يبدو أن الرياضة القطرية باتت على "كف عفريت"؛ فبعد فضح صحيفة صنداي تايمز البريطانية أيادي الدوحة الملطخة بالرشاوى لشراء المونديال الكروي (الحدث الرياضي الأبرز بالعالم)، ومحاولة تنظيمه بطرق مخالفة، وبهدايا مالية ضخمة، تستنزف الاقتصاد القطري، قُدمت من تحت الطاولة، جاء القرار السعودي أمس بفك احتكار قناة بي إن سبورت الرياضية (الذراع الرياضية للجزيرة). وتثبت هذه الضربات الموجعة للإمارة الخليجية "الصغيرة" أن دول المقاطعة عازمة على إبعاد وتطهير الوسط الرياضي من أي أيديولوجيا مذهبية وفكرية، وإيصال رسالة مفادها: "لا يمكن تطويع الرياضة واستخدامها كسلاح لمبارزة كبرى الدول ذات الثقل السياسي والاقتصادي، ومحاولة ابتزازها عبر سبل الاحتكار، ولا يمكن أن يجعل احتكار الكرة من الصغار كبارًا". وباتت "الدوحة" في ورطة كبيرة، ووضعها "حيص بيص"؛ فالفيفا كذلك يهدد بسحب المونديال بسبب عدم توافر البنية التحتية والملاعب التي تستوعب الجماهير الغفيرة؛ ففكرت الدوحة بعد مقاطعتها بإشراك الكويت وعمان في تنظيم المونديال، لكنها فشلت بسبب بُعد المسافة، وصعوبة الدعم اللوجستي من هذين البلدين اللذين لا تربطهما أي حدود برية معها؛ فتفاقمت الأزمة على الدوحة؛ وأصبح مصير تنظيم المونديال ضبابيًّا.. ولا يُعلم؛ فقد يُسحب من بين يدي "تميم" في أي لحظة، فضلاً عن ظروف العمالة التي تسهم في تشييد الملاعب، وما يتعرضون له من انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان، وإدانة المنظمات الحقوقية هذه الممارسات، ووصفها بأنها لا تتماشى مع المواثيق الدولية. ولم تكتفِ "قطر" عبر التاريخ بإطلاق السموم عبر الجزيرة باستضافة الملاحقين والمشردين من الأمصار؛ ليطلقوا سهامهم صوب الرياض، ولم تتورع عن إبراز الإرهابيين المدرجين على قوائم الإرهاب؛ لتخصص لهم مساحات على شاشتها، يهددون استقرار دول المنطقة؛ فاتجهت للرياضة (وسيلة الشعوب للتسلية والترويح)؛ فأحكمت قبضتها عليها؛ لتمرر ما تريد عبرها بتلويث أفكار الرياضيين، خاصة صغار السن، وتشويه سمعة السعودية عبر هذا المنبر الرياضي، خاصة وهي تحتكر البث في كثير من الدول العربية، وتستطيع توجيه جماهير تلك الدول. وبعدما أدركت أن العالم بأسره كشف أن "الجزيرة" موجهة لدعم الجماعات المتطرفة، وشيطنة السعودية، اختارت الرياضة لتوجيه الرسائل المباشرة والضمنية؛ فالدوحة عبر تاريخها ومشاغباتها المستمرة مع الدول لا تتردد بتحويل الخلاف السياسي لصراع رياضي كروي رغم أن الفيفا يحظر تسييس الرياضة على اعتبار أنها وسيلة للتقارب، وميدان للمنافسات الشريفة بعيدًا عن الصراعات السياسية. وما يثبت تسييسها الرياضة هو سخرية بعض "مرتزقتها" من هزيمة المنتخب السعودي أمام روسيا في مونديال 2018، وتمرير بعض الإسقاطات الرياضية اللاأخلاقية في أبشع أوجه التسييس الممنهج، ونقل التجاذبات السياسية إلى الملاعب الرياضية؛ وهو ما يثبت مراهقة "نظام الحمدين"، ويكشف النفس المريضة لمن يقود زمام الأمور في الدوحة، وفشلهم في الخروج من الأزمة السياسية؛ فبعد نجاح "قطر" في تأجيج الإرهاب تفوقت كذلك في تغذية الصراع الكروي الذي يخالف المواثيق الرياضية، لكن الاتحاد السعودي لكرة القدم توعد وقتها بتقديم شكوى رسمية، واليوم تقطف السعودية ثمار صبرها على المحاولات الخبيثة للتسييس الرياضي؛ فجاءت الصفعة موجعة. فالدوحة التي كانت تدخل خزانتها ملايين الدولارات عبر بوابة الرياضة بإجبار المشاهد على دفع رسوم الباقات ستتكبد خسائر ضخمة؛ فقد كشفت صحيفة صنداي تايمز مؤخرًا أن القناة سجلت خسائر غير مسبوقة، وهي غير قادرة على الوفاء بمستحقات الأندية الإنجليزية. وبعد فك الاحتكار اليوم سيستطيع المتابع الرياضي السعودي مشاهدة المباريات، وهذا يثبت كذلك عزم القيادة على توفير المناخ الرياضي الآمن للجماهير السعودية.
مشاركة :