الهند توجه بوصلة احتياطيات النفط الاستراتيجية إلى السعودية

  • 3/11/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نيودلهي – أكدت الهند أمس أنها تتطلع لجذب استثمار من السعودية لبناء احتياطيات استراتيجية من النفط الخام لتأمين احتياجات البلاد المستقبلية لمواجهة تقلبات أسعار النفط أو أي اضطرابات في الإمدادات لثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم. وذكر بيان حكومي أن الهند بحثت مشاركة السعودية في برنامج “الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الهندي” خلال اجتماع أمس بين وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ونظيره الهندي دارمندرا برادهان في نيودلهي. وأضاف البيان أن الجانبين بحثا أيضا تسريع مشروع مقترح لتكرير النفط بتكلفة 44 مليار دولار على الساحل الغربي الهندي، حيث تسعى نيودلهي لاستقطاب استثمارات من أرامكو السعودية وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك). وكانت أرامكو وأدنوك قد أعلنتا العام الماضي، عن خطط للاستثمار في المشروع، الذي من المقرر أن يقام في ولاية مهاراشترا الهندية، والذي سيكون عند اكتماله أكبر مجمع للتكرير والبتروكيماويات في العالم. ويرجح محللون أن يقلص تعزيز العلاقات الاستثمارية مع السعودية من مشتريات الهند من النفط الإيراني بعد الآفاق الاستثمارية التي فتحتها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى نيودلهي الشهر الماضي. 44 مليار دولار حجم استثمارات مشروع هندي للتكرير والبتروكيماويات تسعى أرامكو وأدنوك للاستثمار فيه وتعمل الهند، التي تستورد نحو 80 بالمئة من احتياجاتها من النفط، على زيادة احتياطاتها الاستراتيجية لحماية نفسها من المخاطر السياسية لأي ارتباك محتمل في إمدادات الشرق الأوسط وأفريقيا، اللتين تستورد منهما معظم احتياجاتها. وقد بنت بالفعل مستودعات في ثلاثة مواقع وتسعى لبناء مستودعين جديدين لتصل طاقة التخزين الإجمالية إلى نحو 11.83 مليون طن من النفط الخام، تكفي لسد احتياجات البلاد لنحو 22 يوما. وقد افتتح رئيس الوزراء ناريندرا مودي مؤخرا بعض المستودعات المقامة تحت الأرض في بلاده للتخزين لأغراض تجارية لتخفيف الضغط على مالية الدولة. وقامت الهند بالفعل بتأجير مستودعات لشركة أدنوك الإماراتية. وتشير البيانات الهندية إلى أن السعودية من أكبر مصدّري النفط إلى الهند. وتؤكد أنها صدرت إليها نحو 16.7 بالمئة من إجمالي واردات المصافي الهندية في العام الماضي. وترتبط التحركات الاستثمارية السعودية بشكل غير مباشر باتفاقات وقعتها في باكستان وبينها الاستثمار في إنشاء مصفاة في ميناء غوادر الباكستاني المنافس لمشروع ميناء جابهار الإيراني، الذي تشارك الهند في تطويره. وقد أظهرت بيانات رسمية مؤخرا تراجع الهند عن إمدادات النفط الإيراني حين أظهرت تراجع وارداتها من النفط الخام الإيراني في يناير بنسبة 45 بالمئة، رغم استمرار الإعفاءات الأميركية التي تسمح لها بمواصلة شراء النفط الإيراني. ومن المتوقع أن تبدأ واشنطن بتقليص الإعفاءات الني منحتها لثمانية بلدان لشراء النفط الإيراني خلال الأشهر المقبلة، إضافة إلى أن شركات النفط الهندية الكبرى ترتبط بعلاقات مع الولايات المتحدة وتخشى الوقوع تحت طائلة عقوباتها. وتصدر السعودية قائمة أكبر مصدري النفط الخام في العالم، بمتوسط يبلغ نحو 7.3 مليون برميل يوميا. وهي ثالث أكبر منتج بعد الولايات المتحدة وروسيا بنحو 10.4 مليون برميل يوميا. الهند افتتحت مستودعات لتخزين النفط مؤخرا وقامت بتأجير بعضها لشركة أدنوك الإماراتية الهند افتتحت مستودعات لتخزين النفط مؤخرا وقامت بتأجير بعضها لشركة أدنوك الإماراتية وتولي السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أهمية كبيرة لعلاقاتها مع الهند، التي ترى فيها فرصا كبيرة باعتبارها من أسرع اقتصادات العالم نموا، وما يقابله من نمو سريع في الطلب على النفط. ويرى محللون أن تنامي مصالح الهند الاستراتيجية مع السعودية قد يقلص رهانها على الميناء الإيراني، خاصة في ظل العقوبات الأميركية على طهران والتي تعرقل إمكانيات التعامل مع طهران. وتسعى الحكومة الإيرانية لتطوير ميناء جابهار لتوفير خدمات لوجستية لأفغانستان ودول آسيا الوسطى الحبيسة. لكن ميناء غوادر الباكستاني يقوض ذلك المشروع ويعد بديلا مثاليا له. وكانت طهران تأمل بتدفق ما يصل إلى 5 مليارات دولار من التجارة مع أفغانستان عبر ميناء جابهار، وأكثر من ذلك مستقبلا عبر التجارة من دول آسيا الوسطى مثل تركمانستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان وكازاخستان. ويمكن للاستثمارات السعودية في الهند وباكستان أن تخفف التوتر بين البلدين من خلال تخفيف التقاطعات الاقتصادية الناجمة عن دعم نيودلهي للميناء الإيراني. وتلتقي تحركات السعودية في الهند وباكستان مع المصالح الصينية التي تراهن على الممر الباكستاني، الذي ينتهي بميناء غوادر، كأحد أكبر محاور مبادرة طريق الحرير، والذي خصصت له استثمارات تزيد على 60 مليار دولار. ويكشف كل ذلك أن الاستثمارات السعودية في الدول الثلاث سوف تؤدي إلى إغلاق أبواب المصالح الاقتصادية القليلة، التي تشتد حاجتها إليها. وتؤكد التصريحات الإيرانية الغاضبة من دبلوماسية الاستثمارات السعودية حجم قلق طهران من توسيع التحالفات الاقتصادية والسياسية مع تلك الدول والتي يمكن أن تفاقم عزلة إيران الاقتصادية في وقت تشتد فيه وطأة العقوبات الأميركية القاسية.

مشاركة :