التقى مسؤولون بريطانيون وأوروبيون أمس في محاولة لكسر الجمود المسيطر على ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل أقل من ثلاثة أسابيع من موعد دخول "بريكست" حيز التنفيذ. وبحسب "الفرنسية"، فقد سعى الجانبان إلى إيجاد سبيل يجعل اتفاق الخروج مقبولا من قبل النواب البريطانيين الذين سبق أن رفضوه وسيجرون الثلاثاء تصويتا جديدا عليه. وأعلنت مصادر في لندن وبروكسل أن "محادثات تقنية" جرت أمس لكن من غير المقرر إجراء أي مناقشات سياسية في هذه المرحلة. وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قد تعهدت أمام النواب البريطانيين بالسعي إلى تغيير بنود الاتفاق فيما يتعلق بالحدود الإيرلندية بعد "بريكست". ورفضت بروكسل مطالبها ما زاد مخاطر إنهاء بريطانيا في 29 آذار (مارس) عضوية في الاتحاد الأوروبي عمرها 46 عاما من دون اتفاق. وفي تطور اعتبر مؤشرا لعدم تفاؤل لندن بإمكانية الحصول على تنازلات جديدة، حض فيليب هاموند وزير المالية البريطاني النواب البريطانيين على تأييد الاتفاق بكل الأحوال. وقال هاموند الذي سيقدم الأربعاء ميزانية الربيع لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن إقرار الاتفاق سيمكن الوزارة من البدء بصرف أموال احتياطية مخصصة لخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي "من دون اتفاق". وطالبت ماي الاتحاد الأوروبي ببذل "جهد إضافي" في المفاوضات للانتهاء من اتفاق "بريكست"، محذرة النواب من أن رفض الاتفاق مجددا سيتسبب بـ"أزمة". وينص الاتفاق على "شبكة أمان" تقضي ببقاء بريطانيا ضمن الوحدة الجمركية للاتحاد الأوروبي وضمن السوق الأوروبية المشتركة إلى أن يتم التوصل إلى حل آخر مثل توقيع اتفاق تجاري يسمح بتفادي قيام حدود بين الإيرلندتين. ويتخوف نواب بريطانيون من أن يبقي هذا الطرح بريطانيا ضمن اتحاد جمركي إلى ما لا نهاية، فيما تدفع ماي باتجاه تحديد سقف زمني لهذا الاقتراح، وآلية خروج أحادية أو نظام تحكيمي جديد لتهدئة مخاوفهم. وردا على خطاب ماي أول أمس طرح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف "بريكست" فكرة صدور "بيان تفسيري مشترك" يضفي "قوة القانون" على ضمانات سابقة بأن شبكة الأمان إجراء مؤقت. وفي سلسلة تغريدات أطلقها، ميشال بارنييه أشار إلى أن الاتفاق ينص على لجنة تحكيم يمكن لبريطانيا من خلالها الاعتراض على آلية عمل "شبكة الأمان" في حال لم يبذل الاتحاد الأوروبي أقضى جهوده لإيجاد حل بديل. ويرى بارنييه أنه يمكن لبريطانيا أن تخرج من الوحدة الجمركية في الاتحاد الأوروبي شرط بقاء إيرلندا الشمالية في السوق الأوروبية المشتركة، وهو ما رفضته لندن بشدة. من جهته، أعلن راندون لويس رئيس حزب المحافظين البريطاني، الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، أن المحادثات لإتمام اتفاق لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي. وقال براندون لويس إن حكومة ماي لن تقبل أي اتفاق" يقوض وحدة المملكة المتحدة"، وذلك بعد تقارير ذكرت أن الاتحاد الأوروبي عرض حلا ممكنا سيعامل إيرلندا الشمالية بشكل مختلف عن بريطانيا. وحث لويس المشرعين على دعم الاتفاق في التصويت المصيري يوم الثلاثاء أو مواجهة إمكانية خروج قاس لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، أو عدم المغادرة على الإطلاق. وأضاف لويس، أن "البرلمانيين أمامهم قرار مصيري للغاية ليتخذوه. الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية كذلك. إننا سنقوم بهذا التصويت يوم الثلاثاء. ونريد أن نفوز في هذا التصويت. إذا لم نفعلها يوم الثلاثاء فإنه لا أحد يعلم إلى أين سينتهي الأمر؟ ولكن البرلمان أيضا يخاطر بأن ينتهي الأمر دون خروج من الاتحاد الأوروبي مطلقا". وأعلن أنطونيو تاجاني، رئيس البرلمان الأوروبي عن شروط لتأجيل محتمل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضيفا في مقابلة أمس مع صحف مجموعة "فونكة" الإعلامية الألمانية أن "تاريخ الخروج يمكن تأجيله بضعة أسابيع من نهاية مارس إلى مطلع يوليو، كحد أقصى". وتمثلت الشروط التي أعلنها السياسي الإيطالي في أن تقدم بريطانيا سببا للتأجيل، "وفي كل الأحوال، يتعين على البريطانيين أن يعلنوا سببا للتأجيل، أن يعلنوا على سبيل المثال، أنهم يرغبون في استغلال هذا الوقت لإجراء انتخابات جديدة أو استفتاء جديد". وأشار تاجاني إلى أن المهم هو "تجنب الخطأ الأكبر، وهو الخروج الفوضوي لبريطانيا دون قواعد تعاقدية"، محذرا من أن هذا سيكون "كارثة للاقتصاد البريطاني ومضرا أيضا بالنسبة لنا". في الوقت نفسه، اتسم موقف تاجاني بعدم الاستعداد للتوصل إلى حل توافقي فيما يتعلق بنص اتفاق الخروج، مشيرا إلى أنه "من غير الممكن تماما أن يتم تغيير محتوى اتفاق الخروج كما لا يمكن ذلك أبدا في مسألة إيرلندا الشمالية". وقالت أندريا ليدسوم وزيرة شؤون الدولة في مجلس العموم البريطاني إنها بدأت تتساءل عن ماهية "اللعبة" التي يمارسها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بخروج بلادها من التكتل مع تدهور العلاقات بين لندن وبروكسل. وأضافت ليدسوم "لا يزال هناك أمل.. لكن علي القول إنني أشعر بخيبة أمل كبيرة بشأن ما يصدر عن الاتحاد الأوروبي.. علي أن أسأل نفسي ما اللعبة التي يمارسونها هنا". وردت ليدسوم على سؤال عمن سيكون الملام إذا خسرت ماي التصويت مجددا قائلة، "سأشير إلى ضرورة عمل الاتحاد الأوروبي بشكل وثيق معنا.. نأمل أن نتمكن من الفوز في هذا التصويت لكن هذا يعتمد بالتأكيد على أخذ الاتحاد الأوروبي للمقترحات البريطانية على محمل الجد".
مشاركة :