أحمد بورحيمة: لا يوجد لدينا مسرح ما بعد الدراما

  • 3/9/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حاوره: محمدو لحبيب بشغف واضح يتحدث أحمد بورحيمة، مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة، في حواره مع «الخليج»، عن تجربته وعن الحركة المسرحية العربية، وآفاق تطورها الحالي، يبدو الرجل وهو يستعيد الماضي متفائلاً جداً بالحاضر والمستقبل، يتحدث بثقة عن النهضة المسرحية التي تحققت في الإمارات في فترة وجيزة، وعن ولوجها آفاقاً جديدة، مؤكداً أن الإبداع الذي صنعه جيل الرواد الأول يكمله ويستفيد منه الشباب، وأن المسرح الإماراتي لم يصل بعد إلى ما يمكن تسميته «مسرح ما بعد الدراما». * بداية حدثنا عن تجربتك، وكيف كانت علاقتك بجيل الرواد في المسرح الإماراتي؟ - بدأت علاقتي بالمسرح من خلال المدرسة، وكان ذلك في نهاية السبعينات من القرن الماضي عبر فريق من الشباب الشغوف بالمسرح آنذاك، منهم من يتواجد في المجال حتى الآن، مثل إبراهيم سالم، وحميد سمبيج، والدكتور عبد العزيز المسلم، وغيرهم، وقد تعرفنا إلى المسرح من خلال عبدالله المناعي، حيث زارنا في المدرسة، واشتغل معنا بداية على عرض من المسرح المدرسي، ثم انتقلنا معه إلى مسرح الشارقة الوطني، وكنت من الجيل الثاني من رواد ذلك المسرح، وهذه الفترة تخللتها مرحلة أخرى هي عملنا مع هيئة الشباب والرياضة، حيث شاركنا في العديد من المهرجانات، من بينها مهرجان الشباب العربي السادس سنة 1983 في الرياض بالسعودية، وقدمنا عرضاً بعنوان «القدس» من إخراج الفنان العراقي بحر كاظم، وشاركنا أيضاً في مهرجان الشباب في مجلس التعاون الخليجي في دورته الأولى في الكويت، ثم شاركنا في الدورة الأولى لأيام الشارقة المسرحية بعرض «صحوة المشلول» من تأليف عبد المنعم عواد، وإخراج يحيى الحاج على هامش المهرجان، ويمكنني اعتبار مرحلة عملنا مع الراحل يحيى الحاج نقلة هامة، لقد كان مدرسة مختلفة تماماً، وعملت معه أول بطولة لي في مسرحية «بائع الدبس الفقير» لسعدالله ونوس، وشاركنا بها في الدورة الثالثة للأيام، شاركت بعد ذلك في عدة أعمال، وكان آخر عمل لي كممثل من إخراج المناعي هو «كوت بومفتاح» التي شاركنا بها في مهرجان بغداد سنة 1990، أما بالنسبة للكتابة فلدي نص «آه قلبي» الذي أخرجه محمد العامري في 2005 وفاز بجائزة أفضل عرض في الأيام، وفي 2008 نص «دهن عود» وفاز بأفضل نص وأفضل عرض، وما زلت أكتب المسرح برغم الانشغالات الإدارية، ولدي عدة نصوص سيعلن عنها في الوقت المناسب. * أشرفت على جيل المسرح المدرسي بحكم العمل الإداري، مع معاصرتك لجيل الألفية الثانية من المسرحيين، كيف تقيم التأثير بين هذه الأجيال؟ - في جيلنا كنا في رحلة بحث عن الذات كفنانين من جهة، وكانت الدولة في مرحلة التأسيس، وكانت الخيارات محدودة، وكنا نتعاطى مع الثقافة بشكل مختلف، وكان كل من يعمل آنذاك يبحث عن تكوين ذاته، الآن اختلف الوضع، وصارت الدولة توفر الوسائل والتكوين، وباتت النجومية أسهل، نحن كوّنا الأرضية الصلبة وهم وقفوا عليها، ويمكننا القول إن كلاً منهما يؤثر في الآخر من خلال الأعمال المشتركة بينهما في الفترة الحالية، ونتمنى منهم الأكثر، ونريد منهم أن يخلقوا حالة مسرحية يومية لا ترتبط بمهرجانات موسمية. * قلت إن النجومية صارت سهلة، هل يعني ذلك أن الموهبة ليست شرطاً حاسماً في التألق المسرحي؟ - الفنان المسرحي الشاب لو لم يكن موهوباً لما استمر، وهنا في الإمارات مواهب متميزة صنعت نجوميتها بجدارة منها: مروان عبدالله صالح، ومحمد العامري من الجيل الثالث للمسرح، وأيمن الخديم، وغيرهم، وهناك أجيال وأسماء تعرفنا إليها في المسرح المدرسي، وبدأت تنتقل إلى المراحل المسرحية الأكبر، لذلك أنا متفائل جداً ببروز حركة مسرحية متميزة في الدولة، وثمة رعاية استثنائية خاصة للمواهب، وستتعزز بالتأكيد عن طريق أكاديمية الفنون. * إشكالية غياب النصوص يطرحها البعض كمعوق موجود هنا، ويرى أن ذلك يبدو جلياً في مهرجانات كلباء، والأيام، ومسرح الطفل، ما رأيك في ذلك؟ - لا توجد أزمة نصوص عندنا قياسا لِكمّ العاملين في مجال المسرح، بالنسبة إلى مهرجان كلباء فالأمر مقصود، فنحن نطلب من الشباب أن ينجزوا عروضهم اعتماداً على نصوص عالمية، وذلك لتأهيلهم وجعلهم يتعرفون إلى ثقافة عالمية في مجال المسرح، وفي «الأيام» لا أرى أزمة نصوص، فهناك كتّاب مثل إسماعيل عبدالله، ومرعي الحليان، وطلال محمود. * هناك من يستشهد أيضاً بحالة مسرح الإمارات للطفل، حيث نرى الكاتب الواحد يشارك بأكثر من نص، ألا يعني هذا وجود أزمة نص؟ - اللوائح في هذا المهرجان تنص على ألا يتجاوز الكاتب المشاركة بأكثر من نصين في كل دورة، وبالتالي فمن العادي أن تظهر المشاركة بأكثر من نص واحد، وأعود فأكرر أن ذلك لا يعكس أزمة في الكتاب المسرحيين، أو في النصوص، بل على العكس صرنا في الإمارات نشاهد تطوراً في الكتابة لدرجة أنك ترى الكتاب المسرحيين يتجاوزون الشكل التقليدي للنص لينفتحوا على أشكال مسرحية مختلفة وحديثة. * في معظم العروض المسرحية الإماراتية يمكن ملاحظة الشغف بتكثيف الشكل البصري فيها، وهو نمط حديث، هل أنتم على أعتاب تحول نحو مسرح ما بعد الدراما، وغيره من الأشكال الحداثية؟ - نحن لم نصل لمسرح ما بعد الدراما، ثمة مسافة كبيرة بيننا حتى الآن، لقد اتجهنا لمسرح الصورة، وهو أداة يقدم من خلالها المخرج رؤيته من خلال تكثيف الاشتغال على الشكل البصري، وهو يكرس في ذلك فلسفة المسرح القائمة على البحث عن الجمال، لكن بشكل عام، تبقى طبيعة النص، ورؤية المخرج، هما من تحددان الشكل المسرحي الذي سيظهر عليه العرض، وأتوقع أنه بعد افتتاح أكاديمية الفنون، ستتطور الأدوات المسرحية عندنا جداً، وسيتغير حتى شكل التلقي المتعارف عليه حالياً. * على ذكر أشكال التلقي، ومن بينها ما يوجد في مسرح الشارع، يرى البعض أنه لا يمكن أن يوجد هنا في الدولة هذا النمط المسرحي، بسبب عدة معوقات، هل تتفق مع ذلك؟ - عملنا على مسرح الشارع لمدة ثلاث سنوات تقريباً، وقدمنا عروضاً عدة، وذهبنا للقرى الصغيرة وقدمنا فيها عروضاً متنقلة، في سنوات 2012 و2013 و2014، ولكن واجهتنا مشكلة وهي أن الشارع في الإمارات ليس له لغة واحدة، وهذا النمط من المسرح يحتاج للتفكير في كيفية تجاوز حاجز اللغة ذاك، ربما بتقديمه بأكثر من لغة في الوقت نفسه، أو أن يقدم على شكل صامت، وفي جميع الأحوال لا يمكن أن ينجح مسرح الشارع هنا من دون اجتياز حاجز اللغة.

مشاركة :