* د. بلقيس دنيازاد عياشي – يبدو أن توجه شركات التجارة الإلكترونية العملاقة إلى الأسواق الناشئة لم يكن محظ صدفة بل وفق تخطيط مدروس، فتلك الشركات تعلم جيداً أن هذه الأسواق الناشئة هي التي ستضمن نجاحها في المستقبل القريب بعد وصول الأسواق المتقدمة إلى حد التشبع، ولم يكن هناك مجال للحصول على مزيد من العملاء. ويقول تقرير صادر من Business Insider Intelligence أن الأسواق الناشئة ستكون ضرورية لنمو التجارة الإلكترونية، حيث قد يصل تجار التجزئة في الأسواق المتقدمة إلى التشبع في وقت قريب من حيث نمو المستهلك. فعلى سبيل المثال، نصف الأسر الأمريكية تقريباً لديها الآن عضوية رئيسية، مما يقلل من إمكانات نمو شركة Amazon في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي الوقت نفسه في الصين، أكبر سوق للتجارة الإلكترونية في العالم، ما يقرب من نصف السكان يمارسون عمليات الشراء عبر الإنترنت، مما يترك مساحة ضئيلة لنمو المزيد من العملاء. رأي الخبراء ويقول محللون في مؤسسة Business Intelligence إن الهند وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية أسواق جديرة بالاهتمام، حيث أن معدلات انتشار التجارة الإلكترونية في هذه المناطق تحوم بين 2 و 6 ٪ ، مما يتيح فرصة كبيرة للنمو في المستقبل مع زيادة المبيعات عبر الإنترنت، علاوة على ذلك، من المتوقع أن تنمو هذه المناطق بمعدلات نمو سنوي مركب نسبتها 31٪ و 32٪ و 16٪ على التوالي حتى عام 2021. ومن بين أبرز الدول التي تثير شهية كبرى شركات التجارة الإلكترونية في العالم نجد: إندونيسيا: تعتبر أندونيسيا أكبر هدية لشركات التجارة الإلكترونية في العالم، حيث تعمل الحكومة الاندونيسية على تخفيف القيود المفروضة على الاستثمارات الأجنبية، ويكتسب عدد سكانها الهائل القدرة على الإنفاق والمزيد من الوصول إلى الإنترنت. الهند: تعتبر الهند بعدد مستخدمي الانترنت من سكانها حوالي 100 مليون في السنة، هي مكان مناسب لبدء التجارة الالكترونية، وهو ما تتنافس عليه كبرى الشركات، لكن الحكومة الهندية كانت قد أعلنت عن قواعد جديدة لشركات التجارة الإلكترونية الأجنبية، في خطوة تهدف للسيطرة على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى التي تهيمن على اقتصاد الإنترنت الناشئ، وهو ما قد يزعج المستثمرين من شركات التكنولوجيا الكبيرة، لكن ذلك لا يمنع من أن الهند سوق يسيل لعاب تلك الشركات ولن تفرط فيه بسهولة. المكسيك: تعتبر المكسيك من أفضل الرهانات لتوسع التجارة الإلكترونية الإلكترونية للتوسع في أمريكا اللاتينية، وذلك بسبب اقتصادها المستقر والطبقة المتوسطة الصاعدة. البرازيل: البرازيل لديها نمو التجارة الإلكترونية لائق من حوالي 22 ٪، ومن المؤكد وفق المحللين أن البرازيل على رادار تجار التجزئة في التجارة الإلكترونية وستكون هدفاً للتوسع لهم في المستقبل القريب. مشاكل محتملة ومع ذلك، يرى المحللون أنه يمكن أن يكون العمل في معظم هذه الأسواق الناشئة صعباً، إذ أن البنية التحتية قد تكون رديئة وليست متطورة وعدد من السكان قد يكونوا غير مطلعين بشكل كبير على التجارة الإلكترونية، مما يجعل المدفوعات الرقمية تحديا. وينوه المحللون إلى أننه إذا كان بوسع تجار التجزئة بناء وجود للعلامة التجارية في هذه الأسواق بينما لا يزال التسوق عبر الإنترنت في مراحله الوليدة، فقد يصبحون قادة السوق في الوقت الذي تزدهر فيه التجارة الإلكترونية في المناطق. علاوة على ذلك، يمكن لهذه الأسواق أن توفر مصادر جديدة للنمو للشركات التي قد تعاني من الركود في أسواق التجارة الإلكترونية الأكثر نضجاً. * دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك
مشاركة :