أكد الدكتور محمد عبد اللطيف أستاذ الاثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق أن رشيد تعد المدينة الثانية فى مصر بعد القاهرة في عدد الآثار الإسلامية القائمة بها حتى الآن، حيث يوجد بها 39 أثرا إسلاميا غاية في الروعة والجمال، مشيرا إلى ضرورة تطويرها لتسويق المدينة سياحيا وثقافيا. وقال عبد اللطيف - في محاضرة ألقاها، اليوم الاثنين، خلال الملتقى الثقافي الرابع، الذي ينظمه متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع مركز دراسات الحضارة الإسلامية بالمكتبة تحت عنوان (التراث الحضاري لمدينة رشيد عبر العصور)، ويتناول عدة محاور عن مدينة رشيد - "إن عوامل الجذب المميزة لمدينة رشيد تؤهلها لتكون مستقبل مصر الأثرى والسياحى، حيث تنفرد بتاريخها الوطني وتراثها المعماري والزخرفي الفريد، وتعتبر متحفا كبيرا مفتوحا للعمارة الإسلامية، إلى جانب موقعها الفريد بين النهر والبحر والظهير الزراعي والحدائق، وتميزها بالصناعات اليدوية والبيئية وصناعة اليخوت والمراكب. واستعرض تاريخ مدينة رشيد عبر العصور، موضحا أنه عندما فتح عمرو بن العاص مصر لم تكن رشيد ذات أهمية بين موانئ مصر، وبعد بناء القاهرة سنة 359 هـ/ 969م ضعف المركز التجاري للإسكندرية وأصبحت لرشيد أهمية كبرى في هذا الميدان، مما كان له أكبر الأثر في نموها وازدهارها من جديد.وأضاف أن العناية ازدادت برشيد منذ القرن 6هـ/ 12م، وأنشأ بها السلطان قايتباى سنة 877 هـ/ 1472م قلعة كبيرة عرفت باسمه وبنى حولها سورا لحمايتها، وقام السلطان الغورى بعد ذلك سنة 922 هـ/ 1516م ببناء سور للمدينة على شاطئ البحر وأقام عدة أبراج لحمايتها. وأوضح أنه كان لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في القرن 9 هـ/ 15م أكبر الأثر في اضمحلال رشيد بعد أن تحولت التجارة عنها إلى جنوب أفريقيا، لافتا إلى أنه في العصر العثماني ازدادت العناية برشيد مرة أخرى وأصبحت أهم ثغورها ووصلت إلى أوج ازدهارها العمراني بما شيد فيها من مساجد ومنازل وحمامات وطواحين وقلاع وبوابات لازالت باقية فيها منذ ذلك الحين حتى الآن.ونوه بأن رشيد نالت شهرة كبيرة أيام الحملة الفرنسية على مصر بعد العثور على حجر رشيد داخل قلعة قايتباى، مبينا أنه في عصر محمد على بدأت رشيد في التدهور مرة أخرى بعد حفر ترعة المحمودية سنة 1235 هـ/ 1819م وتحول الملاحة إلى الإسكندرية، مشيرا إلى أن رشيد شهدت عدة معارك دامية كان أهمها المعركة التي خاضها أهلها ضد الغزو الإنجليزي بقيادة (فريزر) سنة 1222 هـ/ 1807م، وكان لعلي بك السلانكلى محافظ المدينة آنذاك دورا عظيما في الدفاع عنها ببسالة حتى دحرت الغزاة وردتهم على أعقابهم. وعن مميزات الآثار الإسلامية في رشيد، قال الدكتور عبد اللطيف "إنها تحتوى على نماذج من كل أنواع العمائر، مثل: العمارة الدينية الممثلة فى المساجد وعددها 10 مساجد وزاويتين، والعمارة المدنية، حيث يوجد بها 21 منزلا أثريا رائعا، بالإضافة إلى طاحونة لطحن الغلال، وهي طاحونة أبو شاهين الملحقة بمنزل عثمان أغا الأمصيلى، وكذلك حمام عام، وهو حمام عزوز.وأوضح أن رشيد لا تخلو من نماذج العمارة الدفاعية التي تتمثل في مجموعة كبيرة من الطوابي أو الحصون الصغيرة العسكرية الممتدة على ساحل البحر المتوسط، ويبلغ عدد الطوابى الواقعة فى الحدود الإدارية لرشيد 9 طوابى، بالإضافة إلى قلعة قايتباى الثانية في رشيد، وتسمى بتلك التسمية تمييزا لها عن قلعة قايتباى الأولى والكبرى في مدينة الإسكندرية. وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب مؤتمر الشباب الرابع بالإسكندرية فى يوليو 2017، أوصى بالبدء في تطوير مدينة رشيد الآثرية تمهيدا لوضعها على خريطة السياحة المحلية والدولية، وأن يكون ذلك مشروعا قوميا لتطوير وتنمية مدينة رشيد وجعلها متحفا مفتوحا ومزارا سياحيا عالميا.ونوه بأنه تنفيذا لتوصيات الرئيس السيسي أصدر وزير الآثار في أغسطس 2017 قرارا بتشكيل لجنة عليا للإشراف على تنفيذ مشروع تطوير آثار مدينة رشيد برئاسته في ذلك الوقت، حيث كان يشغل منصب مساعد وزير الآثار لشئون المناطق الأثرية، وتضم في عضويتها نخبة من الخبراء والمتخصصين. وأوضح أن اللجنة أصدرت عددا من التوصيات لجعل رشيد مزارا آثريا وسياحيا طبيعيا عالميا تتعاون في تنفيذها الوزارات والهيئات ومؤسسات الدولة، في مقدمتها ترميم الآثار في المقام الأول ثم تنمية وتطوير المباني المحيطة والميادين والشوارع وتوظيف المبانى المحيطة في خدمة الأثر والانتهاء من البنية الأساسية للمدينة القديمة. وبين أن التوصيات تضمنت أن تقوم محافظة البحيرة بتطوير كورنيش النيل من جنوب منطقة أبو مندور وحتى قلعة قايتباى شمالا (عزبة البرج)، وتوفير أسواق بديلة للباعة المتواجدين بشارع دهليز الملك، وسرعة الانتهاء وتفعيل مشروعات المرافق.. لافتا إلى أن اللجنة أوصت كذلك بوقف تراخيص الهدم والبناء والرجوع إلى وزارة الآثار في ذلك الأمر وإعادة النظر في التراخيص، وتفعيل ضوابط التراخيص التى تم دراستها من وزارة الآثار، ومراجعة الأحيزة العمرانية والكردون الخاص بمدينة رشيد، وتحديد المحميات الطبيعية. كما تضمنت التوصيات أن تقوم وزارة الأوقاف بتحمل التكلفة المالية لمشروعات الترميم الخاصة بالمساجد الآثرية، وإزالة التعديات الواقعة في نطاق المساجد الأثرية، والتنسيق الكامل مع وزارة الآثار بالنسبة للمشروعات الحالية. وأشار إلى أن اللجنة طالبت وزارة السياحة بإنشاء هيئه إقليمية للتنشيط السياحى بمدينة رشيد، ووضع رشيد ضمن البرامج السياحية الخاصة بالقاهرة والإسكندرية وتجديد المرافق السياحية والعمل على تنميتها، ووضع سيناريو سياحى للمدينة.. فيما طالبت وزارة الثقافة بحصر المباني التراثية برشيد، ووضع رؤية شاملة ومتكاملة بالتنسيق مع وزارة الآثار بما يتلاءم مع وظيفتها.
مشاركة :