؤولية المجتمعية الفردية ووجود استشعار لأهمية التقليل منها والمحافظة على البيئة ضمن المجتمع الواحد. التعدين في أعماق البحار أكد ماثيو جياني، مؤسس ومستشار السياسة العامة بائتلاف حماية أعماق البحار، أن السلطة البحرية لقاع البحار ستضع تشريعات لضبط التعدين في المحيطات، مؤكداً ضرورة اتخاذ الإجراءات البيئية عند البدء بمسألة التنقيب في قاع البحر وخاصة أن ذلك سيفيد المجتمعات. وأكد 57% من المشاركين في الجلسة التي تناولت التعدين في البحار، أن التعدين في قاع البحار غير مستدام ولا بد أن يكون هناك أضرار من ورائه على البيئة البحرية، كما أن 90% من الكربون سيستخدم لاستخراج التعدين من البحار بما يضر بالبيئة البحرية. وتساءل المشاركون في القمة عن التنقيب في قاع البحر كيف يضمن المحافظة على التنوع الإحيائي في البحار، ولا بد من وجود وقف مؤقت للتعدين في أعماق البحار حتى معرفة مدى خطورة ذلك على البيئة.

مشاركة :