سولسكاير يستحق الاستمرار مديراً فنياً دائماً لمانشستر يونايتد

  • 3/11/2019
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

ما إن انطلقت صافرة نهاية المباراة المثيرة التي انتهت بفوز مانشستر يونايتد على باريس سان جيرمان على ملعب «حديقة الأمراء» والتأهُّل للدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، حتى بدأ لاعبو الفريق الإنجليزي في الركض متوجهين إلى عدد قليل من جمهور النادي الذي كان يؤازر الفريق في ملعب المباراة.وخلع لاعبو مانشستر يونايتد قمصانهم، وألقوا بها إلى الجمهور، في الوقت الذي كان فيه لاعب الفريق الشاب سكوت ماكتوميني يقفز بصورة هيستيرية في منتصف الملعب. وأمسك كريس سمولينغ بالكرة وركلها إلى أعلى في الهواء، الذي كان يبدو أنه قد تبخر من سماء العاصمة الفرنسية بسبب خروج باريس سان جيرمان من المسابقة الأقوى في القارة العجوز بهذه الطريقة، وبهدف قاتل في اللحظات الأخيرة من عمر اللقاء.وخلال السنوات الماضية، كان مستوى سمولينغ يتأرجح صعوداً وهبوطاً تحت قيادة أربعة مديرين فنيين كانوا يعتمدون عليه بشكل دائم لكنهم كانوا يتخوفون في أحيان كثيرة من أخطائه القاتلة وتدخلاته العنيفة. لكن في مباراة مانشستر يونايتد الأخيرة أمام باريس سان جيرمان، اضطر سمولينغ للانزلاق تحت أقدام لاعبي النادي الباريسي مرة واحدة فقط من أجل قطع الكرة على مدار 95 دقيقة كاملة، وهو ما يعد بمثابة إشارة على الأداء الرائع والاستثنائي الذي قدمه المدافع في تلك المباراة.ومع ذلك، لا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل لهذه المجموعة من اللاعبين، وبالتحديد لسمولينغ، الذي كان «أحد الناجين» خلال المرحلة التي أعقبت اعتزال المدير الفني الأسطوري للفريق السير أليكس فيرغسون. لكن بغض النظر عما سيحدث بعد الآن، فلن ينسى سمولينغ أبداً ما حدث في تلك الليلة في باريس.ولعل تأهل مانشستر يونايتد للدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا من قلب العاصمة الفرنسية رغم خسارته في المباراة الأولى بهدفين دون رد يجعلنا نطرح التساؤلات التالية: هل أثبتت تلك المباراة أن المدير الفني السابق جوزيه مورينيو كان مخطئاً في طريقة تعامله مع اللاعبين؟ وهل عاد النادي إلى الطريق الصحيح بعد طرد هذه الروح الشريرة؟ في الحقيقة، إن ما حدث في باريس كان بما لا يدع مجالاً للشك ليلة قاسية أخرى على مورينيو وعلى طريقته المغرورة والمتحجرة.لكن من الإنصاف أن نشير إلى أن مورينيو كان أول من دفع باللاعب الشاب سكوت ماكتوميني في صفوف الفريق الأول. وقد قدم ماكتوميني مباراة رائعة أمام باريس سان جيرمان، ووصل معدل تمريراته الصحيحة في تلك المباراة إلى 96 في المائة، وكان يراقب ماركو فيراتي وكأنه حارس شخصي.وفي نهاية المباراة، رأينا هذا اللاعب الشاب وهو يتدخل بكل ثقة لإبعاد لاعبي باريس سان جيرمان من داخل منطقة الجزاء، حتى لا يؤثر ذلك على تركيز زميله في الفريق ماركوس راشفورد خلال تنفيذه لركلة الجزاء القاتلة في هذا التوقيت الصعب من المباراة. ومن المؤكد أيضاً أن ماكتوميني لن ينسى طوال حياته ما حدث في باريس في تلك الليلة، بعدما أثبت هذا اللاعب الشاب أنه يستحق ثقة المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير، تماماً كما كان يستحق ثقة مورينيو.ويمكن القول إن مباراة مانشستر يونايتد أمام باريس سان جيرمان قد أثبتت شيئين مهمين: أولاً، لقد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن مورينيو لم يكن هو المدير الفني المناسب لمانشستر يونايتد، حيث دخل الفريق هذه المباراة بمجموعة من اللاعبين الذين لم يكن مورينيو يريدهم، في ظل غياب عدد كبير من اللاعبين الأساسيين بداعي الإصابة أو الإيقاف، وفي ظل مشاركة اللاعب البرازيلي فريد الذي لم يكن مورينيو يعتمد عليه على الإطلاق. ونجح النادي الإنجليزي في الإطاحة بفريق مدجج بالنجوم اللامعين في سماء كرة القدم العالمية.وبينما كان مورينيو لا يتوقف عن الحديث عن الحاجة للتعاقد مع لاعبين جدد، تمكن سولسكاير من تكوين فريق من اللاعبين الاحتياطيين، وقادهم للفوز على أكثر الأندية إنفاقاً في كرة القدم الأوروبية.ومن المفارقات أن ما حدث في تلك الليلة قد يكون جيدا من زاوية أخرى لمورينيو، فقد يقيل باريس سان جيرمان مديره الفني الحالي ويفكر في التعاقد مع المدير الفني البرتغالي لقيادة الفريق خلال المرحلة المقبلة!وفيما يتعلق بهذا الأمر أيضاً، يمكن القول إنه أصبح يتعين على مانشستر يونايتد الآن أن يعين سولسكاير في منصب المدير الفني للنادي بشكل دائم، بعدما نجح المدير الفني النرويجي في أن يكون معشوقاً لجمهور النادي بفضل النتائج والعروض الأخيرة، فضلاً عن إجادته الواضحة في اختيار التشكيلة المناسبة والخطة الفنية لكل مباراة.ومن الممكن أن ترى مديراً فنياً محظوظاً أو جيداً، لكن الحقيقة أن سولسكاير يملك الصفتين معاً. وعلى ملعب «حديقة الأمراء»، وصل عدد تمريرات لاعبي باريس سان جيرمان إلى 691 مقابل 224 تمريرة للاعبي مانشستر يونايتد، وهو ما يشير بوضوح إلى أن النادي الفرنسي كان الأكثر استحواذاً وسيطرةً على مجريات الأمور، كما أضاع أكثر من فرصة محقَّقة واصطدمت إحدى كراته بالقائم، فضلاً عن تضرُّرِه من تقنية حكم الفيديو المساعد، ومن القاعدة الغريبة المتعلقة بكيفية احتساب الأهداف التي يحرزها الفريق خارج ملعبه.وعلاوة على ذلك، دخل النادي الفرنسي هذه المباراة وهو يفتقر لخدمات نيمار وإيدينسون كافاني، فضلاً عن عدم توفيق المدير الفني للفريق بالدفع بحارس المرمى الإيطالي المخضرم جانلويجي بوفون، الذي تأثر مستواه كثيراً بتقدمه في السن. وقد يقودنا هذا إلى طرح السؤال التالي: أي نوع من الحماقة يدفع نادياً يريد أن ينافس على بطولة دوري أبطال أوروبا لأن يشتري حارس مرمى يبلغ من العمر 41 عاما.ربما كانت هذه هي النقاط التي جعلت الحظ يساند سولسكاير في تلك المباراة، لكن هذا لا يقلل تماماً من حجم الإنجاز الكبير الذي حققه المدير الفني النرويجي من خلال الإطاحة بهذا الفريق المدجج بالنجوم في الوقت الذي يقود فيه هو فريقاً يغيب عنه معظم القوام الأساسي بسبب الإصابة أو الإيقاف.ورغم كل العلوم والرياضيات المعقّدة التي دخلت عالم كرة القدم، لا تزال هذه اللعبة تتأثر بالعاطفة والمشاعر في المقام الأول، والدليل على ذلك أن المشجعين واللاعبين والمدير الفني لمانشستر يونايتد كان لديهم شعور وإيمان بقدرة الفريق على تجاوز هذه المباراة الصعبة. وكانت هناك لحظة مذهلة أخرى بعد أن سجل مانشستر يونايتد هدف التأهل في باريس، حيث ظهر مشجعو باريس سان جيرمان وكأنهم مرضى أو مكسورون.وفي النهاية، يجب الإشارة إلى أن سولسكاير حتى قبل مباراة آرسنال، أمس، قد قاد مانشستر يونايتد في 17 مباراة، فاز في 14 مباراة منها، وهو سجلّ مذهل بكل تأكيد. وفي باريس، استفاد مانشستر يونايتد كثيراً من اللعب باثنين من المهاجمين في الخط الأمامي، رغم أن رباعي خط الدفاع وخط الوسط كان يتم اختراقهم بطريقة سهلة في بعض الأوقات خلال المباراة.وقد ترك سولسكاير المهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو بمفرده في الخط الأمامي في أخر 20 دقيقة، رغم أن لياقته البدنية في نهاية المباراة قد انخفضت بشكل ملحوظ. لكن المدير الفني النرويجي دفع بماسون غرينوود لكي يستغل المساحات الخالية خلف خط دفاع باريس سان جيرمان، وهو الدور الذي كان يقوم به لوكاكو في شوط المباراة الأول.وقد أدى هذا على الفور إلى تراجع خط دفاع باريس سان جيرمان بنحو 10 ياردات، وهو الأمر الذي أدى بشكل غير مباشر إلى أن يكون دييغو دالوت أكثر قرباً من مرمى النادي الفرنسي، وبالتالي تكون لديه فرصة أكبر في التسديد على المرمى، بالشكل الذي رأيناه في التسديدة التي أدَّت إلى احتساب ركلة الجزاء بعد العودة إلى تقنية حكم الفيديو المساعد. وفي بعض الأحيان، يجب توافر الحظ حتى يتم إبراز مثل هذه التفاصيل الصغيرة، وهو ما حدث بالفعل في هذه المواجهة.لكن قد يكون أفضل ما في الأمر هو أن الفترة القصيرة التي قضاها سولسكاير في مانشستر يونايتد قد جعلت الكثيرين يطرحون هذه الأسئلة مراراً وتكراراً: ما هو نادي مانشستر يونايتد بالضبط؟ هل هو نادٍ يسعى بكل بساطة للحصول على البطولات والألقاب؟ هل هذا النادي يضم الآن لاعبين في مصاف النجوم؟ هل هذا الفريق بات متخصصاً في القضاء على منافسيه في اللحظات القاتلة؟في الحقيقة، يُعدّ مانشستر يونايتد نادياً عظيماً لا يليق به أن يواجه الفشل في الوقت الحالي، وسيظل نادياً عملاقاً بغضِّ النظر عن فوزه ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي أو الدوري الإنجليزي الممتاز في هذا الموسم أو ذاك. أما الشيء المطلوب الآن، فهو أن يواصل النادي العمل بكل طموح وأن يتحلى بروحه القتالية المعتادة وأن يستفيد قدر الإمكان من اللاعبين الذين يشعرون بأن هذا هو ناديهم الحقيقي ويتعين عليهم الحفاظ عليه.وخلاصة القول، يُعد سولسكاير خياراً جيداً لهذا النادي العريق، ويجب أن يستمر مديراً فنياً دائماً للفريق، وأعتقد أن هذا هو ما سيحدث بالفعل، لأنه قد حقق نجاحاً كبيراً بكل المقاييس.

مشاركة :