نساء الجزائر يتصدرن مظاهرات حاشدة رفضا لترشح بوتفليقة

  • 3/8/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - تظاهرت حشود كبيرة في العاصمة الجزائرية في الجمعة الثالث على التوالي، رفضا لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، رغم تحذير الأخير الخميس من "فوضى" و"فتنة"، ما يؤشر إلى رفضه التراجع عن ترشحه. وبدت التعبئة التي يصعب تعدادها بالأرقام، أكبر من تظاهرات يومي الجمعة السابقين في العاصمة الجزائرية. وغصت ساحة البريد الكبرى وسط العاصمة بالحشود وكذلك أحد المحاور الرئيسية الموصلة إليها والشوارع الكبيرة المجاورة. وتزامنت الاحتجاجات مع إحياء اليوم العالمي للمرأة، وشاركت نساء كثيرات من مختلف الأعمار في التجمع الذي هتف المشاركون فيه بهدوء "نظام مجرم" و"لا عهدة خامسة يا بوتفليقة". وكتب على لافتة لوحت بها متظاهرة "لديهم الملايين (من الأموال) ونحن ملايين". وازداد الحشد بعد أداء صلاة الجمعة. ولم يبلغ عن أي حادث واكتفى عناصر الشرطة المنتشرون بكثافة بمراقبة الحشد وذلك قبل أن تبدأ شاحنات في الساحة بالانسحاب منها. وعند كل مرور لمروحية الأمن فوق الحشد كان المحتجون يطلقون صيحات استهجان ويصفرون ملوحين بالعلم الجزائري. وحصلت غالبية التظاهرات السابقة بشكل سلمي وبلا حوادث، باستثناء بعض المواجهات بين مجموعات صغيرة وقوات الأمن. كما نظمت تظاهرات أخرى، سلمية أيضا، في باقي أنحاء البلاد وخصوصا في وهران (شرق) وقسنطينة (غرب) ثاني وثالث أكبر مدن الجزائر، بحسب موقع "كل شيء عن الجزائر" الإخباري الذي تحدث عن تظاهرة كبيرة أيضا في بجاية في منطقة القبايل. وبدا أن الجزائريين لم يهتموا كثيرا بالرسالة التي وجهها اليهم بوتفليقة (82 عاما) الخميس، الموجود في سويسرا منذ عشرة أيام لإجراء "فحوصات دورية" من دون إعلان موعد عودته. وتم الجمعة توقيف رجل الأعمال والمعارض رشيد نكاز في المستشفى الذي يرقد فيه بوتفليقة بجنيف. وكان بوتفليقة حذر في رسالة، الخميس، بمناسبة يوم المرأة العالمي من "الفتنة" و"الفوضى". ودعا في رسالته "إلى الحذر والحيطة من اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية (...) قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات". وتعني الرسالة عمليا أن رئيس الدولة الذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها في 2013، لا ينوي التخلي عن الترشح لولاية خامسة في انتخابات 18 نيسان/ابريل. لكن لا يبدو أيضا أن المحتجين ينوون التراجع عن مطالبهم رغم تحذيرات بوتفليقة الذي يعتبر أنصاره أنه الضامن للسلم الاجتماعي ومنقذ البلاد من "العشرية السوداء" (1992-2002) ومن موجة اضطرابات ما عرف بـ"الربيع العربي". وهي مخاطر ذكر بها مرارا المعسكر الرئاسي منذ أن بدأت حركة الاحتجاج التي لا سابق لها ضد بوتفليقة منذ انتخابه رئيسا في 1999. وقال سائق سيارة أجرة مساء الخميس إن القادة "لن يتراجعوا بسهولة، لكننا أيضا لن نتراجع". ويتحدث جزائريون علنا وبكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن الاحتجاج وعن نفاد صبرهم. وانتشر على شبكات التواصل الاجتماعي هاشتاغ #حراك_8_مارس في الأيام الأخيرة الداعي إلى تعبئة كبيرة في كل المناطق الجزائرية. كما انتشرت عبر الإنترنت "التوصيات الـ 18 لمتظاهري الثامن من مارس (آذار)" التي تؤكد الطابع السلمي للتظاهر وتدعو المحتجين إلى جعل يوم الجمعة "يوم احتفال" والتزود "بالمحبة والإيمان والأعلام الجزائرية والورود". وبين هذه التوصيات التي وضعها الشاعر والكاتب لزهاري لبتر "سلميا وبهدوء سأسير" و"لن أرد على أي استفزاز" و"سأعزل المخربين وأسلمهم للشرطة" و"لن أرمي حجارة واحدة ولن أكسر زجاجا واحدا" و"بعد المسيرة (..) سأنظف" الشوارع. كما تم عبر شبكات التواصل الاجتماعي تنظيم مجموعات "الشارات الخضراء" المؤلفة من متطوعين يتولون على الأرض توجيه المحتجين وتأطيرهم لتجنّب كل تدافع وتقديم الإسعافات الأولية، وخصوصا في حال إطلاق غاز مسيل للدموع، ثم تنظيف الشوارع بعد التظاهرات. وفي بعض الأحياء على مشارف العاصمة، نظم أصحاب سيارات عمليات نقل لمن يرغبون في التظاهر في وسط العاصمة، بسبب توقف كل المواصلات العمومية عن الخدمة. وأوقفت السلطات الجزائرية رحلات القطارات في العاصمة إلى جانب خدمات الترام ومترو الأنفاق في الوقت الذي بدأ المتظاهرون الوصول لقلب العاصمة. وقالت سميرة كادا عبر فيسبوك "نريد أن يكون هذا الجمعة الثامن من مارس (آذار) يوم احتفال. إرتدوا أجمل ثيابكم، كونوا جميلين لأجل الجزائر كي تفخر بأبنائها". وقال، إلياس فيلالي، رئيس جمعية ناس الخير، وهي أكبر جمعية شبابية بالجزائر، أن عددا من الشباب "الواعي خرجوا لشوارع العاصمة ليتقصوا أي حركة غريبة أو محاولات لزرع أي شيء قد يعكر مسار الاحتجاج السلمي"، وذلك عبر صفحته الرسمية على فيسبوك. وتبرأ الجزائريون المحتجون من العنف الذي تلى مظاهرات يوم الجمعة الماضي، مؤكدين أن "المجموعة المنحرفة التي دخلت في اشتباكات مع رجال الشرطة حتى ساعة متأخرة من الليل، بعد انتهاء المسيرات، هي مندسة وهدفها جذب الاحتجاجات السلمية نحو ميدان الدم ". ويرى، اسماعيلي محند (52 عاما)، حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية، وأحد المتظاهرين المناهضين للعهدة الخامسة، أن "اليوم يوم عظيم بالنسبة للجزائر، سوف يسجله التاريخ، حيث ستكون مسيرات اليوم أكبر و أعظم بكثير من كل تلك التي سبقتها، إنها المسيرة المفصلية التي ستقرر سقوط النظام الفاسد والمستبد في الجزائر".

مشاركة :