نحن نحب سكوت جالواي أستاذ التسويق النابض بالحياة في كلية شترن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك، فالرجل يحمل آراء مهمة وحادة في مجال التكنولوجيا والإعلام والتمويل. وهو لا يخشى مشاركتها. لقد كان حاضرا ذات مرة في "ألفا تشات"، وهذه أيضا سمة أخرى. كل عام ينشر جالواي أهم توقعاته للعام، التي تراوح بين حد السخرية إلى الفضول. وغالبا ما تكون صحيحة أيضا. على سبيل المثال، في عام 2017، قال إن شركة أمازون ستشتري شركة هول فودز. من خلال قراءة قائمة عام 2019، فإن أحد توقعاته المعقولة ظاهريا تبدو غريبة بالنسبة لنا: يعتقد جالواي أن شركة أمازون ستفصل أعمال "أمازون ويب"، أي أعمال الحوسبة السحابية فيها. حتى نكون منصفين، حجة جالواي جيدة جدا. يعتقد أن مكافحة الاحتكار زاحفة نحو شركات التكنولوجيا الكبيرة، والرئيس التنفيذي جيف بيزوس يريد أن يسبق وزارة العدل. من خلال فصل شركة الخدمات السحابية المربحة للغاية في شركة أمازون، لن يعمل بيزوس على استرضاء السلطات فحسب، بل سينتهي به الأمر أيضا إلى إنشاء واحدة من أكثر عشر شركات أهمية في العالم. هناك طرق قليلة للاستثمار في شركة خدمات سحابية صافية بعد استحواذ آي بي إم على شركة ريد هات مقابل 34 مليار دولار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. نعم هي حجة أنيقة، كما نرى. وجالواي ينسجها بحماس بحيث يكون من الصعب ألا نشعر أنها صحيحة. على أن فيها مشكلة كبيرة واحدة، فهي تؤدي إلى تهميش التكافل المالي بين أعمال التجزئة في شركة أمازون، وذراع الخدمات السحابية التي تحركها إلى مستويات مرتفعة تسبب الدوار منذ الأزمة المالية. لذلك سيكون من الصعب التخلي عنها. عندما كانت شركة أمازون متجر تجزئة على الإنترنت فحسب، واجهت المشكلة نفسها التي تواجهها معظم شركات التجزئة: هوامش الأرباح ضئيلة. من عملية الاكتتاب العام الأولي في عام 1997 إلى إطلاق أعمال خدمات أمازون ويب في عام 2006، فإن هوامش أرباحها التشغيلية لم تتجاوز 6 في المائة إلا مرة واحدة، وذلك وفقا لبيانات من "ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو". هوامش الأرباح الصغيرة حدت من قدرة شركة أمازون على توسيع قسم الأبحاث والتطوير والقوة العاملة بشكل أسرع من الإيرادات، بغض النظر عن السرعة التي كانت تنمو بها. الانخفاض نحو الخسائر لم يكن موضع ترحيب في بورصة وول ستريت، حتى وإن كان استيعاب هذه التكاليف قد يعني نموا أسرع في المستقبل. شركة أمازون لديها سلاح سري واحد: حركتها النقدية. بفضل رفعها المالي على الموردين الذين تتعامل معهم، وكفاءتها في تحصيل المدفوعات من الزبائن، تولد شركة أمازون كثيرا من النقدية. من عام 1997 حتى عام 2007، حققت ما يصل إلى 3.6 مليار دولار من التدفق النقدي التشغيلي، مقابل 877 مليون دولار كأرباح تشغيلية، وذلك وفقا لـ"ستاندرد آد بورز كابيتال آي كيو". وكان لا بد من إعادة استثمار هذه النقود، أو تمريرها إلى المساهمين. شركة أمازون التي لا تزال في وضع النمو، اختارت الخيار الأول من خلال إعادة الدولارات إلى النفقات الرأسمالية، للمساعدة على بناء شبكة التوزيع وتشغيل الموقع الإلكتروني. كما أن الاستهلاك والإطفاء من هذه الاستثمارات كان لا بد من تمريره عبر بيان الأرباح والخسائر، لحماية هوامش الأرباح. مع ذلك، فإن هذا المزيج من الأرباح المنخفضة، والتدفقات النقدية المرتفعة، لم يتعامل مع التهديد الوجودي الواضح لشركة أمازون: الطابع الدوري لأعمالها. تعرضها لألم المستهلكين الموعود في الانخفاض التالي بسبب ارتفاع التكاليف الثابتة للحصول على البضائع وتسليمها. كانت بحاجة إلى التنويع. أعمال خدمات أمازون ويب، التي أطلقت في عام 2006 كانت المنتج الذي ينتظره بيزوس. الأعمال، التي كانت توفر الصيانة الإلكترونية لمجموعة من الخدمات الرقمية مثل شركتي نيتفليكس ومونزو، لم تكن أقل انفصالا عن تقلبات النفقات الاستهلاكية، إلا أنها أيضا كانت بمنزلة ظل محاسبي لأعمال التجزئة الأساسية في شركة أمازون. بعبارة أخرى، كانت تؤدي إلى هامش ربح مرتفع، إلا أنه من المحتمل، ويجب أن نؤكد أنه تدفق نقدي سلبي. دعونا نتوسع في هذه النقطة. تم تفصيل أعمال خدمات أمازون ويب أول مرة في بيانات شركة أمازون المالية في الربع الأول من عام 2015، ووفقا للبيانات المقدمة إلى الأجهزة التنظيمية، بلغ متوسط هوامش أرباحها التشغيلية 23 في المائة منذ عام 2013. أعمال شركة أمازون في أمريكا الشمالية والعالم، التي تغطي مختلف عروضها لتجارة التجزئة، بما في ذلك "برايم" ومبيعات الأجهزة، تمكنت من تحقيق هوامش أرباح تشغيلية بنسبة 1.5 في المائة خلال فترة الأعوام الستة نفسها. بافتراض أن هوامش الأرباح هذه كانت ثابتة إلى حد ما قبل الكشف المالي الكبير لأعمال خدمات أمازون ويب، فإن هذه المساحة الكبيرة لتحقيق أرباح إضافية ساعدت شركة أمازون على زيادة تكاليف قسم الأبحاث والتطوير بمعدل أسرع من ذي قبل. على سبيل المثال، من عام 2001 حتى عام 2009، توسع إنفاق شركة أمازون على البحث والتطوير بمعدل سنوي بلغ 19 في المائة، وذلك وفقا لوكالة ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو. من عام 2010 حتى العام الماضي، كان الرقم 42 في المائة. ليس من الظلم التكهن أنه من دون أعمال خدمات أمازون ويب، فإن الرهانات على منتجات مثل هاتف فاير، وأمازون إيكو، وأليكسا وبرايم فيديو لم تكن لتكون كبيرة بهذا القدر، أو حتى ممكنة. مع ذلك، فإن أعمال خدمات أمازون ويب تتطلب أيضا نقدية متينة لتغذية توسعها. مراكز البيانات، بما يترتب عليها من تكلفة ثابتة كبيرة للتبريد والأجهزة والبناء، ليست رخيصة. أحدث تقرير 10-K قدمته شركة أمازون يشير إلى هذا القدر، حيث يكشف التالي: النفقات الرأسمالية في المقام الأول هي دلالة على قدرة إضافية لدعم عمليات التنفيذ والاستثمارات لضمان استمرار نمو الأعمال في البنية التحتية التكنولوجية، ومعظمها لدعم أعمال خدمات أمازون ويب، في حين أننا لا نعرف مزيج النفقات الرأسمالية بين البنية التحتية للتجزئة وخدمات أمازون ويب، إلا أنه ليس من الفظيع الإشارة إلى أن النفقات الرأسمالية بقيمة 13.4 مليار دولار التي أنفقتها شركة أمازون في عام 2018، كانت مدفوعة بأعمال خدمات أمازون ويب. في الواقع، تسارع النفقات الرأسمالية منذ عام 2010 أمر رائع. في الأعوام المالية التسعة من عام 2001 وحتى عام 2009، توسعت النفقات الرأسمالية في شركة أمازون بمعدل سنوي بلغ 25 في المائة. في الأعوام التسعة الماضية، هذا النمو زاد بأكثر من الضعف إلى 57 في المائة، وذلك وفقا لوكالة ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو. مع ذلك، بفضل طبيعة النقود التوليدية لأعمال التجزئة فيها، وجرعة كبيرة من تعويض الأسهم، كانت شركة أمازون قادرة على دعم نمو أعمال خدمات أمازون ويب المتعطشة للدولارات، من دون دعم مفرط من أسواق رأس المال. في المقابل، عملت أعمال خدمات أمازون ويب على توسيع المساحة المتاحة للإنفاق على الأبحاث والتطوير، ما ساعد شركة أمازون على استكشاف مفهوم الأجهزة والصوت وغيرها من مفاهيم تجارة التجزئة الجديدة. بعبارة أخرى، ما يعني المساعدة على إعداد الأعمال للنمو في المستقبل. جالواي نفسه اعترف إلى حد ما بهذا المزيج الدقيق، حيث قال إن أعمال خدمات أمازون ويب ستكون أكثر قيمة من دون دعمها لشركة أمازون. كما أشار أيضا إلى التكلفة المنخفضة لرأس المال في شركة أمازون باعتبارها واحدة من مزاياها التنافسية الرئيسة. من دون هذا المصدر الفريد من الدولارات، يشير جالواي إلى أن من العدل القول إن أعمال خدمات أمازون ويب قد لا تكون تنافسية للغاية، وبالتالي جذابة للمستثمرين. الشركات التي تعتمد على لطف أسواق المال غالبا ما تحمل تقييما أقل أيضا، على الرغم من أنه في هذه الدورة، ليس كثيرا. باختصار، أعمال التجزئة في شركة أمازون قد لا تبدو قوية إلى هذا الحد، إذا شعرت بالإرهاق من تسارع تكاليف الأبحاث والتطوير المدعومة من أرباح أعمال خدمات أمازون ويب. بالطبع، ألفافيل قد تكون مخطئة في هذا الشأن. جالواي له مكانته، وبيزوس أظهر أنه ليس خائفا من التلاعب بالسياسة لمصلحته. السؤال هو: ما الأسوأ بالنسبة لشركة أمازون – فترة طويلة محتملة من تدقيق مكافحة الاحتكار، يخففها فريق جيد من المحامين ومجموعات الضغط؟ أم انتزاع واحدة من أهم أصولها من النظام البيئي التجاري؟ بالنسبة لبيزوس، نراهن على أنه الخيار الأخير.
مشاركة :