عندما افتتحت شركة بيتني بوز للخدمات تجارية مركزا لتحقيق التجارة الإلكترونية، له القدرة على معالجة ما يصل إلى 44 ألف طرد في الساعة، كان عليها أيضا زيادة القوة العاملة إلى حد كبير. للقيام بذلك، فقد استخدمت الذكاء الاصطناعي. التقنية تعمل على النحو التالي: بعد وصول المرشحين إلى صفحة الشركة للوظائف على الشبكة، يتم استقبالهم من خلال برنامج محادثة إلكتروني يعرض عليهم مواقع مفتوحة في منطقتهم، ثم يأخذهم من خلال عملية الاختيار المسبق. هذا يشمل أسئلة مثل "هل أنت قادر على رفع 50 رطلا"؟ و"هل تفضل العمل في نوبة العمل النهارية؟ أم أنك مرن في موضوع نوبات العمل"؟ يمكنه بعد ذلك تحديد موعد للمقابلة وإرسال دعوة بالبريد الإلكتروني. وتصف بريجيت فان دين هوت، نائبة الرئيس لإدارة المواهب العالمية في "بيتني بوز"، نبرة البرنامج الإلكتروني بأنها "ترحيبية". وتقول "بالنسبة إلى المناطق التي نواجه فيها تحديا كبيرا في التوظيف، ساعدنا الذكاء الاصطناعي على التوسع بكفاءة دون الاضطرار إلى نشر جهات توظيف إضافية بشكل مؤقت". تقول الشركة "إن استخدام هذه التكنولوجيا ساعد على تقليل الوقت اللازم لملء بعض الوظائف بنسبة 10 في المائة، أو خلال تسعة أيام". عدد متزايد من إدارات الموارد البشرية ينشر هذه الأدوات التكنولوجية للعثور على مختصين في التوظيف. وقد نشأت مجموعة من الشركات الناشئة المتخصصة في التوظيف لتلبية هذه الحاجة. يقول باري فلاك، مستشار تكنولوجيا الموارد البشرية، "إن هذه المنتجات جذابة للمستثمرين، حيث إنها تعد بحل مشكلة يواجهونها جميعا". تشتمل المشاريع الجديدة على بعض عمليات البحث على الإنترنت وقواعد البيانات لمطابقة المرشحين، وتمحيص كميات هائلة من التطبيقات واستخدام التعلم الآلي. يقول فلاك "أصبح العثور على الملفات الشخصية المتطابقة أسهل". ثم هناك برامج المحادثة الإلكترونية التي يمكن أن تجيب عنالأسئلة الأولية للمرشحين، تساعد على فحص التطبيقات في المراحل الأولى "على سبيل المثال، المتطلبات الفنية الأساسية والجوانب القانونية مثل الحق في العمل". وعلى مستوى أدنى في سلم التوظيف، هناك تقييمات عبر الإنترنت باستخدام نظرية الألعاب والتنميط النفسي. بعض أصحاب العمل ينشرون مقابلات فيديو ويستخدم آخرون الذكاء الاصطناعي الأساسي للمساعدة على التمييز، فيما إذا كان المرشحون "واثقين" أو "عاطفيين". كما توسعت أدوات إدارة العلاقات بالمرشحين في السنوات الأخيرة. هذه الأدوات تساعد أرباب العمل على تسويق علاماتهم التجارية بفتح آفاق قد تكون مهتمة بتطبيق ورعاية المرشحين المحتملين من خلال الحملات والاتصالات، على أمل تحويلهم إلى مقدمي الطلبات. الأدوات التي من هذا القبيل أحدثت تغييرات عميقة وواسعة في عالم التوظيف. يقول مقال عمل بعنوان "الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية"، "إن السرعة التي تحولت بها لغة الأعمال في الإدارة من البيانات الضخمة إلى التعلم الآلي إلى الذكاء الاصطناعي هي سرعة مذهلة. غير أن التطابق بين اللغة والواقع مسألة مختلفة". من أكبر ادعاءات تكنولوجيا الموارد البشرية أنه يمكن للتكنولوجيا فرز المتقدمين للعثور على أفضل شخص لائق للوظيفة، بشكل خال من التحيز البشري. كتب أليستر كوكس، الرئيس التنفيذي لشركة هيز للتوظيف في مدونة "إضافة إلى زيادة الكفاءة، يمكن لأتمتة أقسام مرحلة الفحص أن تؤدي أيضا إلى انخفاض في التحيز غير الواعي للتعيين". بيتر كابيلي، مدير مركز الموارد البشرية في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، وأحد مؤلفي المقال، يشك في ذلك. "أي نوع من الهيكل يلغي التحيز. إذا طلبتَ من أرباب العمل توحيد الأسئلة التي يطلبونها، فستقضي على التحيز. كثير من التقنيات تفرض الهيكل على عملية التوظيف". وكما يتبين من مثال شركة أمازون الذي يكثر الاستشهاد به، يمكن للتكنولوجيا أن تكون متحيزة كالبشر إذا قامت بتكرار قرارات التوظيف السابقة. لقد اضطرت مجموعة التكنولوجيا إلى التخلي عن أداة توظيف الذكاء الاصطناعي، عندما أدركت أنها تميز ضد المرأة، لأنها حاولت أن تجد مرشحين مثل القوى العاملة الحالية: وبعبارة أخرى، الرجال. القرارات التي تتخذها الخوارزمية قد تجعل الشركة أكثر عرضة للإجراءات القانونية، كما يقول البروفيسور كابيلي، لأن الافتراضات التي تحرك قرارات التوظيف محددة بوضوح. التكنولوجيا يمكن أن تتطلب أيضا قدرا كبيرا من التعديلات الدقيقة. وصف تقرير "ديلويت عن رأس المال البشري" أحد بائعي التكنولوجيا بأنه "استغرق أكثر من عام لتدريب برنامج المحادثة الإلكتروني على فحص المرشحين للوظائف في الساعة بذكاء". يقول أندرو تشامبرلين، كبير الاقتصاديين في موقع جلاسدور لمراجعة الوظائف، "إن أتمتة عمليات البحث عبر الإنترنت، التي تبحث عن الموظفين على "لينكد إن" ومنصات أخرى على الإنترنت، لها عيوب. لا يظهر جميع المرشحين أفضل ما لديهم على الإنترنت. وهؤلاء يتم استبعادهم من عمليات البحث". يقول ديفيد ديسوزا، مدير العضوية في الهيئة المهنية للموارد البشرية، مستشهدا بملفات "لينكد إن" الشخصية "إن بعض المرشحين، في المقابل بارعون في ذلك: كل شخص هو "استراتيجي"، كل شخص هو "جيد مع الناس" وكل شخص هو "استباقي". في الوقت الذي يصبح فيه الجميع مالكين لكل تلك الأشياء، فإنك تفقد القدرة على التمييز". تركز المنتجات الأخرى على بناء مجموعة من المرشحين المهتمين، بما في ذلك الذين فشلوا في الطلبات السابقة والذين يسجلون اهتمامهم على موقع صاحب العمل على الإنترنت. ثم تقوم بتسويق الشركة للمرشحين، وبناء علاقة. إحدى هذه الأدوات هي بيمري Beamery، التي تطلق على نفسها منصة إشراك المواهب. يقيس اهتمام المرشح في الشركة أو الوظيفة "على سبيل المثال، إذا فتح بريدا إلكترونيا من الشركة" لتحديد ما إذا كان مستعدا لممارسة أي دور. يمكن أن تكون المنتجات التي تسمح للمستفيد بالتواصل مع المرشحين الفاشلين أو المحتملين مفيدة. ومع ذلك، يقول البروفيسور كابيلي "لا تخدع نفسك أن هذه علاقة، وأن الشركة تهتم حقا بك". علاوة على ذلك، فإن الخطر هو أنها تغرق الناس بمواد التسويق. "إذا كنت المحرك الأول، يجب عليك القيام بذلك، لكن ليس المحرك الـ20". يقول ديسوزا "من بين الأشياء التي يقدرها الناس دائما الارتباط البشري، سواء مع المدير أو ردود الفعل الواضحة في نهاية العملية. جزء من التحدي مع التكنولوجيا هو أنها أكثر كفاءة، لكنها تقلل من الاتصال البشري. يريد الناس السرعة والراحة، من الناحية المثالية من شخص ما". خبرة المرشح مهمة للغاية، وهو ما يوافق عليه بيل بورمان، الذي يقدم المشورة التوظيفية لشركات التكنولوجيا الناشئة. إنهم يريدون فهم العملية وتلقي ردود الفعل. "هم لا يريدون أن يكون ذلك مؤلما". في نهاية المطاف، كما هي الحال في أتمتة وظائف ذوي الياقات البيضاء الأخرى، فإن الأمل هو أن تقلل التكنولوجيا من المهام المتكررة. يقول مات وستون، المدير التنفيذي لدى شركة روبرت هاف للتوظيف البريطانية "من المهم حقا تحقيق التوازن مع التكنولوجيا البشرية. في نهاية اليوم، قسم الموارد البشرية هو دائرة للأشخاص لا يمكن أن يكون آليا فوق الحد". يقول البروفيسور كابيلي "إنه في عصر المبالغة في إمكانات التكنولوجيا، هناك توقع بأن الآلات ستحل مشكلة التوظيف. في شركة نموذجية يمكنك إقناع المدير المالي بشراء البرمجيات. هل سينجح ذلك؟ على الأرجح لا". قد تكون التكنولوجيا حتى هي التي تزيد الأمور سوءا. عندما تستخدم الشركات أداة جديدة، كما يقول تشامبرلين، "يغلب عليها الإفراط في استخدامها. تسهل التكنولوجيا الجديدة إضافة اختبارات إضافية أصبح الوقت اللازم لعملية المقابلة أطول من ذلك بكثير... إنهم يجعلون الناس يقفزون من خلال مزيد من الأطواق. ليس من الواضح إن كان هذا يعمل على تحسين المطابقة بين المرشحين. الأمر يحتاج إلى التجربة والخطأ لرؤية ما تستطيع التكنولوجيا فعلا تحقيقه بشأن هذه الوعود".
مشاركة :