الولادة القيصرية تقي النساء من إصابات قاع الحوض

  • 3/11/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

برلين – يرى بعض الخبراء أن الولادة القيصرية يمكن أن تمنع إصابة بعض النساء بأضرار في قاع الحوض، وهذا بغض النظر عن الدواعي الطبية إلى إجرائها، وهو ما يعني أنها قد تكون خيارا لإحدى الحوامل وليست لضرورة طبية طارئة. وأوضح الأطباء أن الكثير من الحوامل يجهلن ذلك لأن التوعية بتداعيات الولادات الطبيعية لا تزال غير كافية وقلما يكون هناك حديث صريح عن رغبة إحدى النساء في الولادة القيصرية، في دول عديدة. تقول كافين بيسلر، رئيسة مركز برلين لعلاج أمراض قاع الحوض والسلس البولي، “ليس مدار الحديث توفير ولادة قيصرية للجميع، بل ضرورة توعية النساء بشأن مكامن الخطر”. وتعالج بيسلر النساء المصابات بأضرار ناتجة عن الولادة، واللاتي يندمن على عدم تلقيهن عرضا لإجراء ولادة قيصرية. ويقوم قاع الحوض، وهو عبارة عن ألياف عضلية وعضلات عصعصية ونسيج ضام، بدور الحفاظ على الأعضاء داخل الحوض. يمكن أن تُشَدّ هذه العضلات، بل وتتمزق، أثناء الولادة، مما يتسبب في تدلي الأعضاء الموجودة داخل الحوض “حيث تتسبب 10 إلى 20 بالمئة من الولادات في تمزق قاع الحوض” وفق بيسلر التي أوضحت أنه لا يمكن إصلاح الأضرار الناجمة عن ذلك “إذ لا يمكن إعادة ربط هذه العضلة الملساء بعظمة العانة”. ومشيرا إلى الأمر نفسه قال هانز بيتر ديتز، طبيب المسالك البولية النسائية في مدينة سيدني الأسترالية، “ما يحدث عندئذ يشبه التعرض لإصابة رياضية بالغة، دون أن نعلم بها على مدى فترة طويلة”. ويقول ديتز إنه كان أول طبيب يجعل الأضرار الناتجة عن هذا التمزق تظهر في أشعة الموجات فوق الصوتية. ما يحدث للحوض عند الولادة يشبه إلى حد كبير التعرض لإصابة رياضية بالغة، دون أن نعلم بها على مدى فترة طويلة وأوضحت بيسلر أن النساء الأكثر عرضة لذلك هن النساء القصيرات، والبدينات، واللاتي ينجبن أطفالا طوالا وثقيلي الوزن، مشددة على ضرورة توعية النساء بهذا الشأن تحديدا. كما أشار ديتز إلى أن سن المرأة يلعب دورا هو الآخر، “فعندما تكون المرأة تحت سن الـ30 عاما ربما تتغلب إيجابيات الولادة الطبيعية على سلبياتها، ولكن كلما تقدم سن النساء ازداد احتمال إصابتهن بتمزق قاع الحوض أو التمزق العجاني (العجان هو الذي يفصل المهبل عن فتحة الشرج)، حيث تتراجع درجة مرونة الأنسجة لدى النساء كلما تقدم السن”. يضاف إلى ذلك حسب ديتز أن التوليد بالملقط يمكن أن يكون شديد الخطورة، حيث يمكن أن يتعرض قاع الحوض للإجهاد كثيرا بسبب السرعة وقوة الجذب، ويستخدم الملقط عند حدوث تعقيدات أثناء الولادة. وحسب بيسلر من الممكن معالجة الجروح البسيطة الناتجة عن الولادة الطبيعية جراحيا، “كما يمكن أن تستخدم الفرزجة (الكعكة المهبلية) بُعيد الولادة، للمساعدة على إعادة هياكل قاع الحوض إلى سابق عهدها، وتحسين فرص التعافي عقب الولادة”. وأكد خبراء أن هذه الطريقة أثبتت كفاءتها، لكن الكثير من أطباء النساء والولادة لا يستخدمونها. وقالت بيسلر إنه من الممكن أيضا أن يساعد العلاج النفسي المبكر لدى أخصائية نفسية على تجنب تمزق قاع الحوض. وتجدر الإشارة إلى أن أطباء من السويد كانوا قد طوروا تطبيقا يستطيع تقدير خطر الإصابة بأضرار قاع الحوض عقب الولادة. وتستخدم الطبيبة بيسلر هذا التطبيق في تقديم النصح لمرضاها. وأوضح فولفجانج هينريش، مدير قسم الولادة بمستشفى برلين شاريتيه، أن الحمل في حد ذاته يمكن أن يسبب مشكلات السلس البولي وأن الولادة الطبيعية يمكن أن تصبح أفضل من الولادة القيصرية بعد المقارنة بين جميع عوامل الخطر المحتملة “إذ أن الولادة القيصرية تظل جراحة في كل الأحوال”، وأضاف “لكني أجد أنه ليس من العدل استبعاد هذا الجزء من التوعية لدى النساء اللاتي بلغن سن الرشد، عند التخطيط للولادة”. أضرار قاع الحوض والإصابة بالسلس البولي تكونان أقل حدوثا إثر الولادات القيصرية أضرار قاع الحوض والإصابة بالسلس البولي تكونان أقل حدوثا إثر الولادات القيصرية ولكن الجمعية الألمانية لطب النساء والولادة ترى أن “تقديم توعية لجميع النساء بشأن المخاطر التي يمكن أن تنطوي عليها الولادة المهبلية -في ما يتعلق بالأضرار المحتملة لهذه الولادة على قاع الحوض- لا يتناسب مع آخر ما توصل إليه العلم، وربما ساهم في إحداث المزيد من البلبلة لدى النساء”. وفي هذا السياق أشارت الجمعية إلى دراسة شملت نحو 30 مليون ولادة، عن الآثار بعيدة المدى التي تنتج عن الولادة. وتقول إن الباحثين تحت إشراف أوناج كياج من المستشفى الملكي في ادنبره، اكتشفوا خلال هذه الدراسة أن أضرار قاع الحوض والإصابة بالسلس البولي تكونان أقل حدوثا إثر الولادات القيصرية، لكن هذه الولادات قد تنطوي على نتائج سلبية وخيمة على صحة الأم والأبناء، مثل الإجهاض وارتفاع خطر إصابة الأطفال بالربو. غير أن ديتز يقرّ بأن هذه الدراسة “سخف خطير”، مضيفا أنها لم تذكر أبدا تمزقات قاع الحوض أو تدلّي الأعضاء. كما أوردت دراسة أميركية، نشرت في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” الطبية، أن الولادة القيصرية تبقى الخيار الأكثر أمانا بالنسبة إلى الحوامل اللاتي سبق أن ولدن ولادة قيصرية. شملت الدراسة 19 مركزا طبيا أكاديميا في الولايات المتحدة، واستغرقت أربع سنوات، تابع فيها الباحثون عن كثب الحالة الصحية لحوالي 46 ألف سيدة من السيدات اللاتي قدمت لهن الرعاية الطبية خلال الحمل والولادة في أحد المراكز الطبية المشتركة في الدراسة، وقد سبق لكل واحدة منهن أن ولدت ولادة قيصرية مرة واحدة. وأظهرت الدراسة، التي أجريت على سيدات سبق أن ولدن ولادة قيصرية، حدوث تمزق في الرحم في سبع من بين كل ألف سيدة من السيدات اللاتي اخترن الولادة الطبيعية، بينما لم تكن ثمة حالات تمزق رحم على الإطلاق في حالة الولادات القيصرية (للمرة الثانية).

مشاركة :