بكتيريا السعادة

  • 3/11/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طعامنا الذي نتناوله، جزء من حياتنا نتقوى به ونتمكن من البقاء على قيد الحياة، بسببه نمرض، وبه قد نتعالج، وهذه الأمور معروفة لدى الأغلبية حتى لو لم يقتنعوا بها، فهي حقيقة مثبتة ووردت على لسان حكماء الماضي بسبب تجاربهم العديدة، لذا قالوا: "غذاؤك دواؤك"! ولكن أن يكون الغذاء والبكتيريا سبب سعادتنا، فهذا أمر قل من يعرفه. لا أتحدث عن السعادة بالأكل أو بالأجواء أو لجوئنا للأكل عندما نشعر بالحزن أو الغضب، فهذا شيء نفسي بحت، لكن الواقع يقول إن هناك أطعمة تجعلك سعيدا بالفعل، وأطلق على هذا العلم الجديد "سيكوبيوتكس" لارتباطه بالجراثيم الموجودة في أمعائنا، التي تتكون من تريليونات من البكتيريا التي تساعد على هضم الطعام والحفاظ على صحة جهازنا المناعي وتعزيز مزاجنا وتقليل مستويات الغضب والاكتئاب! تقول عالمة النفس ميجان أرول، إن هناك نظام اتصال ثنائي الاتجاه بين الدماغ والجراثيم الموجودة في القناة الهضمية، ومن خلال هذه العلاقة المثيرة أصبح بإمكاننا التأثير بشكل فعال في بيئة الأمعاء، وفتحت لنا الآفاق في مجال التداوي. فقد تمت معالجة 44 شخصا بالغا يعانون متلازمة القولون العصبي والقلق المعتدل والاكتئاب بالبكتيريا في دراسة أجريت سنة 2017 من قبل جامعة ماكماستر في كندا، وبعد ستة أسابيع، تراجعت أعراض القلق والاكتئاب لدى 64 في المائة من المجموعة التي خضعت للعلاج بالبكتيريا مقارنة بنحو 32 في المائة من الذين خضعوا لعلاج وهمي. فالبكتيريا النافعة داخل أمعائنا تنتج ناقلات عصبية مثل السيروتونين، الذي يسهم في تعديل المزاج ويشبه في عمله مضادات الاكتئاب ويعزز شعورك بالتفاؤل والثقة بالنفس، فضلا عن السعادة بشكل عام. وفي دراسة أخرى، وجد أن الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب ويتناولون كميات كبيرة من الأغذية المصنعة في الوقت نفسه، لديهم بكتيريا معوية أقل تنوعا مقارنة بتلك التي يتمتع بها أولئك الذين يتبعون نظاما غذائيا أكثر توازنا وصحة، ما يوضح العلاقة بين طعامنا والبكتيريا النافعة والحالة المزاجية! ولعل من المحزن أن هذه الميكروبات التي تعيش داخلك تتأثر بنوع غذائك وعمرك وجنسك والبيئة التي تعيش فيها ونمط حياتك، فتختلف أنواعها بشكل كبير من شخص إلى آخر، لذلك العلاج أو استخدام المكملات الغذائية والأطعمة التي تحتوي على البروبيوتيك قد لا تعود بالقدر نفسه من الفائدة على شخص ما مقارنة بغيره. ومع ذلك، يجب علينا عدم التوقف عن تحسين صحتنا النفسية بتنوع طعامنا لتعزيز البكتيريا المعوية داخل أمعائنا، وفي الوقت نفسه عدم الانسياق وراء من جعل التداوي بالبروبيوتك أو البكتيريا النافعة حلا لمشاكلنا الصحية!

مشاركة :