في الوقت الذي لا تزال فيه المرأة الغربية رغم كل التطورات العلمية والتكنولوجية والصناعية الهائلة في الغرب تعاني من أشكال مختلفة من التمييز، فإن المرأة العربية تعتقد أن قيم إنصافها تنبع من القيم الغربية، متجاهلة أن الأوضاع في البلاد العربية الإسلامية نابعة في الأساس من تطبيقات خاطئة في العالم كله بما يخص المرأة، لها صلة بالعقلية الذكورية السائدة رغم ما حققته المرأة العربية أيضا من إنجازات كثيرة ومختلفة وفي جميع الميادين، ولكن الحظوة التي تحظى بها المرأة في المجتمعات العربية تختلف من بلد إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى في نفس البلد أحيانا ولأسباب مختلفة. * كان خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمارس أحد أشكال الشورى علنا وفي السوق، وكانت النساء حاضرات ويجادلن، ما دفع إحداهن إلى مراجعة الخليفة ليطلق قولته المشهورة (أخطأ عمر وأصابت امرأة)! ألم يكن ذلك الشكل ملمحا من ملامح الشورى والديمقراطية بحسب مفهومها الغربي الحديث، حيث كان عمر يتشاور فيه مع رعيته في الهواء الطلق بما يشكل برلمانا مفتوحا وللمرأة فيه رأي ومجادلة ومراجعة وتصويب حتى لخطأ الخليفة نفسه الذي كان يملأ الدنيا حضورا وفتوحات وهيبة؟! لماذا لم يأخذ المسلمون العرب وبعضهم يجادل حتى اللحظة في أحقية المرأة في دخول البرلمان من عدمه مثلا بانتخاب حر أو «كوتا» هذا المثال الإسلامي الناصع الذي يدلل على سلوكيات خلفاء المسلمين الأوائل، وهم الأكثر قربا من فهم الدين والقرآن والسُنة، وأكثر قربا من تطبيقات رسول البشرية الرسول الأعظم تجاه المرأة المسلمة وهناك الكثير أصلا من قصص وحكايات النبي مع نساء المسلمين التي تدل على الإنصاف وحُسن المعاملة والتوصية بهما طوال الوقت؟! { إن وضعية المرأة العربية في عديد من الدول التي تطالب بالقيم الغربية هي في الواقع وضعية أفضل بكثير من وضعية النساء الغربيات رغم الحريات المظهرية التي تحققت لها! ولكانت المرأة المسلمة مثالا للعالم كله لو تم تطبيق التعاليم الإلهية كما أمر بها الله عز وجل، وحيث (التطبيقات الخاطئة والعادات والأعراف النابعة من العقلية الذكورية التي سيطرت على العالم من منابع أخرى مختلفة لا صلة لها بالإسلام) هي التي جعلت المرأة في العالم كله تعاني من تداعيات النظرة الخاطئة تلك ليس إلا! إن المرأة المسلمة كانت في عهد الرسول وفي عهد الصحابة امرأة قوية تشارك حتى في ميادين الحروب وتمارس التمريض والفروسية والتجارة والأمثلة على ذلك كثيرة، وزوجة النبي عليه الصلاة والسلام «خديجة رضي الله عنها» كانت خير مثال للمرأة القوية التي تمارس التجارة كما نعرف. { في البحرين نحن نشهد منذ بدء تطبيق مشروع جلالة الملك الإصلاحي قفزات هائلة من تمكين المرأة وصولا إلى تجاوز ذلك التمكين وتحقيق المكانة التي بها تشارك في كل مجالات الحياة، ولذلك كانت رؤية جلالته سابقة حتى للمنظور المجتمعي السائد، الذي كان يرفض آنذاك إلى حد ما تصور المرأة في (وضعية صانعة القرار) أو كبرلمانية حتى وصلنا إلى أن ترأس المرأة البرلمان البحريني! ومن ثم فإن رؤية الدولة في أي بلد هي التي تسهم في الواقع في تحقيق (المساواة والتكاملية) في الوقت ذاته بين المرأة والرجل، واستنباط الأحكام الصحيحة من الدين الإسلامي نفسه، في تحقيق المكانة اللائقة بالمرأة بعيدا في الوقت ذاته عن (الشعارات والاتفاقيات الغربية التي في ظاهرها رحمة وفي باطنها عذاب)! كاتفاقية «السيداو» في بعض بنودها التي تحرض على إتاحة المجال مفتوحا لكل ما هو شاذ من التصرفات والطبائع والسلوكيات لتصبح (الحريات فوضى وعبودية من نوع آخر! وحيث الانحلال هو الوجه الآخر للتزمت والتطرف ضد المرأة! وكلاهما استعباد لا يفقه فيه إلا من يبحر في خفاياه المخبوءة وراء سطور البنود في الاتفاقيات التي تدعي الحفاظ على المرأة ومساواتها ومحاربة التمييز ضدها! لو فهم العرب والمسلمون دينهم بشكل صحيح لكانت المرأة العربية والمسلمة النموذج الأنصع بين كل نساء العالم.
مشاركة :