"ماذا لو أعدنا السؤال خطوة إلى الوراء وتساءلنا: عن أي معنى نتحدث؟ ما هو هذا المعنى؟ أين يوجد؟ هل بالإمكان بلوغه؟ كيف؟ وهل هناك معنى أم معان لا متناهية؟ ثم ما هو دور التأويلية في معالجة هذه القضية وهل استطاعت تقديم أجوبة حاسمة"، بتلك التساؤلات بدأ الروائي حسين المطوع حديثه فى فعاليات اليوم الثالث من مهرجان رحلة المعنى الذي تنظمه مكتبة تكوين بالكويت احتفالا بعيد تأسيسها الثالث. واستكمل المطوع حديثه قائلا: "إننا ما إن نخوض حديثًا في أي من مواضيع الحياة او القراءة، إلا ونذكر "المعنى" كشيء مرتبط بهما ارتباطًا جوهريًا. فننطلق في مساءلة النصوص ومساءلة الحياة للخروج أخيرًا بما نسميه "المعنى"". جاءت بعده د.أروى خميس في محاضرة (نكبر.. فهل تكبر القصص معنا؟ ) متسائلة: لماذا نتذكر بعض الحكايات التي قرأناها صغارًا حتى ونحن كبار ثم نعود ونحكيها لصغارنا مرة أخرى؟ لماذا يعرف الكل سندريلا وعلاء الدين؟ ما الذي يجعل القصة خالدة؟ لا تموت؟ ما الذي يبقيها عشرات السنين؟ لماذا بعض القصص نقرأها ونسمعها ثم لا نمانع أن نراها فلمًا ومسرحية رغم معرفتنا بأحداثها ونهاياتها؟ متحدثة عن معاني القصص ،حدودها، فهمها وتأويلها.وعن الطفولة وتساؤلات المعنى أكدت داليا تونسي المتخصصة في فلسفة الطفل عبارة كونديرا إن الأسئلة الخطيرة حقًا هي فقط تلك التي يمكن أن يصوغها طفل فوحدها الأسئلة الأكثر براءة هي أسئلة خطيرة حقًا. وأضافت حين يسأل الطفل فإن سؤاله غائي و خام وخال من تحيزات ما قبل السؤال: لماذا تعيش الأسماك في البحر ؟ لماذا يوجد لنا عينين وأنف واحد؟ واذا كانت لنا عينين، فلماذا إذن لا نرى العالم مقسوما قسمين؟ في الحقيقة لدينا الكثير لنتعلمه عن صياغة المعنى من سؤال الطفل، فسؤاله يحمل عنصرا وجوديا وهذا مصدر خطورته وقوته وجماله. من جانب آخر تحدث د.محمد الودرني عن رَصده لمسيرةِ بطليْ روايتي "تفاصيل صغيرة" لـ نور الدين العلوي، و"أرق النار وقلق الماء" لصالح بن رمضان، في بحثهما عن معنًى كالزّئبقِ تفلُّتًا وانسيابًا في ضوء مقاربةٍ ظاهِرَاتِيَّة approchephénoménologique نُعنى من خلالها بشبكةِ التِّيمات المهيمنة التي تكشفُ عن هجرة المعنى من فضاء إلى آخر، وصولًا إلى إزاحة اللِّثام عن الدَّلالات الأنثربولوجية والحضاريّة والاجتماعية التي يومئ إليها النصّ الروائيّ في علاقته بالرَّاهن ضمن صلته بالماضي والآتي في إطار ما اصطلح عليه القديس أوغسطين بالحاضر الثلاثيّle triple présentيمثل المعنى إرثًا كونيًا وإنسانيًا، قبل أن يكون إرثًا فكريًا ولغويًا، هكذا يقول الدكتور محمد الدكان في محاضرته ( حوارية المعنى في وسائل التواصل الاجتماعي) وهذه المقاربة الموجزة تنهل من فكرة "الحوارية" وتعدد الأصوات، التي قدمها الناقد الروسي ميخائيل باختين وهي - أي الحوارية - تعبر عن: التبادل والتفاعل الخطابي والآيديولوجي بين أطراف النظام عمومًا - نظام المجتمع، نظام الخطاب، نظام الحكاية -، جاء لفتح بوابة السؤال، سؤال: حوارية المعنى في شبكات التواصل الاجتماعي، بداية من توصيف حوارية المعنى في أبعادها الثقافية والاجتماعية في هذه الشبكات، عبورًا إلى محاولة توجيه بوصلة المعنى من التحيز إلى الحياد، ومن الذاتية إلى الموضوعية، وانتهاءً بأخلاقيات المعنى الحواري في هذه الشبكات.وعن (حكاية معنى) قدمت منى السليمية الباحثة في النقد الأدبي سرد ذاتي لرحلة بحث عما وراء: القلق، والأحلام، والقراءة، والكتابة، والحرية، والذاكرة، والزمن، والهوية، والمكان، وعن لا نهائية المعاني في عالم متعدد، وعن راهنيّة الوصول إلى ما لا يمكن القبض عليه، وعن اللا معنى الذي يقف شاخصا في حكاية تأبى أن تكتمل.
مشاركة :