لا يشك اثنان في أن الفنون الأدائية هي مرآة الثقافات وبوابة لاكتشاف عوالم أكثر إلهاماً عبر مطالعة المحتوى الأصلي للعمل الفني، ولولا تلك الفنون لكانت كل روائع الأدب العالمي التي احتضنتها المسارح ودور الأوبرا حبيسة الورق، ولما كان قرأها الملايين من بواطن الكتب واستوطنت وجدان البشرية أجيالا وراء أجيال. منبر إلهام وإشعاع تنوير وتزامناً مع شهر القراءة، فإن صرحاً ثقافياً مثل مسرح دبي أوبرا، يواكب هذا الشهر وحتى آخر العام، بباقة عروض مستقاة من أعمال أدبية عظيمة، تشكل منبر إلهام وإشعاع تنوير للكثيرين، تضيئها على مدار شهر مارس، لتقديم وجبة ترفيه ثقافية للجمهور، تهدف من خلالها إلى تشجيعهم على القراءة، حيث تمنحهم أجنحة للتحليق في فضاء الروايات التي تم تجسيدها بلغة الموسيقى وأناقة الأداء الأوبرالي، لتحرك شغفهم وترفع وتيرة التشويق داخلهم لاقتناء تلك الكتب، وتقليب أوراقها للغوص في تفاصيلها، وعيش تجربة وجدانية بمتعة حسية مضاعفة. شهر القراءة وثالوث الإبداع يمثل الفنّ والموسيقى والأدب ثالوث الإبداع في التاريخ البشري، فكل منها عالم قائم بحدّ ذاته، وحينما تجتمع تمتدّ أواصرها لتشكّل روائع تثري الفكر الإنساني وترتقي به إلى آفاق جديدة. ففي شهر القراءة، نستعرض أبرز العروض الفنية العالمية التي تستضيفها دبي أوبرا، والمستوحاة من كتب وروائع أدبية عالمية، تعبّر عنها فنون الأوبرا والباليه بما هو أبعد من الورق وحبر المطابع. الأميرة النائمة أول عرض يحتضنه مسرح دبي أوبرا هو «الأميرة النائمة» (باليه) يعرض في 26 و 27 أبريل 2019، ثم تأتي رائعة تشايكوفسكي الكلاسيكية «الجميلة النائمة» بأربعة عروض من 26 -27 أبريل بأداء فرقة الباليه الوطنية في أوكرانيا مصحوبة بأوركسترا حية، وتحل لعنةُ جنّية شرّيرة على أميرة جميلة بلمسة واحدة لمنولٍ وتغرقها في سبات عميق مسحور لا يزول تأثيره إلّا بقبلة من أمير. تشكل القصة الكلاسيكية الجميلة النائمة إطاراً لأجمل عروض الباليه الكلاسيكي وأكبرها على الإطلاق، على أنغام موسيقى تشايكوفسكي العذبة الرومانسية. وتناسب هذه التجربة الساحرة جميع الأعمار، وتتسم بأداء فرقة الباليه الوطنية في أوكرانيا مصحوبة بأوركسترا حية وترافقها مجموعة من الأزياء المذهلة والفساتين والشعر المستعار من طراز القرن الثامن عشر لفرقة تضم 42 راقصاً. أسطورة تجمع ثقافتين وتقدم دبي أوبرا لأول مرة في الشرق الأوسط، فرقة شنغهاي أوبرا هاوس في رائعة بوتشيني «توراندو» في بكين القديمة، تعرض 5 إلى 7 سبتمبر 2019، حيث تعلن الأميرة «توراندو»، صاحبة الجمال الآسر والقلب المتحجّر، أنها ستتزوج من الرجل الذي يتمكن من حلّ أحجياتها الثلاث، على أن توقع العقاب الشديد بكلّ من يحاول ويفشل. وهكذا تتدحرج الرؤوس، إلى أن يأتي أمير شجاع وذكي مصمّم على الفوز بيد الأميرة حتى ولو قُتل في سبيل ذلك. وبالفعل، ينجح في حلّ أحجياتها، ولكنه في المقابل يتحدّى الأميرة بأن تحلّ بدورها أحجيته المتمثّلة في معرفة اسمه. فهل يتمكن الحبّ من الوصول إلى قلب الأميرة المنتقمة، فيرقّ قلبها، ويشارك في هذا العرض أكثر من 200 فنان، في أوبرا حيث تتحوّل الأسطورة المتأرجحة بين الثقافتين الشرقية والغربية إلى اختبار في الحب والخوف. وفي هذه الرؤية الجديدة لأوبرا «توراندو» التي تنتجها شنغهاي أوبرا هاوس، يبدو عمل «بوتشيني» مثل طيف يعكس موسيقى القرن العشرين الموشّاة بملامح العصر. تجسيد الرواية موسيقياً الدراما الراقصة «بشائر الربيع» Early Spring هي دراما راقصة معاصرة للمؤلّفة الموسيقية دو ويه، من إخراج وانغ يوان يوان، من أداء فرقة باليه شانغهاي أوبرا هاوس. هذا الإنتاج الأصلي لشانغهاي أوبرا هاوس يرتكز إلى رواية المؤلف الصيني رو شي التي تحمل عنوان «فبراير»، وتدور حول قصة شاب مثقف يواجه التعقيدات الناجمة عن قيم اجتماعية متحجرة كانت تسود أرياف مقاطعتي جانغتسو وتزيجانغ في العشرينيات من القرن الماضي. حيث يضطر الشاب إلى اتخاذ قرار حاسم حين يساء تأويل معاملته الطيبة إزاء إحدى أرملة شابة في قريته، ما يؤدي إلى عواقب مأساوية. ولكي تجعل الموسيقى أكثر عمقاً وتعبيراً عن أحداث القصة، حاولت المؤلفة الموسيقية دو ويه تصوير الشخصيات وكأنها حقيقية، ومن ثم بنت الموسيقى من حولها. أما في ما يتعلق بتصميم ديكورات المسرح، فالعنصر السائد هو الورق وذلك للدلالة على المحور الثقافي. في هذا العرض، كثيرة هي الأشياء التي بقيت مجردة على المسرح، على أمل أن يقوم المشاهدون بتفسيرها كل على طريقته، في محاولة لتقديم الرواية بمنحاها الأصلي وبأمانة، وفي الوقت ذاته فتح آفاق الخيال أمام الجمهور. 70 جائزة عالمية ويقام العرض العالمي «شبح الأوبرا» «فانتوم أوف ذا أوبرا» على مسرح دبي أوبرا، في 16 إلى 30 أكتوبر، وتستضيف «دبي أوبرا» العرض الموسيقي المسرحي الأشهر في العالم «فانتوم أوف ذا أوبرا» للمؤلف «أندرو لويد ويبر» لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط خلال خريف 2019 بالتعاون مع «برودواي إنترتينمت». وحصدت المسرحية الشهيرة أكثر من 70 جائزة عالمية مرموقة، من بينها 7 جوائز «تونيز أون برودواي»، و 4 جوائز «أوليفييه» في مسارح «ويست إند»، كما حققت رقماً قياسياً في 9 يناير عام 2006 كأطول المسرحيات عرضاً على مسرح «برودواي» برصيد 7,486 مرة، متجاوزةً بذلك الرقم القياسي لمسرحية «كاتس». واستمرت المسرحية في تحقيق نجاحها الباهر في 1 يناير 2018، مع إتمامها العرض رقم 13 ألف، كما احتفلت في 24 يناير من العام نفسه بإتمامها 30 عاماً مكللاً بالنجاح على مسرح «برودواي». وتحتل النسخة الأصلية للمسرحية الموقع الأول عالمياً بعد الانتشار الواسع الذي حققته حيث بيع منها ما يزيد على 40 مليون نسخة حول العالم. «شبح الأوبرا» تدور أحداث المسرحية، المأخوذة عن رواية «شبح الأوبرا» للكاتب جاستون ليرو، حول موسيقي عبقري مشوّه يلقب بالشبح ويتخذ من قبو دار الأوبرا في باريس مسكناً له. ويقع الشبح في غرام مغنية السوبرانو كريستين، مفتوناً بموهبتها وجمالها، ويسعى إلى حمايتها محاولاً اجتذابها لتبادله المشاعر. وعند اكتشافه علاقتها مع شاب يدعى راؤول، يبدأ هوسه بالتعاظم وتسيطر عليه الغيرة والجنون والعشق لتأخذ الأحداث منحى دراميا مؤثرا.
مشاركة :