هل لدى الجيش العراقي المعدات المناسبة للانتصار في المعركة التي يعلم الجميع أنها قادمة لا محالة وهل يمكن لهذا الجيش أن يتعامل بشكل صحيح مع الفوضى التي تعمّ بعد المعركة؟ في التاسع عشر من فبراير قام مسؤول كبير في القيادة العسكرية المركزية الأمريكية بتسريب تفاصيل حول الهجوم العسكري المتوقع بشكل كبير على نحو واسع في العالم العربي وهو المعركة المرتقبة لاستعادة مدينة الموصل من قبضة داعش. وقال ذلك المسؤول عن العمليات القتالية يمكن أن تبدأ في ابريل او مايو وستضم حوالى 25 ألفًا من الجنود العراقيين والأكراد. والنقاش الذى أتى عقب هذا التصريح ركّز على الحكمة والمنطق من وراء التصريح بخطط المعركة وججرى نقاش إلى حدّ ما حول جدوى الزمن المقترح للمعركة. لكن النقاش امتد للحديث عن كيفية تحرير الموصل وضمان استقرارها على المدى الطويل؟ فإن تم تحرير الموصل من قبضة داعش لتسقط في أيديهم من جديد بعد شهور من العملية العسكرية فما الجدوى منها؟ وماذا لو تشظّت الموصل ووقعت في أسر أمراء الحرب بما يقود لحرب أهلية مشابهة لما تمّ في بيروت أو مشابهة لما يجري حاليًا في العاصمة الليبية طرابلس؟ يجب تقصّي الحقائق حول الموصل قبل المعركة لأن بيئتها لا تشبه مثيلاتها في مناطق العراق الأخرى. الموصل بعيدة عن العاصمة بغداد من الناحيتين المكانية والثقافية على مسافة مائتي ميل عن بغداد ومائة ميل إلى الشمال من أقرب قاعدة عسكرية في بيجي. الموصل ثاني اكبر المدن العراقية من حيث السكان وبها أكثر من مليون نسمة بقليل ومساحتها نصف مساحة بغداد لكنها تفوق مساحة البصرة ثالث المدن العراقية مرتين وبالموصل خليط من التكوينات الدينية والعرقية وكان بها غالبية من العرب السنيين حوالي 65% بناء على معلومات عن المدينة أيام الانتخابات السابقة قبل الرابع عشر من يونيو 2014 وهو تاريخ احتلالها من قبل مقاتلي داعش . وبالمدينة أكراد وتركمانيون وأشوريون ومجموعات إثنية أخرى. وتشكل هذه المجموعات جميعها ربع سكان المدينة. ستهاجم القوات العراقية مدينة يوجد معظم سكانها بها، بخلاف الفلوجة وتكريت إذ أن داعش ابتكرت نظامًا لإبقاء سكان الموصل بها يسمى نظام الضمان حيث يطلب من كل مسافر من المدينة تقديم ثلاثة ضامنين يتم إنزال أشد العقوبات بهم إن لم يعد المسافر. لهذه العوامل فإن تحرير الموصل سيشكل تحديًا كبيرًا للحكومة العراقية وحلفائها الدوليين ومن المستعبد أن يتم تحرير الموصل في التوقيت الذي تسرّب من القيادة المركزية الأمريكية.
مشاركة :